حذر الرئيس المصري حسني مبارك من «مخاطر المساس بوحدة الشعب والوقيعة بين مسلميه وأقباطه»، مؤكداً عدم تهاونه مع «من يحاول النيل من الوحدة الوطنية أو الإساءة إليها». ودعا إلى «توجيه خطاب ديني مستنير من رجال الأزهر والكنيسة يدعمه النظام التعليمي والإعلام والكتاب والمثقفون ليؤكد قيم المواطنة وأن الدين لله والوطن للجميع». وأقر مبارك في كلمة ألقاها أمس لمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة المصرية، بأن التصدي للإرهاب والتطرف والتحريض الطائفي «يمثل تحدياً رئيساً لأمن مصر القومي، لكنه ليس التحدي الوحيد الذي نواجهه في منطقتنا والعالم من حولنا». وركزت كلمة مبارك في شقها الداخلي، على تبعات الهجوم الذي تعرض له أقباط في مدينة نجع حمادي عشية عيد الميلاد، وأسفر عن مقتل 6 مسيحيين وشرطي مسلم، ما أثار غضباً وانتقادات عارمة داخلياً وخارجياً. وشدد على أن أمن مصر القومي بمفهومه الشامل «هو مسؤوليتي الأولى، لا أسمح حياله بأي تهاون أو تفريط ولا أقبل في ما يتعلق به أنصاف الحلول». وأكد أنه سيواجه «أي جرائم أو أفعال أو تصرفات تأخذ بعداً طائفياً بقوة القانون وحسمه وبعدالة سريعة ناجزة وأحكام صارمة توقع أقصى العقوبة على مرتكبيها والمحرضين عليها وتردع من يستخف بأمن الوطن ووحدة أبنائه». وقال: «نعيش في عالم مضطرب ومنطقة صعبة، ويخطئ من يتجاهل الاتساع المتزايد لعدم الاستقرار الراهن من أفغانستان إلى باكستان وإيران والعراق واليمن وفي الصومال والسودان. ويخطئ من يتغافل عن المخاطر المستمرة للإرهاب والتطرف واتساع دائرة الفكر السلفي وجماعاته والدعاوى المغلوطة لتكفير المجتمعات والمحاولات المستمرة لترويع الآمنين والإخلال بالسلام الاجتماعي وزعزعة الاستقرار، ويخطئ من يتغاضى عن تصاعد النوازع الطائفية من حولنا في المنطقة العربية وأفريقيا والعالم ما بين محاولات لإشعال الفتن بين أبناء الشعب الواحد ودعوات إلى المحاصصة وأحداث للعنف والاقتتال وإراقة الدماء وأمثلة نشهدها للاستقواء بالخارج وأخرى للتدخل الخارجي تصب الزيت على النار وتعمل وفق مصالحها وأجنداتها». وأكد أن «الاعتداء الإجرامي الذي شهدته نجع حمادي هز ضمير الوطن، وصدم مشاعرنا وأوجع قلوب المصريين مسلميهم وأقباطهم»، داعياً إلى «وقفة جادة وصريحة مع النفس» ومحذراً من «مخاطر المساس بوحدة هذا الشعب والوقيعة بين مسلميه وأقباطه». وتعهد عدم التهاون مع «من يحاول النيل من الوحده الوطنية أو الإساءة إليها من الجانبين». ورأى أن مصر تواجه «أحداثاً وظواهر غريبة على مجتمعنا. يدفعها الجهل والتعصب ويغذيها غياب الخطاب الديني المستنير من رجال الأزهر والكنسية، خطاب ديني يدعمه نظامنا التعليمي وإعلامنا وكتابنا ومثقفونا يؤكد قيم المواطنة وأن الدين لله والوطن للجميع وينشر الوعي بأن الدين هو أمر بين الإنسان وربه وأن المصريين بمسلميهم وأقباطهم شركاء وطن واحد تواجههم المشاكل نفسها ويحدوهم الطموح ذاته إلى مستقبل أفضل لهم وللأبناء والأحفاد». وحذر من أن «أي احتكاكات عادية في التعاملات اليومية للمواطنين إذا أخذت بعداً طائفياً تصبح قنبلة موقوتة تشعل الفتنة وتطعن وحدة جناحي الأمة وتسيء إلى صور مجتمعنا وتفتح الباب لمحاولات خارجية نرفضها للتدخل في شأن مصري خالص بين أبناء الأسرة الواحدة والمجتمع المصري الواحد». من جهة أخرى، طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية أمس مصر بإلغاء قانون الطوارئ «شديد التعسف، وتسوية انتهاكات قوات الأمن، كأولويات لعام 2010». وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سارة لي واتسن: «سيدقق مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان هذا العام بكل إمعان في سجل حقوق الإنسان في كل من مصر وليبيا... على الأمن المصري أن يفهم أن سلوكه المُنتهك القانون يؤكد صورة مصر كدولة بوليسية». وأشارت المنظمة إلى أن العام الجديد في مصر «بدأ بنموذج مُقلق على تزايد التوترات الدينية في البلاد»، في إشارة إلى اعتداء نجع حمادي. ولفتت إلى أنه «على مدار السنوات الماضية، أخفقت الحكومة في التحقيق على النحو الواجب مع المسؤولين عن عدد متزايد من حوادث العنف الطائفي، وملاحقتهم قضائياً. وكثيراً ما ردت السلطات على حوادث العنف الطائفي بين المسلمين والأقباط باعتقال أشخاص يُشتبه في تورطهم في الحوادث، لكن الادعاء كثيراً ما أخفق في ملاحقة المتهمين جنائياً على النحو الواجب ومعاقبة المتورطين، وظهرت تقارير تفيد بأن قوات الأمن لم تقم بحماية الفئات المعرضة لخطر الهجوم، كما قصرت الحكومة في دعم حملة مطلوبة في شدة من أجل احترام وقبول التنوع الديني لمناوأة الآراء السلبية المتبادلة الشائعة بين اتباع الدينين والتحريض على الكراهية الدينية في المناهج الدراسية والإعلام والمؤسسات الدينية». إلى ذلك، دعت المنظمة ليبيا إلى «الإفراج فوراً عن السجناء المحتجزين ظلماً، وأن تكشف مصير السجناء المختفين، مع إحقاق العدل لصالح أهالي الضحايا السجناء البالغ عددهم 1200 الذين قُتلوا عام 1996 في سجن بوسليم، وأن تصلح من القوانين التي تُجرّم حرية التعبير وتكوين الجمعيات». وانتقدت استمرار «قوات الأمن الليبية في الهيمنة على الساحة السياسية في ظل أجواء من الخوف». وإذ لفتت إلى «بعض التطورات الهامة» العام الماضي، رأت أن «انتهاكات قوات الأمن كانت أبرز انتهاكات حقوق الإنسان هذا العام». واعتبرت أن ليبيا «تواجه اختباراً هاماً لمدى جدية تحقيق الحكومة في مذبحة سجن بوسليم».