تدرس الحكومة اليمنية حالياً الانسحاب من منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، بسبب الخسائر المالية التي يتكبدها الاقتصاد المحلي جراء الخفض التدريجي للرسوم الجمركية وحدّة المنافسة مع منتجاته المحلية. وأوضح مصدر حكومي ل «الحياة» أن وزير المال اليمني نعمان طاهر الصهيبي كلّف مصلحة الجمارك بدراسة الأثر الإيرادي المتعلق بانضمام اليمن إلى اتفاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وإذا كانت هناك أية آثار أو عقوبات تترتب جراء انسحاب اليمن من الاتفاق. وأضاف المصدر أن الصهيبي أكد في اجتماع ضم المديرين العامين للجمارك في الموانئ والمطارات اليمنية، حضره رئيس مصلحة الجمارك المعيّن حديثاً محمد منصور زمام ان اليمن هو بلد غير مصدّر وموارده محدودة، ما يتطلب إعادة النظر في انضمامه إلى اتفاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بالتعرفة الجمركية القائمة، كونها تعرفة متواضعة ولا تساعد في تنمية إيرادات البلاد. وحذّر تقرير حديث أصدرته وزارة الصناعة والتجارة اليمنية من الآثار المترتبة على مواصلة اليمن تطبيق الخفض التدريجي للرسوم الجمركية ورسوم الضرائب ذات الأثر المماثل للدول العربية، تنفيذاً لاتفاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وأبرزها زيادة الواردات من الدول العربية واستمرار مواجهة المنتجات المحلية الصناعية منافسة حادة من منتجات صناعية عربية إلى حد إغراق الأسواق المحلية فيها. وأكد التقرير الذي أعدته الإدارة العامة للتجارة الخارجية في وزارة الصناعة والتجارة أن صناعات محلية كثيرة تعرّضت لأضرار وخسائر كبيرة، جراء عدم قدرتها على تسويق منتجاتها في الأسواق المحلية، ما اضطرها إلى خفض الطاقة الإنتاجية وتسريح بعض العمال كي تتمكن من الاستمرار والبقاء، فيما لم يتمكن بعضها من الاستمرار واضطر إلى التوقف بسبب عدم المساواة بين الصناعة اليمنية ومثيلاتها في الدول العربية، من حيث الإعفاءات والتسهيلات والحوافز وأسعار الطاقة والإجراءات والبنية التحتية والمدن الصناعية المجهّزة تجهيزاً كاملاً. وكشف التقرير عن صعوبات ومعوقات تواجه الصادرات اليمنية إلى الدول العربية الأعضاء، أهمها التشدد في الإجراءات الحدودية والجمركية والرقابية والتأخر في إجراءات الفحص والتفتيش في المنافذ الحدودية البرّية لليمن مع الدول المجاورة، التي تؤدي إلى تأخر الشحنات وتعرّضها إلى التلف، خصوصاً الصادرات الزراعية والسمكية، وصعوبات النقل بالعبور عبر الدول المجاورة، وعدم توافر خطوط نقل منتظمة إلى الدول العربية، بحرية وبرّية وجوّية، ما يرفع تكاليف النقل والتجارة البينية. ولفت التقرير إلى أن من بين الصعوبات عدم توافر خدمات لوجستية في المعابر الحدودية لكل من السعودية وعُمان، خصوصاً المخازن المبرّدة، ما يؤدي إلى تلف جزء كبير من الصادرات اليمنية بسبب تأخر عمليات التخليص الجمركي والتشدد في إجراءات الحجر الزراعي. واقترح إقامة مشاريع تيسّر التجارة البينية كالحد من ارتفاع تكاليف النقل داخل المنطقة العربية واعتماد تدابير، كالعمليات الحدودية المشتركة والاعتراف المتبادل بالمستندات والتراخيص واعتماد الإجراءات الحدودية المؤتمتة عبر الحدود بين الدول العربية. وتوقعت وزارة الصناعة والتجارة اليمنية انخفاض العجز في الميزان التجاري اليمني مع الدول العربية الأعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بنسبة 17.4 في المئة خلال العام الماضي، مقارنة بعام 2008. وأوضح التقرير أن الانخفاض يأتي بعد تسجيل زيادات متتالية خلال السنوات السابقة، إذ ارتفع العجز من 1.18 بليون دولار عام 2004 إلى 3.57 بليون دولار عام 2008. ويتوقع ان يكون انخفض حجم الصادرات اليمنية إلى الدول العربية إلى 576 مليون دولار عام 2009، مقارنة ب 1.32 بليون دولار عام 2008، بسبب تأثيرات الأزمة المالية العالمية والانخفاض الحاد للسعر العالمي للنفط، وقدّر انخفاض الواردات اليمنية من الدول العربية خلال هذه الفترة من 4.90 بليون دولار إلى 3.53 بليون العام الماضي.