تحوّلت مدينة بيت لحم في الاسبوعين الاخيرين الى ورشة عمل مفتوحة استعدادا لاستقبال البابا بنديكت السادس عشر: تعبيد الشوارع، وترميم واعادة بناء ارصفة، وتنظيف جدران، وانارة شوارع وساحات عامة، وتهيئة ساحة كنيسة المهد. واعدت المدينة التي شهدت مولد السيد المسيح عليه السلام، مفاجأة خاصة للبابا، اذ قال رئيس البلدية فكتور بطارسة ل «الحياة» ان الهدية ستكون «مفاجأة كبيرة». ورفض كشف طبيعة الهدية كي لا يفسد المفاجأة، الا انه قال انها «هدية دينية وتاريخية كبيرة». ومن المقرر ان يصل البابا الى الاراضي المقدسة في 11 الشهر المقبل في زيارة تستغرق ثلاثة ايام، تشمل القدس وبيت لحم والناصرة. ويخصص يوم الثالث عشر لمدينة بيت لحم حيث يترأس قداسا خاصا في كنيسة المهد التي شهدت مولد المسيح عليه السلام. وفي بيت لحم، أُعدت لقداسته زيارة شديدة الرمزية لمخيم عايدة للاجئين المحاط بجدار العزل لفصله عن مدينة القدس المجاورة. وتجري اقامة منصة خاصة ملاصقة للجدار لاستقبال البابا. وفي محاولة لإبعاد هذه الرمزية الكبيرة عن الزيارة التاريخية للبابا، لجأت السلطات الاسرائيلية امس الى اصدار امر بوقف العمل في المنصة التي ستُظهر للبابا الجدار الفاصل الذي يعزل مدينة القدس عن بيت لحم. وقال المسؤول الاعلامي للجنة استقبال البابا في مخيم عايدة منجد جادو ان دوريات للجيش دهمت المخيم في ساعات الصباح، وطلب الجنود من العمال وقف العمل في المنصة. وبررت السلطات منع العمل في منصة استقبال البابا في المخيم بالقول ان العمل فيها يجري في منطقة (ج) الخاضعة للسيطرة الامنية الاسرائيلية. لكن اهالي بيت لحم يدركون ان الخطوة تهدف الى منع اظهار صور للبابا ومعه جدار الفصل الذي يراه العالم جدارا للفصل العنصري. ورأى محافظ بيت لحم صلاح التعمري في الاجراء الاسرائيلي «دليلا واضحا على سعي اسرائيل الى وضع العراقيل امام زيارة البابا لبيت لحم ومخيم عايدة لمنع فضح ممارساتهم القمعية بحق الشعب الفلسطيني». واضاف: «المخيم والجدار يعكسان مأساة الشعب الفلسطيني الناجمة عن الاحتلال منذ اليوم الاول للنكبة، لذلك تريد اسرائيل ان تلغي هذه الفقرة من زيارة البابا حتى لا يُسلط عليها الضوء، خصوصا ان الزيارة تترافق مع حضور كبير لوسائل الاعلام الغربية». لكن القائمين على زيارة البابا للمخيم يؤكدون انهم ماضون في اقامة منصة الاستقبال بمحاذاة الجدار لإظهار معاناة الشعب الفلسطيني من الفصل والعزل واللجوء. وقال عضو لجنة استقبال البابا في المخيم النائب عن حركة «فتح» عيسى قراقع: «مستمرون في التجهيز لزيارة البابا، ولن تخيفنا التهديدات الاسرائيلية». واضاف: «ابناء المخيم على استعداد لاستقبال قداسة البابا في قلوبهم وبيوتهم، والاجراءات الاسرائيلية لن تثنيهم عن الاستمرار في عملهم الهادف الى انجاح الزيارة التاريخية لقداسته لفلسطين». ويعلق الفلسطينيون اهمية كبيرة على المغزى السياسي لزيارة البابا للاراضي الفلسطينية. وقال سفير فلسطين لدى حاضرة الفاتيكان شوقي أرملي: «ستكون لهذه الزيارة اهمية سياسية ودينية وتاريخية». واضاف: «زيارة البابا مهمة جدا للشعب الفلسطيني ولعملية السلام في الشرق الأوسط، وهي بصيص أمل وعامل مساعد مهم جدا من أجل التعايش والسلام العادل». وانعشت مناسبة قدوم البابا القطاع السياحي في المدينة، وظهرت مبادرات فردية وجماعية عديدة لإظهار حفاوة خاصة لاستقباله، ومنها مبادرة الفنان ياسر محمد صايمة كتابة مخطوطة «إنجيل لوقا» بخط اليد لتقديمها إلى البابا. وقال صايمة انه طرح الفكرة على بلدية بيت لحم التي وافقت عليها «لما لها من قيمة فنية عالية ومضمون كبير». واضاف: «المخطوطة ستكون مميزة كونها تكتب للمرة الأولى بخط اليد، وبالتالي ستكون سابقة من الشعب الفلسطيني». وتتألف المخطوطة التي شارفت على الانتهاء من 65 صفحة بمساحة 55 - 75 سنتميترا لكل صفحة. وتتناول المخطوطة مسيرة المسيح منذ الميلاد، وتتطرق لمدينة بيت لحم وقصة الميلاد. وتشمل ايضا رسومات للسيدة مريم العذراء والسيد المسيح، الى جانب نص كتابي استوحاه الفنان من النص المكتوب. وقال صايمة انه يكتب المخطوطة بخط الرقعة. واستغرقت كتابة المخطوطة نحو أكثر من شهر ونصف الشهر، علما ان لصايمة خبرة في كتابة المخطوطات الدينية يدوياً، اذ نسخ المصحف الشريف مرتين.