أسفر تفجير انتحاري بواسطة سيارة مفخخة عن مقتل 18 شخصاً، بينهم خمسة من الشرطة، وإصابة ثمانين بجروح وتدمير مقر الأدلة الجنائية في بغداد قبل ظهر الثلثاء غداة ثلاث هجمات استهدفت ثلاثة فنادق قتل خلالها 36 شخصاً وأصيب نحو مئة. وربطت وزارة الداخلية التفجير الانتحاري الأخير بتحقيقات جنائية مهمة تجرى حالياً في شأن أعمال العنف والتفجيرات التي طاولت البلاد خلال الشهور الماضية، فيما ندد أحد أعضاء لجنة الأمن والدفاع في البرلمان بخطط الحكومة في حفظ الأمن في البلاد ولفت الى ان قوى برلمانية قريبة من الحكومة تحول دون إقرار توصيات أمنية لها. واعترف قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال راي اوديرنو بأن مهاجمي ثلاثة فنادق في بغداد الاثنين استخدموا تكتيكات جديدة أبلغ بها جهاز الاستخبارات قبل شهر. وتعرض مبنى الأدلة الجنائية الواقع في ساحة التحريات في منطقة الكرادة (وسط بغداد) الى تفجير انتحاري بسيارة مفخخة أدى الى انهيار المبنى بالكامل وأسفر عن مقتل 18 بينهم 5 من الشرطة، وإصابة نحو 80 بجروح. وقتل عناصر الشرطة عند مدخل المقر في حين قتل 13 من المارة وأصحاب المحال التجارية الواقعة في الشارع. وذكر مصدر امني ان «المبنى الصغير الحجم انهار بفعل الانفجار لكن الأشخاص الذين كانوا بداخله أصيبوا بجروح فقط بعضها بليغة». وأصيب بالتفجير حيدر الجوراني النائب عن كتلة «مستقلون» ضمن «ائتلاف دولة القانون» بجروح حيث كان قرب مكان التفجير. وقال مصدر رفيع المستوى في وزارة الداخلية طلب عدم الإشارة الى اسمه ل «الحياة» ان «استهداف مبنى مديرية الأدلة الجنائية كان مدروساً ومخططاً له بعناية»، لافتاً الى ان «المئات من التحقيقات في شأن اعمال العنف التي أجريت في البلاد، لا سيما التفجيرات الدامية التي طاولت العاصمة، تتم دراستها وبحثها في هذه المديرية، بالإضافة الى التحقيقات في نشاطات الميليشيات والجماعات المسلحة التي كانت تقود اعمال عنف خلال عامي 2006 و2007»، مشيراً الى ان «استهداف هذه المديرية يهدف الى وقف عملها في الكشف عن الجهات التي تقف وراء اعمال العنف». ولفت الى ان «المديرية استطاعت اخيراً، وبعد اكتسابها الخبرات اللازمة، من التوصل الى عدد من خيوط التفجيرات التي أجريت في البلاد لا سيما التفجيرات الدامية التي حدثت في بغداد وراح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى، مضيفاً الى ان «المبعوث الأممي الذي زار العراق قبل شهرين في شأن تفجيرات الأربعاء الدامي تم تسليمه أدلة من مديرية الأدلة الجنائية». وكانت قيادة عمليات بغداد عرضت أخيراً اعترافات عدد من الموقوفين المتهمين بتنفيذ تفجيرات وأعمال قتل مذهبية خلال السنوات الماضية، بينهم أعضاء شبكة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» مسؤولة عن تفجيرات الأممالمتحدة والجامعة المستنصرية قبل سنتين. الى ذلك انتقد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان النائب عمار طعمة «خطط الحكومة في حفظ الأمن في البلاد على خلفية تكرار اعمال العنف والتفجيرات التي شهدتها العاصمة بغداد اليومين الماضيين» لافتاً الى ان «قوى برلمانية مقربة من الحكومة تحول دون إقرار توصيات أمنية أقرتها اللجنة وتحويلها الى قانون ملزم للسلطة التنفيذية». ولفت طعمة الى ان «اللجنة اكملت التقرير منذ اسابيع وتم رفعه الى رئاسة البرلمان وكان من المفروض مناقشته قبل أيام الا ان رئاسة البرلمان مسؤولة عن تأخير مناقشة التقرير»، مشيراً الى ان «التقرير يؤكد حصول خروقات في الأجهزة الأمنية تقف وراء التفجيرات الدامية التي شهدتها بغداد في الآونة الأخيرة» موضحاً ان «اللجنة ترى ان بعض عناصر الأجهزة الأمنية متورط فيها». وكان الناطق باسم عمليات بغداد اللواء قاسم الموسوي صرح قبل تفجير أمس ان الأجهزة الأمنية شددت إجراءاتها بعد تفجيرات الاثنين وشكلت لجنة لمعرفة أساليب المسلحين وأسلحتهم. وأضاف «لأننا ما زلنا في حالة حرب فنحن نتوقع وقوع مثل هذه الهجمات الإرهابية». وتابع «ما زال تنظيم القاعدة والمجموعات الأخرى قادرة على تنفيذ أعمال ارهابية هنا وهناك كلما اتيحت لها بعض الثغرات الأمنية والفجوات». في غضون ذلك، قال قائد القوات الأميركية في العراق ان مهاجمي ثلاثة فنادق في بغداد الاثنين استخدموا تكتيكات جديدة أبلغ بها جهاز الاستخبارات قبل شهر. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن اوديرنو ان هجومين على الأقل من الثلاثة التي استهدفت فنادق فلسطين ميريديان وبابل والحمراء تخللهما إطلاق نار على الحراس قبل ان يفجر الانتحاريون أنفسهم. وأوضح «لم نشاهد ذلك في السابق. انه تكتيك جديد على رغم اننا تلقينا معلومات استخباراتية منذ نحو شهر بأنهم سيحاولون شن هجمات تحت غطاء إطلاق نار». ووصف اوديرنو اساليب المهاجمين بأنها أصبحت «خلاقة». وقال «انهم يشنون هجمات اقل لكنهم يسعون الى ان تكون النتائج اكبر. انهم يحاولون لفت الانتباه وإلحاق أكبر قدر ممكن من الأضرار لكي يسائل الرأي العام الحكومة عن ذلك». وأضاف «نجحنا بمرور الوقت في الحد من قدرتهم على مواصلة تمرد طويل المدى، لذلك فإنهم انتقلوا حالياً الى شن هجمات إرهابية واضحة داخل العراق للمساس بشرعية الحكومة». وأضاف رداً على سؤال عمن يقف خلف التفجيرات «لا إثبات لدينا بعد. لكنني أعتقد انه تنظيم القاعدة». ورفض فكرة ان تكون هذه الهجمات مرتبطة بإعدام وزير الدفاع السابق علي حسن المجيد قائلاً «لا علاقة لها على الإطلاق بعلي الكيماوي». وتابع «حدث الأمر بسرعة كبيرة. فنحن لم نسلم علي الكيماوي الا الاثنين، كما اننا لم نتخذ قرار تسليمه الا اليوم الذي سبقه. من غير الممكن ان يكون أحد علم بذلك».