دحرج رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو مجدداً أمس الكرة إلى الملعب الفلسطيني بإعلانه أن إسرائيل مستعدة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ودرس أفكار جديدة في شأن سبل ذلك «فيما الفلسطينيون لا يبدون استعداداً مماثلاً». وأعلن في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته أنه سمع من الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في اجتماعهما أمس «أفكاراً جديدة مثيرة للاهتمام»، لكنه لم يشر إلى طبيعتها، مضيفاً أن قبولها من الجانب الفلسطيني سيتيح العودة إلى طاولة المفاوضات. وفيما رأى مراقبون أن ترحيب نتانياهو ب «أفكار جديدة» ليس سوى محاولة جديدة منه لتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن الجمود المتواصل، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى مساعٍ أميركية وألمانية لعقد لقاء بين نتانياهو والرئيس شمعون بيريز والرئيس محمود عباس (ابو مازن) يمهد لاستنئاف المفاوضات. وأضافت أن ميتشل طرح الفكرة على بيريز ونقلها إلى الفلسطينيين، من دون أن تشير إلى موقف إسرائيل والسلطة الفلسطينية منها. وتابعت أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ستعاود طرح الفكرة على بيريز خلال لقائهما المتوقع الأسبوع الجاري، وأنها ستقترح أن يتم اللقاء في ألمانيا. يذكر في هذا الصدد أن بيريز أجرى في الفترة الأخيرة اتصالات هاتفية عدة مع الرئيس عباس لإقناعه بالعودة إلى المفاوضات، محذراً من أن الجمود السياسي قد يدفع نحو انتفاضة فلسطينية ثالثة، ومتهماً إياه بأنه «يلعب بالنار» من خلال مواصلة رفضه لقاء نتانياهو. وقال نتانياهو لممثلي وسائل الإعلام إنه أعرب لميتشل عن تقدير حكومة إسرائيل له وللرئيس باراك أوباما على الجهود الأميركية المبذولة لاستئناف المفاوضات، مضيفاً: «استمعت إلى بعض أفكار لتحريك العملية السياسية... وفي حال أبدى الفلسطينيون استعداداً مماثلاً، وهذا مهم لنا ولهم ولكل من يطمح لدفع السلام والمصالحة في منطقتنا، فسنجد أنفسنا داخل عملية سياسية». لكن نتانياهو حرص على إرفاق «رسالة السلام» هذه بتأكيد سياسة حكومته التوسعية، إذ أعلن أنه سيزور مع انتهاء جلسة الحكومة مستوطنات «معاليه أدوميم» و «غوش عتصيون» في محيط مدينتي القدس وبيت لحم المحتلتين و «أرييل» في منطقة نابلس لغرس أشجار لمناسبة يوم «غرس الأشجار» اليهودي. وقال إن الغرض من الغرس هو «ضمان بقائنا هناك سنوات طويلة، تماماً مثلما غرسنا الكلية الأكاديمية في أرئيل التي أضحت مركزاً جامعياً». وتابع ان غرس الأشجار «يعكس الموقف الموحد في إسرائيل من أن هذه المستوطنات ستكون دائماً جزءاً من إسرائيل... وأدعو الجميع إلى غرس الأشجار في هذه التجمعات (الاستيطانية) في بلادنا». وقال وزير المال القريب من رئيس الحكومة يوفال شتاينتس إنه يتحتم على الفلسطينيين التوقف عن التذمر، «فالعملية السياسية عالقة لأنهم لم يقرروا بعد إذا ما كانوا شركاء أو متذمرين فقط». وأضاف: «عندما كان ابو مازن معنياً حقاً في المفاوضات الحقيقية قام بإجرائها، وعندما شعر أنه ضعيف او مهدد، فإنه لم يتجاوب، وهذا ما يحصل في الأشهر الأخيرة... المشكلة كلها في رام الله وليس في القدس». وأجمعت تعليقات الصحف العبرية أمس على القول إن ميتشل يعود إلى واشنطن خالي الوفاض من جولة أخرى فشل خلالها في تحقيق اختراق في الجمود السياسي المتواصل. ووفقاً لصحيفة «هآرتس»، رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية أن تقوم إسرائيل ببادرات حسن نية أخرى قبل إعلان السلطة الفلسطينية عودتها إلى طاولة المفاوضات. ونقلت عن أوساط نتانياهو قولها إن المفتاح لاستئناف المفاوضات «ليس عندنا إنما في الجانب الفلسطيني». من جهته، انتقد نائب نتانياهو وزير التعاون الإقليمي سيلفان شالوم الديبلوماسية التي ينتهجها الرئيس الأميركي منذ دخوله البيت الأبيض قبل عام، وقال إن «رؤية أوباما لم تنجح مع الفلسطينيين ولا مع الدول العربية ولا مع ايران ولا مع روسيا ولا مع الصين... أسلوب اوباما لم يثبت جدواه، ويجب أن نجد حلاً وسطاً بين نهجه والنهج الذي اتبعه سلفه جورج بوش». أزمة مع الأردن في غضون ذلك، كشفت صحيفة «هآرتس» أن قطيعة شبه تامة تسود العلاقات بين إسرائيل والأردن منذ عودة نتانياهو إلى الحكم في إسرائيل قبل عشرة أشهر. وقالت إن الأزمة بين البلدين أشد من تلك بين إسرائيل وتركيا. وعزت ذلك إلى عدم ثقة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بجدية نيات نتانياهو للتوصل إلى سلام، وإلى وقف العملية السلمية مع الفلسطينيين في موازاة توسيع الاستيطان والإجراءات الاستفزازية وأعمال الحفريات التي تقوم بها إسرائيل في المسجد الأقصى المبارك. وأشارت إلى ان العاهل الأردني ونتانياهو التقيا مرة واحدة العام الماضي، وتم بينهما اتصال هاتفي وحيد بينما تقاطع الأردن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.