«عبث مستمر» للمرافق العامة.. يكفي «والله عيب»! العبث بالممتلكات العامة سلوك غير سويأبها، تحقيق - مريم الجابر هناك صور عديدة للتخريب والعبث في الممتلكات العامة تظهر لنا جلياً في إتلاف الأشجار والعبث فيها أو إحراقها بأي شكل كان، والكتابة على الجدران والمظلات وتشويهها سواءً في الأماكن العامة والمتنزهات والحدائق والشواطئ، وكذلك إتلاف دورات المياه العامة والتي أنشأت للحاجة الضرورية للمواطن، وعدم المحافظة على ألعاب الأطفال والعبث بها مما يتسبب بإتلافها، أيضاً عدم المحافظة على الحاويات أو سرقتها ورمي الأنقاض عشوائياً، وترك المخلفات على الأرض بجانبها، وهذا الوضع ينطبق أيضاً على الأرصفة، وأرجع بعض العلماء وخبراء الاجتماع وعلم النفس هذه التصرفات العبثية إلى غياب التوعية بأهمية الحفاظ على الممتلكات العامة، ويؤكدون أن الجو الأسري المشحون ينعكس على سلوكيات الأبناء داخل المجتمع، ولكن القضاء على هذه السلوكيات الخاطئة من الأبناء يبدأ من داخل البيت، الذي يجب أن يأخذ على عاتقه تربية أبنائه على تحمل المسؤولية والتعامل مع الممتلكات العامة على أنها أمانة سنحاسب عليها يوم القيامة. سلوك غير سوي "الرياض" استطلعت آراء المسؤولين للتعرف على هذه الظاهرة والحد من انتشارها، حيث تناول "د.نايف المعيقل" عضو المجلس البلدي في منطقة حائل الظاهرة بمنظور تربوي فقال: "العبث بالممتلكات العامة سلوك غير سوي، وهو بمثابة التعرض لأمراض نفسية وتربوية، والسلوك الخاطئ نتيجة طبيعية للتنشئة غير سوية التي تمارسها الأسرة والمدرسة بحق الأجيال، فسوء التربية أساس للكثير من الإشكالات التي يعاني فيها المجتمع، مشيراً أنّ الطفل يتلقى عن مدرسته وأسرته تربية ومعلومات ويفترض أنهما من يكتشف استعداداته وميوله وقدراته وهما من ينمي مهاراته ويشبع احتياجاته ويطلق إبداعاته التي من خلالها يحقق ذاته ويفخر بنفسه وتتشكل اهتماماته وتتحدد اتجاهاته، أما إذا فشلت المدرسة والأسرة في تحقيق ذلك فإن الطالب سيعاني من حالة من الإحباط وعدم التوافق مع الذات ومع المحيط وسينعكس ذلك عليه نفسياً وسلوكياً وبالتأكيد فإن المجتمع وممتلكاته سيتأثران بشكل أو بآخر بتلك السلوكيات. الأسرة والمدرسة مسؤولتان عن الحد من انتشار ظاهرة تشويه «الممتلكات» الاعتزاز بالموروث ويقول المدير العام للتطوير السياحي في منطقة الباحة "عبدالله الغامدي": إنّ من البرامج الموجهة للإدارة كيفية الاعتزاز بالموروث الثقافي والحضاري وبمقتنياتنا التاريخية وبالمواقع السياحية الطبيعية أو الأثرية ومن هذا الاعتزاز تظهر كيفية المحافظة عليها وتطويرها، فلدينا والحمد لله من الطبيعة ما يتمناه غيرنا حتى الصحراء فالكثير من الأجانب إذا قدموا للمملكة يخيمون في البر ويعيشون حياة البادية للاستمتاع بالطبيعة والصحاري، وهذه البرامج تعلم كيف نستمتع ونحافظ ولا نترك أثراً سلبياً في جميع المرافق العامة سواء كانت شواطئ أو صحاري أوحدائق وكذلك المواقع الأثرية من قصور وحصون وغيرها، مضيفاً أنّ الدولة صرفت مليارات الريالات لإنشاء مرافق ومواقع متاحة أمام المواطنين وللأسف يوجد منهم من يقومون بأعمال تخريبية ويشوهون المنظر العام نتيجة للفراغ الذي يعيشونه ومن يعانون من أمراض نفسية ويحرمون غيرهم من الاستمتاع والاستفادة منها بعد تشويهها حيث إن النفس الطبيعية تنفر من مثل هذه الأماكن وتهرب منها بدل أن تزورها وتستمتع بها وبالتالي ينعكس ذلك على المجتمع. المدرسة التي تحذر الطلاب من العبث بالمرافق لم تسلم من التشويه والتخريب المرافق العامة أمانة وترى "د.