دمشق - أ ف ب - العرض الغنائي الراقص «الإلياذة الكنعانية» الذي قدم على مسرح دار الأوبرا السورية في ختام فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية، كأنما يريد أن يقول كل شيء عن الفلسطينيين منذ بداية نشوء الحضارة في أرض كنعان، كما حدد كتيب الحفلة، الى نشوء ثورتهم المسلحة في ستينات القرن الماضي. أراد العرض وهو رؤية وإخراج ناصر إبراهيم أن يلخص كل عصر برقصة تعبيرية. من صور البحارة الكنعانيين ومذبحة أريحا التي «تعبر عن فظاعة جرائم يشوع بن نون في مدينة أريحا» كما يلخص الدليل، وصلب المسيح والفتح الإسلامي لفلسطين و«العهدة العمرية على سكان إيليا» التي تتعهد بالتعايش السلمي بين الأديان في فلسطين، ونهاية الحكم الصليبي ودخول صلاح الدين الى القدس، الى مشهد دخول الجنرال اللنبي لفلسطين وصولاً الى النكبة واقتلاع الفلسطينيين وتهجيرهم ومن ثم الثورة. وتترافق المراحل الأخيرة بأغان متداولة من التراث الشعبي الفلسطيني «يما مويل الهوا» و «جفرا» و «سبل عيونه» وسواها. وإذا كان الفارق واضحاً على المستوى الأسلوبي بين الرقصات الأولى في بداية العرض التي قدمت بلباس البحارة والصيادين والنوارس، والأخيرة التي قدمت بالزي الفلسطيني الفلاحي المطرز فان صوتاً واحداً راح يلم أجزاء العرض، هو صوت الشاعر الفلسطيني محمود درويش. فقد استعار العرض من قصائد تنتمي إلى أوقات مختلفة من مأساة الفلسطينيين، من «قصيدة الأرض» الى «ولدت قرب البحر من أم فلسطينية وأب آرامي...»، ليبلغ الأمر ذروته مع لوحة الجدار التعبيرية، حيث متدينون يهود يؤدون الصلاة أمام حائط المبكى فيما صوت محمود درويش يردد قصيدته الشهيرة «عابرون في كلام عابر» التي أثارت عاصفة من الجدل على الجانب الإسرائيلي حين أطلقها الشاعر. الإعلامية رنا ديب لم تجد رابطاً بين فقرات العمل «انها أغنيات كل على حده»، مضيفة: «لقد حاول صناع العرض الاعتماد على قصائد محمود درويش، وعدد من الأغاني الناجحة لتشكل رافعة له لكنها مع ذلك لم تستطع» تحقيق ذلك. واستغربت «لماذا هذه العودة دائماً الى أغاني الرحابنة، كأن الإبداع توقف عندهم». وتضمن العمل ثلاث أغنيات من تراث الأخوين رحباني هي «وقوفاً أيها المشردون» و «لمعت أبواق الثورة» و «طلعنا على الضو». ولفتت ديب الى أن «العمل عرض راقص، ويفترض أن يكون الإمتاع والإدهاش في عنصر الرقص، لكن لا يبدو أن لدى الراقصين أنفسهم الحرفة والمهارة اللازمة». وقد أيد موسيقي فضل عدم ذكر اسمه هذه النقطة بالذات بقوله: «لم أدهش، لو كنا نبحث عن تاريخ فلسطين فان الكتب أوفر». لكن ما لفت الموسيقي أكثر هو غياب النص الذي كتبه محمود عبد الكريم، «فالأشعار لمحمود درويش والأغنيات إما للرحابنة أو من التراث، فما الذي يبقى للكاتب إذاً»؟ لافتاً الى أخطاء تاريخية وردت في النص، موضحاً أن «بيلاطس هو من صلب المسيح لا هيرودوس». ويتساءل: «أين هي موسيقى وليد الهشيم (موسيقى وتوزيع العمل)؟ لماذا لم يقدم موسيقاه هو»؟