لا تعتذروا أيها المهتمون بالمشهد الذي يُراد ترسيخ صوره في أذهان طلبتهم وعلى حيطان بيوتنا الآمنة، فالمتطرفون في بلادهم كثيرة أعدادهم، وليس عندنا منهم ولله الحمد إلا من يريد الرحيل إلى غياهب المجهول. لقد كتبوا المقالات المطولة وعقدوا الندوات المتواصلة... وبرمجوا الإعلام الذي لا ينتهي إلا بإقناع الكثيرين منهم ومن غيرهم أيضاً، ولتكن أذهان المتلقين دائماً على استعداد أن تُلبس العرب وحدهم قمصان التطرف! لقد أدعوا دائماً أن العرب وحدهم يملكون أدمغة متطرفة، بينما ينسون، أو في الحقيقة، أو لا يريدون أن يعترفوا بأن هناك في بلدانهم تقع بحيرات التطرف، وتصب شلالات تطرفهم في أعصاب أناس يفقدون الأمل كلما رأوا أن هناك من يتألم وهناك من لا يريد أن يرى الجراح! أنا لست متطرفة ولا أولادي ولا أحبابي، ولله الحمد والمنة، ولكني لا أريد أن يلصق بي وبمجتمعي العربي التطرف، ذلك الذي بدأنا نلمسه كلما أردنا السفر خارج هذا الوطن الحبيب. مؤلم جداً أن يصبح خطابنا الإعلامي والثقافي الموجه للداخل والخارج اعتذارياً، لدرجة أننا بدأنا نلمس أن فكرة الإرهاب إسلامية بحتة مع من نلتقيهم من الأفراد العاديين، الذين أشبعوا بالفكرة الرهيبة التي تنطلق لهم دائماً على طبق من صفيح ساخن اسمه: صوت اعتذاري. لقد أصبح خطابنا الإعلامي اعتذارياً من الدرجة الممتازة، وكأننا مَن خلق الإرهاب وكساه أسلحة وكذباً! لقد سقط الكثير من كتّابنا في أحبولة الإرهاب التي وسمنا بها الإعلام الغربي ومن يديره باقتدار بهتاناً وعفونة، حتى أصبح بعض أولئك الكتّاب أكثر سخونة من أولئك المخططين لما يبث من برمجة عصية على التدقيق في فحواها الرهيب. أنا لست إرهابية ولا أولادي ولا أحبابي، ولله الحمد، وأكره الإرهاب والإرهابيين في كل مكان ومن أي جنس، ولكني لن أصبح اعتذارية بالمطلق، ولن اعتذر كلما أعلن عن حادثة ليست لي صلة بها إلا أن يكون مرتكبها من الدين نفسه الذي أومن به! إن الإرهاب ليس من ديني ولا في جيناتي المسلمة التي جعلوا منها إرهابية في إعلامهم وفي خططهم التي أرادوا بها إخافتي. لقد أصبح السائح العربي يتجنب البلدان الغربية خوفاً من مطاراتهم التي يشعر حين الوصول إليها بأن هناك كلاباً وعيوناً وقحة تراقبه، وأصبح رجل الأعمال لا يأمن على تجارته وعلى أمواله في مصارفهم، وأقول له في هذه الحال لا تعتذر أيها المسلم أو العربي، على وجه الخصوص أبداً، ولا تترك الآخرين يعتذرون عنك، بل أبحث عن جهات أخرى لتكون بديلاً عما يكدر صفوك في التجارة والإقامة. لقد أرسلنا لهم فلذات أكبادنا وأمددناهم بأموال وتعاون ولكنهم يأبون إلا اتهام بلداننا بالإرهاب الذي نحن بعيدون عنه، وإن حدثت حالات إرهابية من بعض أبناء المسلمين فلديهم من أبناء جلدتهم من هو أكثر إرهاباً وتقتيلاً. لقد صنعوا الإرهاب في بلدانهم بكل الأشكال، وصدّروه إلى كل مكان، وأسموه بكل الأسماء التي تروق لهم، ولكنهم أبداً لم يعلنوا دينه ودين مرتكبيه! وعندما يأتي أحد من الشرق العربي ويدخل تلك المتاهة، هنا يصبح لزاماً في الإعلام المبرمج أن يعلن عن دينه وطائفته التي تحتويه!! العالم يضج بالإرهاب والإرهابيين، وفي إسرائيل واحته ومعلموه الكبار الذين لا ينجو منهم إنسان اصطادوه أو بنياناً رغبوه، ولا أحد هناك يعتذر أو يستتر... هم لا يستترون أو يخجلون، فماذا يعني أن تقوم القيامة، لأن إيران تريد أن تستخدم الذرة، بينما لا أحد يناقش وجود ترسانة من القنابل الذرية في الأرض المحتلة؟ إنهم لا يستترون ونحن مطلوب منا أن نعتذر، لأنهم قالوا إن الإرهاب صناعة مسلمة، بينما هي صناعة رديئة تُصدر إلينا! لقد فقدوا صدقيتهم بعد أن درس المشاهد كل واعٍ وأنا أحتفظ بشموخي ولن أفرط به.