يحمل كتاب «بيروت مدينتي» مذكرات المناضل الفلسطيني بسام أبو شريف التي كتبها تباعاً مستعيداً فيها مسيرته «البيروتية». والكتاب صدر حديثاً عن دار رياض الريس. تبدأ فصول الكتاب مع نذر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 بين مصدّق لها وغير مصدّق. ولكن سرعان ما تصخب غرف عمليات القيادة العسكرية والسياسية المتنقلة، مع ياسر عرفات وأبو وليد وأبو جهاد والراوي (بسام أبو شريف)، وعلى أرض المعارك. وبعد ذلك في اجتماعات القيادات الفلسطينية والحركة الوطنية. وبعد تقدم المفاوضات الإسرائيلية يروي المؤلف تفاصيل القنوات بين الأطراف الداخلية اللبنانية ومع الأشقاء وسفراء الدول الأوروبية والدولتين «العظميين»... التي أدت الى خروج قوات المقاومة الفلسطينية من لبنان. في هذه الفصول نتعرف الى بسام أبو شريف المقاتل الشرس والمفاوض المحنّك ومرافق أبو عمار الدائم والحاضر في كل شاردة وواردة. وتتبين لنا حقيقة الأحداث ومواقف الأطراف المعنيين في الداخل والخارج بين شقيق لا مبال وخائف على نفسه، وصديق عاجز وعدوّ شرس. وخلال خروجه من مرفأ بيروت نتعرف (عبر تقنية الفلاش باك) الى بسام أبو شريف طالب التوجيهية الخجول الآتي من الأردن ليتابع دراسته على مقاعد الجامعة الأميركية في بيروت... ينخرط بسام الطالب في الأجواء الثقافية والاجتماعية والرياضية وتتسع مروحة معارفه، الى أن تأتي هزيمة عام 1967، نقطة التحول الفاصلة، فتتصدر حياة بسام أبو شريف الهموم القومية والسياسية والعسكرية. يلتحق بحركة القوميين العرب ويشارك في نشاطاتها، ويتابع الدورات العسكرية والحركات الطالبية. يتعرف الى جورج حبش وغسان كنفاني ويعمل في الصحافة وينتمي الى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين». ثم تتوالى الأحداث والعمليات العسكرية والانتقامية المتبادلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، من خطف للطائرات واغتيال للقادة. يفقد بسام زميله ورفيقه غسان كنفاني، وفي العام نفسه (1972) ينفجر كتاب ملغوم في وجهه مرسل إليه من جهاز الموساد، فينجو بأعجوبة بعد أن يصاب في عينيه ويديه وساقيه وصدره. ويتابع بسام سرد أيام نضاله الى أن يخرج من بيروت مع المقاتلين... في هذا الكتاب يتداخل التاريخ بالأدب، والعام بالخاص، والقتال والصمود مع حب الحياة والسهر. إلا أن الأهم فيه المقدرة على جمع هذه المتناقضات وقوة الحب والعشق للحياة والأسرة بدءاً بعلاقاته مع أصدقائه ورفاقه، الى قصة حبه، وزواجه، وصولاً الى قمة الوفاء لبيروت. وهو حين يتكلم عن ذكرياته في جامعتها وبحرها ومدنها يصبح شخصاً آخر: شاعراً مبدعاً. ويخصص لها عنوان الكتاب وفصولاً عدة. يقع الكتاب في 360 صفحة من القطع الكبير.