ليس غريبا أن تضم قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية ثلاثة من أفلام سعيد مرزوق («زوجتي والكلب»، «أريد حلاً» و»المذنبون»). والفضل يعود في ذلك تحديداً الى أن مرزوق عرف كيف يتبني أسلوباً جديداً متمرداً على السينما السائدة وقتها ما جعله صاحب مدرسة التجديد في الإخراج السينمائي. هذا ما ذكره الناقد السينمائي مجدي الطيب في كتابه «سعيد مرزوق...فيلسوف الصورة» الذي صدر عن صندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة ضمن مطبوعات المهرجان القومي للسينما المصرية. يرى الناقد مجدي الطيب أنه «كان في مقدور سعيد مرزوق (1940- 2014) لو لم يكن مخرجاً موهوباً وصاحب أسلوب فني متفرد وشخصية مستقلة تبحث عن التجديد والابتكار، أن يقدم فيلماً تقليدياً في تجربته الروائية الطويلة الأولى - زوجتي والكلب 1971- وكان يستطيع أن يتذرع بأن الفيلم الأول هو بمثابة جواز السفر الذي يتيح له ارتكاب ما يشاء من أخطاء «التجربة الأولى»، و«بطاقة التعارف» التي تبرر تقديم التنازلات وفروض الطاعة التي تقنع المنتجين بأنه قادر على أن يوظف كل ما هو مبتذل ورخيص ليصنع فيلمه الأول. النشأة والتكوين ولد سعيد مرزوق، كما يفيدنا صاحب الكتاب، في العام 1940 في حي الهرم في محافظة الجيزة وتربى في أسرة فقيرة وتحمل عبء المسؤولية في سن صغيرة نتيجة موت والده، وذلك لإعاشة والدته وإخواته الأربعة. وتفتحت عيناه على السينما وهو في سن الثانية عشرة، فقد كان منزله ملاصقاً لأستوديو مصر، وأبهره هذا العالم الغريب بكل مواصفاته، فكانت تلك هي نقطة البداية الحقيقية. ولم يدرس سعيد مرزوق السينما على يد أحد، ولم يكن من خريجي أحد المعاهد السينمائية إنما كانت السينما نفسها هي مدرسته، حيث اعتمد على قراءاته فقط في تنمية موهبته واهتماماته السينمائية. بدأ مرزوق حياته المهنية بالعمل في الإذاعة الأوروبية، إذ كان مهتماً أيضاً بالموسيقى وقام بإعداد البرامج الموسيقية هناك، ومن ثم انتقل للعمل بالتلفزيون المصري، فأخرج أول فيلم تسجيلي له (أنشودة السلام) 1966، ثم كتب وأخرج فيلم (أعداء الحرية)1967، الذي شارك به في مهرجان «ليبزغ» الألماني، وحصل على الجائزة الثانية في هذا المهرجان. ثم تلاه بفيلم «الطبول» 1969 الذي نال عنه جائزة الدولة في الإخراج والتصوير والمونتاج في ذلك العام. ثم توالت أفلامه التسجيلية بعد ذلك ومنها «دموع السلام» 1970 - «الطريق إلى النصر» 1972 - و«الكرنك..همسة الزمن في المدينة ذات المئة باب» 1972. أما فيلمه «أغنية الموت» 1973 فهو عمل روائي قصير عن قصة توفيق الحكيم وحوار عبدالرحمن الأبنودي وبطولة فاتن حمامة وعبد العزيز مخيون. كما قام أيضاً بكتابة معظم سيناريوات أفلامه السينمائية. كذلك قام بإخراج أول مسلسل تلفزيوني لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة («حكاية وراء كل باب» 1977) الذي كان عبارة عن أربعة أفلام قصيرة هي «أريد أن اقتل» و«ضيف على العشاء» و«النائبة المحترمة» و«موقف مجنون». وإذ يسهب الطيب في هذا يضيف: «كان ثاني أفلام مرزوق الروائية الطويلة فيلم «الخوف» 1972 وبعده «أريد حلاً» 1975 أما فيلمه الرابع فكان «المذنبون» 1976 الذي جمع فيه أكثر من ثلاثين نجماً ونجمة وعلى رغم نجاح هذا الفيلم فنياً وسينمائياً إلا أنه ووجه بمتاعب رسمية كثيرة وتسبب في ضجة كبيرة وقت عرضه لمحاولته كشف مظاهر الفساد في المجتمع المصري المعاصر وتمت إقالة مدير الرقابة على المصنفات الفنية بسببه... ثم كانت على التوالي أفلامه المتتالية «إنقاذ ما يمكن إنقاذه» 1985 و «أيام الرعب» 1988 و «المغتصبون» 1989 «والدكتورة منال ترقص»1991 وفيلم «آي آي» 1992 و«هدى ومعالي الوزير» 1995 و«السلاحف» 1996 و«المرأة والساطور» 1997 و«جنون الحياة» 1999 وأخيرا «قصاقيص العشاق» 2003». ويختتم مجدي الطيب صفحات كتابه قائلاً: «كتب سعيد مرزوق معظم قصص وسيناريوات أفلامه بنظرة أدبية وفكر مختلف ورؤية سينمائية مغايرة للمألوف، كما قام أيضاً بتصميم ملصقات بعض هذه الأفلام ولا سيما منها «المذنبون، وأريد حلا».