لطيفة القرشي" من جامعة الملك عبدالعزيز أنّ الممتلكات العامة والمرافق العامة والمؤسسات والمساجد والمدارس والمستشفيات والطرق ووسائل المواصلات أمانة في أعناقنا سنحاسب عليها أياً كانت مكانتنا الوظيفية أوالاجتماعية، مشيرةً أنّ الله سبحانه وتعالى حرم الاعتداء على مال الغير بأي نوع من العدوان وجعله ظلماً، وحرم علينا الاعتداء على الممتلكات التي ليس لها مالك معين، من هنا كان لزاماً علينا المحافظة عليها والتعامل على أنها كممتلكاتنا الخاصة، وتربية الأبناء على أن ذلك الأمر ضرورة دينية فنغرس داخلهم حب الأرض والبيئة والمجتمع ونعودهم على احترام الطبيعة وحب الخير للجميع في كل زمان ومكان، ودعت الوالدين أن يُشعرا أولادهما بأهمية الممتلكات العامة وأنها وجدت من أجلهم ويجب المحافظة عليها والدفاع عنها في كل زمان ومكان ليستفيدوا منها ويستفيد غيرهم، مؤكدة أن ديننا الحنيف يأمرنا بالحفاظ على الشوارع والطرقات والأماكن العامة جميلة نظيفة ويدعونا إلى عدم العبث بها، ولكن للأسف الشديد هناك الكثير من الآباء والأمهات لا يهتمون بهذا الأمر ولا يطبقون أوامر ديننا الحنيف وهم بذلك لا يضرون أنفسهم فقط وإنما يلحقون الضرر بأولادهم لأنهم ينشؤون على الانحراف والفساد واللامبالاة والتخريب والتدمير فتفسد حياتهم ويضيعون. منافع للجميع وشدد "د.محمد اسماعيل" أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب على دور الأسرة في تربية أولادها، مؤكداً أنّ الأسرة مسؤولة عن توعية أولادها بأهمية هذه الممتلكات وأنها منافع للجميع وضرورة عدم العبث بها، فديننا الإسلامي يحثنا على ذلك والدولة أنشأت المدارس والمكتبات العامة والمستشفيات والحدائق والطرق وغيرها من الممتلكات لخدمة الجميع، لذلك يجب أن نربي أولادنا على أن هذه الأماكن يجب عدم إتلافها وتشويهها، وإلا قلت الاستفادة منها، وأن من يقوم بتشويه جدرانها بالكتابة عليها إنما يلحق الضرر بالجميع، وهذا يتطلب متابعة مستمرة للأبناء والاقتراب أكثر من الشباب وصغار السن وتفهم المرحلة التي يمرون بها وغرس حب الآخرين في نفوسهم واحترام ممتلكاتهم، مؤكداً أنّ ظهور مثل هذه السلوكيات لدى الأبناء يعود إلى الجو الأسري المشحون وما يترتب عليه من تعامل الوالدين تجاه الأبناء مع قلة تدريب الأبناء على الضبط الانفعالي في أوقات الغضب، كما أن كثيرا من الآباء يستجيبون سريعاً في حالة إتلاف أحد أولادهم الحاجات الشخصية أو الأجهزة المنزلية ويوفرون البديل فينشأ الأبناء وهم لا يشعرون بقيمة ما حولهم من ممتلكات خاصة أو عامة. التصدي للظاهرة وعن السبيل للتغلب على هذه العادة السيئة، أوضح "د.إسماعيل" أنّ التصدي لظاهرة تخريب الأطفال والشباب للممتلكات العامة يبدأ من داخل البيت لأن الطفل عندما يذهب إلى المدرسة يكون قد اكتسب معلومات وقدرات من المنزل وبالتالي فالأسرة يقع عليها العبء الأول في غرس المفاهيم الصحيحة لدى الطفل ليدرك أهمية احترام ملكية الغير، وبعد ذلك يأتي دور المدرسة في تكملت ما بدأته الأسرة فيتعود الابن على التعامل مع الممتلكات العامة على أنها ملك خاص فيحافظ عليها أينما وجدت، مؤكداً أن الإعلام لابد أن يقوم بدوره في توعية الوالدين بأهمية إشعار الأبناء بالمسؤولية وزرع الانتماء الوطني فيهم بعمل برامج ومسلسلات ترسخ لدى الجميع أن المال العام يساوي في أهميته المال الخاص وأن المرافق العامة هي ملك للجميع ولكل المجتمع حق الانتفاع بها.