على رغم نفي مسؤولين أميركيين أمس، أي علاقة بين احتمال إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي - الأميركي جوناثان بولارد، بمحاولات تخفيف التوتر بين تل أبيب وواشنطن، وتسويق الاتفاق النووي الإيراني لدى الكونغرس، جاء التوقيت والأسلوب ليعكسا تطلعاً الى مقايضة غير معلنة لإطلاق سراح بولارد خلال ثلاثة أشهر، مقابل استقطاب أصوات الديموقراطيين القريبين من إسرائيل في الكونغرس لدعم الاتفاق. وأعلنت وزارة العدل الأميركية ليل الجمعة - السبت، أن بولارد المسجون في الولاياتالمتحدة منذ 30 عاماً، قد يخرج من السجن في تشرين الثاني (نوفمبر) بموجب إطلاق سراح مشروط، ما يطوي صفحة خلاف طويل بين الأميركيين والإسرائيليين. وقال مارك ريموندي، الناطق باسم الوزارة، في بيان، إن «وزارة العدل قالت دوماً، ولا تزال، إن جوناثان بولارد يجب أن يمضي كامل عقوبته على الجرائم الخطيرة التي ارتكبها، أي السجن لمدة 30 عاماً كما يفرضه القانون». وأضاف أن الجاسوس الإسرائيلي الذي اعتُقل في 1985 وحُكم عليه بالسجن المؤبد في 1987، يحق له الحصول على إطلاق سراح مشروط بعد مرور 30 عاماً على وجوده خلف القضبان، أي في تشرين الثاني. ووفق الموقع الإلكتروني لمكتب السجون، فإن «تاريخ الإفراج» النظري لبولارد، المسجون في ولاية ميسوري (وسط)، هو 21 من ذلك الشهر. وفي الواقع، فإن «لجنة إطلاق السراح المشروط» التابعة لوزارة العدل، هي الجهة المخوّلة منح المحكومين بالسجن المؤبد حقّ الاستفادة من إطلاق السراح المشروط، بعد تمضيتهم 30 سنة في السجن، أو حرمانهم من هذا الحق وإبقائهم خلف القضبان. وقال اليستير باسكي، الناطق باسم مجلس الأمن القومي، أن «وضع بولارد ستحدِّده لجنة إطلاق السراح المشروط وفق الإجراءات المتّبعة. ليست هناك أي علاقة على الإطلاق بين وضع بولارد واعتبارات السياسة الخارجية». وينفي هذا التصريح تقريراً سابقاً نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، أفاد بأن مسؤولين أميركيين يدرسون إطلاق سراح بولارد قبل أن يكون مؤهلاً للإفراج المشروط عنه في تشرين الثاني، لتحسين العلاقات مع إسرائيل. ويقول أنصار بولارد إنه عوقب بقسوة شديدة جداً، لأن إسرائيل حليفة للولايات المتحدة، ولأن المعلومات السرية التي نقلها لم تلحق ضرراً بالولاياتالمتحدة، ولأن إسرائيل وصلت إلى هذه المعلومات سابقاً، كما يعزون تراجع صحّته كسبب آخر لإطلاق سراحه. ومارس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو شخصياً، ضغوطاً على الولاياتالمتحدة لسنوات من أجل الإفراج عن بولارد. وكان وزير الخارجية جون كيري، سعى الى الإفراج عنه العام الفائت مقابل وقف موقت للاستيطان، إلا أن البيت الأبيض لم يقبل بذلك يومها، وتوقفت المفاوضات غير المباشرة. وفسّر المراقبون الحديث عن الإفراج عنه اليوم، بمساعدة النواب الديموقراطيين في الكونغرس للتصويت مع الاتفاق النووي الإيراني، من دون ردة فعل عكسية من اللوبي الإسرائيلي ومجموعة لجنة العلاقات الإسرائيلية - الأميركية التي أطلقت حملة إعلامية ضد الاتفاق. ومن شأن الإفراج عن بولارد، إنهاء خلاف استمر عقوداً بين إسرائيل والولاياتالمتحدة بسبب بولارد، وبعد امتناع إدارات متعاقبة عن العفو عنه. وأرخت قضية بولارد بثقلها على العلاقات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة. وعلى رغم كل الضغوط التي مارسها المسؤولون الإسرائيليون، ترفض السلطات الأميركية الإفراج عن بولارد. وأثار اعتقال الأخير أزمة لم تتم معالجتها إلا بعدما وعد الإسرائيليون بإنهاء كل نشاطاتهم التجسّسية داخل الأراضي الأميركية. وتطالب إسرائيل عبثاً منذ سنوات بالعفو عن جاسوسها. وفي 1998، أعلنت مصادر أميركية عن احتمال الإفراج عن بولارد في تبادل مع الأسرى الفلسطينيين، لكن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) آنذاك جورج تينيت، هدّد بالاستقالة في حال وافق الرئيس الأميركي في حينه بيل كلينتون، على الإفراج عن بولارد. وأعطي بولارد، المولود لأسرة يهودية أميركية من ولاية تكساس (جنوبالولاياتالمتحدة)، الجنسية الإسرائيلية عام 1995، واعترفت به الدولة العبرية رسمياً كجاسوس في عام 1998. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، زار بولارد في زنزانته في 2002، وطلب في شكل رسمي من الرئيس الأميركي باراك أوباما، العفو عنه، الأمر الذي رفضته واشنطن.