يرافق موجة الفساد في العالم، انتشار غير مسبوق لصناعة المخدرات وتوزيعها، حيث أخذت في البعض منها شكلاً مقبولاً وشبه قانوني، على نحو ما رأينا من انتشار مراكز «الماريجوانا» في كثير من مدن ولاية كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة، وهذا التطور الغريب يمثل انحداراً حضارياً وإنسانياً. ويرافق هذا التراجع الحضاري، نمو زراعة المخدرات في بقع ثابتة في العالم على نحو ما نرى في بعض أطراف كاليفورنيا وفي مساحات واسعة في أفغانستان وفي مناطق محدودة في البقاع اللبناني، وفي بعض أطراف آسيا وأفريقيا وجنوب أميركا، وتأخذ هذه الزراعة شكلاً طبياً إذ ترمي الى توفير أدوية مخدرة لها فعلها الطبي المسكن في الطب والجراحة، كما تأخذ شكلاً اجتماعياً، على نحو ما نرى في مراكز صحية في مدينة اركاتا على الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة حيث تمتد ولاية كاليفورنيا. وفي أركاتا، مراكز صحية تبيع الماريجوانا التي تزرع في المدينة، حيث يحصل عليها المواطن بكمية محدودة... لغاية طبية، إنما يقضي القانون بغرامة خفيفة إذا كان الاستعمال غير طبي، أما التجارة بها فهي ممنوعة وتعرض صاحبها للسجن. ومن خلالها هذا السماح الطبي الظاهري، نمت صناعة الماريجوانا بشكل واسع، لكن القسم الأكبر من هذا المخدر يذهب الى السوق السوداء. ويقدر عدد المراكز الصحية في كاليفورنيا التي تتعاطى مع هذه التجارة بأكثر من 500 مركز لها شكلها الظاهري الطبي، إلا أنها تصطدم بمعارضة قوية من المجتمع وتكثر الدعاوى القضائية التي تعارضها، والقرار المحلي بالسماح لها لم يحصل على الاعتراف من الحكومة الفيديرالية في واشنطن. أما في أفغانستان فيقدر إنتاج المخدرات ببلايين الدولارات. وفي آسيا وأفريقيا جنوب أميركا مشاكل كثيرة تعمل على زراعة الحشيش وتعاطي المخدرات ضمن الشبكة العالمية من دون أن تأخذ شكلاً قانونياً، وما زالت تخضع للمكافحة وإزالة المزروعات. وتعتبر أفغانستان المصدر العالمي الرئيس لإنتاج المخدرات، خصوصاً الأفيون باعتراف مكاتب الأممالمتحدة المسؤولة عن الأدوية والجريمة. وتبين أن إنتاج الأفيون في أفغانستان كان بحدود 200 طن عام 1980 ليصبح 6900 طن عام 2009 مما جعل نصيب أفغانستان من تجارة المخدرات على المستوى العالمي يصل الى 90 في المئة من وارداتها. ويقدر عدد العاملين من الشعب الأفغاني في تجارة المخدرات بمليون ونصف مليون عامل، وفق تقدير الحكومة الأفغانية. وفي أميركا الوسطى والجنوبية مناطق كبيرة للمخدرات يتمركز أهمها في كولومبيا والمكسيك وهي مرتبطة بالمافيا التي تتولى التوزيع في أوروبا. وقد لجأت الى استخدام غواصات لنقل المخدرات من كولومبيا الى الولاياتالمتحدة. ويعتبر المغرب، حيث تتم زراعة القنب في بعض أرجائه، مركز تصدير الى فرنسا عن طريق إسبانيا حيث يتم نقله في سيارة مموهة. وتتم مكافحة انتشار المخدرات بواسطة شبكات أمنية مختصة باختراق شبكات التهريب.