ارتأى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو وأوساطه عدم التعقيب على التصريحات التي أدلى بها الرئيس باراك أوباما في ختام لقائه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أول من أمس، والتي اعتبرها مراقبون بداية ضغط أميركي على إسرائيل لدفعها إلى تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين، فيما أعرب وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان عن ثقته بأن «الولاياتالمتحدة ستوافق على أي قرار تتخذه إسرائيل»، معتبراً المبادرة العربية للسلام «وصفة أكيدة للقضاء على إسرائيل». وبعث نائب وزير الخارجية داني أيالون برسالة إلى الإدارة الأميركية عبر صحيفة «واشنطن بوست»، مفادها أن «إسرائيل لن تتقدم في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية قبل أن ترى تقدماً في الجهود الأميركية لوقف البرنامج النووي الإيراني». وتساءلت أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً «يديعوت أحرونوت» في عنوانها الرئيس أمس عما إذا كانت إسرائيل تتجه إلى مسار صدامي مع الولاياتالمتحدة، ليس فقط في أعقاب تصريحات أوباما بأن وقت الفعل حان، وهو ما اعتبره مراقبون إسرائيليون موجهاً للحكومة الإسرائيلية، إنما أيضاً في أعقاب تقرير قدمه الجنرال الأميركي بول سيلفا الذي كلف متابعة تنفيذ «خريطة الطريق لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون يتهم فيه إسرائيل ب «التنصل من تنفيذ الخطوات التي تعهدت بها في خريطة الطريق»، وأيضاً في أعقاب أنباء عن نية نتانياهو تعيين الأميركي - الإسرائيلي مايكل اورن سفيراً جديداً في واشنطن، وهو الذي نشر مقالات عدة تهجم فيها في شدة على أوباما خلال انتخابات الرئاسة الأميركية. ورأت الصحيفة في تصريحات أوباما مؤشراً الى ضغط أميركي على إسرائيل لقبول مبدأ «دولتين لشعبين». وأشارت إلى تأييد الرئيس الأميركي أجزاء واسعة من المبادرة العربية للسلام، لكنها أضافت أن البيت الأبيض يبلور «ورقة موقف» تتعلق بطبيعة الدولة الفلسطينية التي ستقام إلى جانب إسرائيل. وأضافت أنه «من أجل تبديد مخاوف إسرائيل، سيتم إدخال بند واضح يقول إن السلطة الفلسطينية تلتزم بأن الدولة لن تقيم معاهدة دفاع مشتركة أو تبرم اتفاقات عسكرية مع أي دولة». وتحدثت الصحيفة عن «شعور بعدم الارتياح وقلق وحرج» يلف المستويين السياسي والأمني في إسرائيل في أعقاب التقرير الذي قدمه الجنرال سيلفا لوزيرة الخارجية الأميركية واتهم فيه إسرائيل بعدم تنفيذ استحقاقاتها الواردة في «خريطة الطريق»، وفي مقدمها عدم إزالة حواجز عسكرية في الضفة أو تسهيل حركة الفلسطينيين أو تفكيك بؤر استيطانية. ولفتت إلى أن الجنرال الأميركي اتهم الجهات الإسرائيلية المختلفة التي تعامل معها بتضليله وتقديم معلومات مغلوطة عن إزالة حواجز، مثل تبليغه بإزالة سواتر ترابية ومكعبات اسمنتية في وقت أقامت حواجز جديدة بدلاً منها. على خط موازٍ، أبرزت الصحف العبرية أمس تصريحات أدلى بها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لصحيفة روسية قبل أسبوعين قلل فيها من احتمالات اندلاع خلافات في الرأي بين واشنطن وإسرائيل وقال إن «الولاياتالمتحدة ستوافق على أي قرار تتخذه إسرائيل». واعتبر ليبرمان مبادرة السلام العربية «خطيرة ووصفة أكيدة للقضاء على إسرائيل». وأضاف أن «المشكلة الأساس في المبادرة هي حق العودة للاجئين، وهذا أمر هدام بالنسبة الى إسرائيل، لأنها لن تبقى دولة الشعب اليهودي». واعتبر مبدأ الدولتين للشعبين «شعاراً جميلاً خالياً من المضمون». وشدد على أن إيران يجب ألا تكون على رأس سلم أولويات المجتمع الدولي «وهي ليست التهديد الأكبر في المنطقة، إنما باكستان وأفغانستان ثم إيران في المكان الثاني ثم العراق». من جهته، كرر وزير الدفاع إيهود باراك دعوته الحكومة إلى إطلاق مبادرة لتسوية إقليمية شاملة «تكون محوراً رئيسياً للسياسة الإسرائيلية في السنوات المقبلة ومفتاحاً لضمان أمن إسرائيل في المنطقة». وقال في اجتماع لكتلة حزب «العمل» البرلمانية إنه ينبغي على إسرائيل أن تبلور مع الولاياتالمتحدة تفاصيل مبادرة للتسوية الشاملة على نحو يضمن المصالح الأمنية لإسرائيل والطابع اليهودي لها من دون حق العودة. غير أن ليبرمان أوضح في جلسة الحكومة الأمنية المصغرة أمس أنه لم يعن في أقواله رفض المبادرة العربية للسلام بمجملها إنما البند المتعلق بحق العودة الذي لا يمكن قبوله إطلاقاً.