بدا الفلسطينيون أمس بعد الجولة التاسعة للمبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام السيناتور جورج ميتشل، أكثر تشاؤماً إزاء فرص إعادة إطلاق المفاوضات مع إسرائيل. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة ل «الحياة» إن ميتشل طلب من الرئيس محمود عباس العودة الى المفاوضات من دون أي شروط مسبقة، محذراً من ضياع فرصة ثمينة للفلسطينيين متمثلة في وجود إدارة الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض. وأوضحت المصادر أن ميتشل أبلغ عباس انه يتفهم مطلب وقف الاستيطان قبل بدء المفاوضات، لكنه يعتبر أن تحقيق مثل هذا الهدف ليس واقعياً في ظل الحكومة الاسرائيلية الراهنة. وأضافت أن ميتشل أبلغ عباس أن الجانب الأميركي لا يستطيع أن يمارس ضغطاً على إسرائيل لتقديم تنازلات طالما أن العملية السلمية مجمدة، داعياً الفلسطينيين الى العودة الى المفاوضات وطرح مطالبهم ليتسنى للجانب الأميركي ممارسة دوره في البحث عن حلول للقضايا المطروحة. كما وجه ميتشل تحذيراً مبطناً للفلسطينيين من أنهم لن يجدوا في البيت الأبيض أفضل من إدارة أوباما لتفهم قضاياهم، حاضاً إياهم على العودة الى المفاوضات دون شروط. وأوضحت المصادر أن ميتشل تراجع عن محفزات سابقة كان اقترحها لبدء المفاوضات مثل تحويل مناطق (ب) الى إدارة السلطة الفلسطينية بصورة كاملة، ونقل أجزاء من المنطقة (ج) الخاضعة بالكامل للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية الى إدارة السلطة الفلسطينية، وإطلاق معتقلين فلسطينيين وإزالة حواجز عسكرية ورفع الحصار عن قطاع غزة. وأبلغ ميتشل الرئيس عباس أن مثل هذه الخطوات ستكون على طاولة البحث بعد إعادة إطلاق المفاوضات وليس قبلها. وتابعت ان ميتشل استبعد أيضاً اقتراحات سابقة لتشجيع الفلسطينيين على العودة الى المفاوضات، مثل توجيه رسالة ضمانات الى الجانب الفلسطيني في شأن الهدف النهائي من هذه المفاوضات، وهو التوصل الى حل يقوم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس. وعزت المصادر الفلسطينية هذا التراجع الى فشل إدارة أوباما في الضغط على حكومة إسرائيل لقبول هذا الأساس للمفاوضات. ومن المتوقع أن يعود ميتشل للقاء الرئيس عباس اليوم في مقر إقامة الأخير في عمان، لكن مسؤولين فلسطينيين استبعدوا حدوث تقدم في جولة ميتشل الراهنة التي تحمل الرقم تسعة منذ تعيينه مبعوثاً خاصاً لعملية السلام أواسط العام الماضي. وقال مسؤول مقرب من عباس إن الأخير لن يقبل بالعودة الى المفاوضات من دون وقف الاستيطان بصورة من الصور، ومن دون تحديد مرجعية واضحة لعملية السلام. وأكد الناطق الرئاسي نبيل أبو ردينة أن المرحلة تشكل امتحاناً جدياً لإدارة أوباما ولجدية إسرائيل. ويقول مسؤولون فلسطينيون إن عباس واثق من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سيستغل المفاوضات للتغطية على مشاريع التوسع الاستيطاني المتسارعة، خصوصاً في مدينة القدس. وقال مسؤول مقرب من الرئيس أن عباس أبلغ الأميركيين أن المفاوضات أشبعت منذ زمن، وأنها وصلت الى نقطة رسم الحدود، طالباً منهم أن يأتوه برد إسرائيلي واضح على رسم حدود الدولة الفلسطينية إذا كانوا يرون في هذه الحكومة شريكاً في عملية سلام حقيقية، كما أبلغهم أن العودة الى المفاوضات في ظل الاستيطان يضرب صدقية أي زعيم فلسطيني، طالباً منه تفهم وضعه وتوجيه الضغط الى الطرف الآخر وهو إسرائيل.