اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك عدم ترسيم حدود واضحة بين إسرائيل والدولة الفلسطينية، وليس التهديد الإيراني أو غيره، «التهديد الأكبر لإسرائيل». وحذر من أن وجود دولة واحدة (إسرائيل) بين نهر الأردن والبحر المتوسط لا يترك سوى أحد خيارين: دولة ثنائية القومية، أو دولة «أبارتايد». وخلافاً لرئيس حكومته بنيامين نتانياهو الذي يرى في المشروع النووي الإيراني الخطر الأكبر الذي يتربص بإسرائيل، قال زعيم حزب «العمل» إن «مسؤولية تاريخية ملقاة علينا بأن ننظر إلى الواقع لنتيقن أنه يجب تقسيم أرض إسرائيل، ورسم حدود (لإسرائيل) تضمن غالبية يهودية إلى الأبد وإلى جانبها دولة تعكس طموح الفلسطينيين... هذه المسألة، وليس سواها، هي التهديد الأكبر للصهيونية وللشعب في إسرائيل وهي المسألة الأكثر إلحاحاً الواجب حلها». وقال باراك في سياق محاضرة شاملة ألقاها في مؤتمر «المركز الإسرائيلي للإدارة» في جامعة «بار ايلان» عرض خلالها رؤيته لحل المشاكل التي تواجه الدولة العبرية، إنه فخور بأنه عضو في حكومة «أخذت على نفسها حل خريطة الطريق الدولية... إنها فكرة ضرورية لأنها تضمن الكتل الاستيطانية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) جزءاً من إسرائيل في أي تسوية دائمة في المستقبل. علينا أن ندرك أن لنا مصلحة عليا في ترسيم حدود واضحة بيننا وبين الفلسطينيين تحدد حل الدولتين للشعبين». ووجه كلامه إلى الأوساط الدينية المتشددة التي تعارض أي تنازلات في «أرض إسرائيل» بحجج توراتية، قائلاً إن «حدود السيادة اليهودية شهدت في الماضي القديم أيضاً مداً وجزراً، والحاخامات اعتمدوا الواقع السياسي الحقيقي في كل فترة وفترة... علينا أن ندرك أنه إذا كانت بين الأردن والبحر دولة واحدة اسمها إسرائيل، فإنها ستكون حتماً إما دولة غير يهودية أو دولة غير ديموقراطية، دولة ابارتايد. أما إذا أردنا دولة يكون الشعب اليهودي فخوراً بها ويريد الشباب العيش فيها، فعلينا أن نقوم بهذه الخطوة المؤلمة، ليس لأنه ليست لنا صلة أو حق بكل الأرض إنما لأننا واقعيون... هذه الخطوة المؤلمة (التقسيم) مستوجبة. هناك ملايين الفلسطينيين في هذه المنطقة الذين لو شاركوا في التصويت في صناديق الاقتراع فستكون هنا دولة ثنائية القومية أو إذا لم يشاركوا فستكون هنا دولة أبارتايد». ورأى أن السلام سيتحقق «فقط عندما يفهم جيراننا - خصومنا أنه لا يمكنهم أن يجروا إسرائيل إلى مصيدة عسل ديبلوماسية». وزاد أن إسرائيل هي الدولة الأقوى في المنطقة «لكن الزمن لا يعمل في مصلحتنا... علينا أن نرى بعيون مفتوحة وأقدام ثابتة، على أن تنظر العين اليسرى على كل نافذة لصنع السلام، لكن هذا سيحصل فقط حين تكون اليد الثانية على الزناد». وتطرق إلى سورية قائلاً إنه يرى في هذا الملف «تهديداً وفرصة في الآن ذاته». وأوضح: «نحن أقوى بما لا يقاس، لكن لدى سورية قدرة ما على الإزعاج، لديها صواريخ بعيدة المدى. إنها دولة تُسمع أصواتاً واضحة، الرئيس يتحدث أمام العالم عن رغبته في التوصل إلى تسوية... ثمن التسوية وملامحها معروفة فيما الأرباح (الإسرائيلية) ليست واضحة». وتابع أن من الصعب تخيل كيف سيكون الأمر، «لكن لنا مصلحة في إخراج سورية من دائرة العداء، ولست متأكداً من أنه يمكن فعل ذلك في موازاة تحركنا على الملف الفلسطيني». وعن لبنان، قال باراك إنه «يوجد في لبنان كم هائل من الصواريخ، وهذه ظاهرة ليست عادية... لبنان دولة عضو في كل هيئات الأممالمتحدة، لكن داخله ميليشيا تتمثل في حزب له ممثلون في الحكومة ويملك صلاحية الفيتو على قراراتها. حزب له جيش خاص وسياسة خاصة مستقلة ومعلنة ومتأثرة بإيران... وعلى رغم كل نجاحاتنا الاستخباراتية في اعتراض سفن تشحن أسلحة، فإن تهريب السلاح يتواصل». وتابع أن القرار الدولي الرقم 1701 لم يضع حداً للتهديد في الشمال «وهناك صواريخ تغطي عملياً كل إسرائيل». وزاد مهدداً أن إسرائيل وإن لا ترغب في دهورة الأوضاع مع لبنان «لكننا نرى حكومته مسؤولة عن الوضع غير الطبيعي وعن أي تدهور يحصل. عنواننا لن يكون هذا الناشط أو ذاك في حزب الله، إنما حكومة لبنان وبناها التحتية ستكون المستهدفة، بكل ما تحتمله هذه الكلمات من معنى». وفي ما يخص الملف الإيراني، قال باراك إن إيران تستغل المحادثات مع الغرب لكسب الوقت ومواصلة التقدم في المشروع النووي. وأضاف أن «من المهم وضع إطار زمني ثابت وقصير للمحادثات والعقوبات، ويجب أن تكون العقوبات ذات أنياب وقادرة على الشل، وفي نهاية الأمر ناجعة». ودعا إلى عدم منح إيران شرعية تخصيب اليورانيوم على أراضيها، بداعي أن من شأن ذلك أن يمكنها من بلوغ قدرات نووية عسكرية. وكرر موقفه من أن هجوماً عسكرياً على المنشآت النووية الإيرانية هو ضمن الاحتمالات، «نحن نقول لأصدقائنا في العالم إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة ونوصي كل عقلاني بعدم إلغاء أي منها».