عكست النتائج الفصلية للمصارف السعودية قوتها في مواجهة أزمة المال العالمية، إذ أكدت - وكان آخرها مصرف الرياض - أنها لم تتأثر بالأزمة، بل كان أداؤها جيداً، على ما أعلن اقتصاديون ومحللون ماليون تحدثت إليهم «الحياة». وأشاروا إلى دور مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في تحقيق هذه النتائج، وبلغت أرباح المصارف في الربع الأول من هذا العام نحو بليوني دولار. وأوضح العضو في جمعية الاقتصاد السعودية المشرف على الاستثمار في أحد المصارف عبدالحميد العمري أن «توقعاتنا عن المصرف جاءت أفضل من أخرى سابقة، كانت شديدة التحفظ ومتشائمة أحياناً، إذ لاحظنا قربها الشديد من نتائج الربع الأول من 2008». ولاحظ أن «الانخفاض في التمويل واضح، ما زاد نسبياً السيولة المتوافرة للمصارف، وتراجع إقراض الأفراد 31 في المئة، فيما اعتمدت المصارف على إقراض المؤسسات والشركات النامي بنحو 27 في المئة العام الماضي، ووصل في الربع الاول من هذا العام إلى 20 في المئة». وعن تأثير الأزمة على القطاع، أكد العمري أن القطاع المصرفي «يعيش في مأمن من الأزمة العالمية»، عازياً ذلك إلى «عدم وجود محافظ للمصارف السعودية في الخارج، إذ لا تتجاوز نسبتها 12 في المئة من الأصول الإجمالية، وتضرر دول الخليج جاء من وجود نسبة من أصولها في الخارج تصل إلى 45 في المئة، ما يؤشر إلى حرص المصارف السعودية وتحفظها عموماً». واعتبر أن «انخفاض قيمة التداولات في سوق الأسهم أثر في المصارف من خلال شركات الاستثمار التي تملكها بالكامل، إذ تشير إحصاءات رسمية إلى تراجع قيمة تعاملات السوق نحو 23 في المئة، ما يمثل مصدر دخل كبير للمصارف». وتوقع العمري أن يحافظ القطاع في الفترة المقبلة على قوته، ما «سيساهم في دعم سوق الأسهم، خصوصاً إذا علمنا أن 90 في المئة من أسعار الشركات في القطاع المصرفي في سوق الأسهم أقل من قيمتها العادلة». ورأى المحلل المالي تركي فدعق في حديث إلى «الحياة»، أن نتائج المصارف للربع الأول «جاءت متفاوتة، فبعضها فقط حقق أرباحاً، في ظل اختلاف نماذج عمل المصارف». وقال: كان يُفترض أن تتشجع المصارف على الإقراض، عندما خفضت «ساما» الفائدة، لكن ما حدث هو إحجام المصارف على خفض الفائدة على الإقراض، ما يعني أن الأموال ستتكدس في المصارف، وهذا لا يتماشى مع السياسات النقدية، ولم ينعكس على المقترضين ولا على الاقتصاد». وعن توقعاته لأداء المصارف حتى نهاية العام الحالي، رجح فدعق، أن «تستمر المصارف في الحفاظ على معدل نمو قوي، بل ستكون هي الأفضل في الشرق الأوسط لجهة معدلات النمو، ويندرج ذلك في ظل نمو الاقتصاد وزيادة عدد المشاريع، تحديداً في البنية التحتية التي تنفذها الدولة». واعتبر مستشار مصرفي في أحد المصارف أن أوضاع المصارف في السعودية عموماً «أفضل بكثير من تخوف الناس»، ولاحظ «عدم تأثرها بالأزمة العالمية حتى الآن»، وأعلن أن «نتائج بعض المصارف مثل «سامبا» و «الراجحي» تبشر بالخير». وتوقع أن «تزيد عمليات الإقراض في الفترة المقبلة»، مشيراً إلى أن «عمليات الإقراض لدى بنك الرياض مثلاً ازدادت 41.4 في المئة». ولم يستبعد أن «تلجأ المصارف خلال الفترة المقبلة إلى إعطاء أسهم منحة لكي تحافظ على أكبر قدر من السيولة، ما يساعدها على الاستمرار في عمليات الإقراض وزيادتها، وستتضح الصورة مع نهاية العام، ويتبين ما إذا كانت ستعمد إلى توزيع أرباح نقدية أم أسهم منحة».