الفشل الإداري أساس المعضلة للأستاذ / عبد الله حسين المالكي إن من شروط نجاح أي مؤسسة حكومية أو أهلية أو حتى على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع من حولنا هي الإدارة الناجحة ، ولك أخي الكريم أن تعرف مدى نجاح هذه المؤسسة أو الفرد أو الأسرة أو المجتمع من خلال الأهداف التي تضعها هذه الإدارة لنفسها سواء على الأمد القريب أو البعيد ، فبعد أن تضع الأهداف تتجه لإعداد الخطط التي ترسمها لتحقيق تلك الأهداف المستقبلية ، فبعد إعداد الخطط الصحيحة والتي تبنى وفق دراسات سليمة ونظرة شاملة يتشارك في صناعتها جميع الأطراف التي تتشارك العمل الإداري بعيدا عن أحادية القرار ورأي الفرد والبيرقراطية المتسلطة ، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة التنفيذ . إن إعداد الخطط السليمة لأي إدارة هو أهم مرحلة والتي من خلالها نعرف مدى ثباتنا على طريق تحقيق الهدف من عدمه ، ومن خلال التخطيط تعرف مدى نجاح أهدافك من فشلها . فمن خلال ما سبق من طرح حول الإدارة الناجحة والتخطيط السليم نطرح السؤال التالي : هل إداراتنا المدنية ناجحة إداريا وتمتلك أهدافا ورؤى مستقبلية واضحة وتخطيط سليم ؟ في الحقيقة قد يكون ذلك موجودا ولكنه لا يقارن بما نشاهده ونسمع به من خلل واضح وفشل ذريع في أغلب الإدارات الحكومية والذي يعكسه لنا ما نراه على أرض الواقع ، فحقيقة ما نسمع به عن الهدر المالي الكبير الذي يعلن سنويا شيء مخيف جدا ، فستين مليار الذي قدر بأنه حجم الهدر المالي سنويا على مشاريع الدولة ، والذي في نظري غيض من فيض ، لأن ما خفي قد يكون أعظم ، لو أعلن سيكون كابوسا يؤرق مضاجع عقلاء هذا الوطن . فلو أتحت المجال للعقل وتأملت ما أنتجته لنا تلك الإدارات ، لوجدت شيئا مهولا حقا ، ولأيقنت فعلا أننا في أزمة على المستوى الإداري ، لأننا في الحقيقة نفتقر لكوادر إدارية تنهض بهذه البلد ، حتى نتمكن من اللحاق بمصاف الدول المتقدمة ، فالمال موجودا واليد العاملة موجودة ، ولكن الإدارة والتخطيط مفقود ، فالبنية التحتية متردية بسبب تلك المشاريع المتعثرة والخطط الهندسية الرديئة للمشاريع الحكومية والتي يصرف عليها المليارات ثم نكتشف فيما بعد أنها غير صالحة أو لم ترقى للمواصفات والمقاييس الوطنية المطلوبة ، أو بسبب تلك الأموال التي تختلس دون أن يعلم أين ذهبت ، ومرورا بالخدمات الصحية من مستشفيات ورعاية تقدم للمرضى ثم عرج بنا على وزارة التربية ووضعها المتردي رغم ما يصرف لها من ميزانيات الدولة والتي يشكل ربع الميزانية سنويا ثم عرج بنا على البلديات والمراكز والتي تعتبر معقل الفساد المستشري وغيرها الكثير والكثير في إدارات الدولة وما تقدمه من خدمات للمواطنين . لكن لماذا هذا الخلل الإداري؟ في اعتقادي أن السبب في ذلك هو غياب الأمانة والوازع الديني ، ثم جعل الأمر في غير أهله ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، لأننا في الحقبقة نشكو من داءين فتاكين أولهما داء الواسطة التي وأدت عباقرة البلد وأبناءه المبدعين وممن لديهم الخبرة والدراية والفكر السليم ممن يستطيع أن ينهض بالبلد ويسمو به بين مصاف الدولة المتقدمة وأفسحت المجال للفاشلين وللخونة لتولي المناصب ونهب أموال الدولة والعبث بمدخراتها . وثانيهما داء الرشوة التي أخرتنا كثيرا وجعلت منا بلدا متخلفا رغم ما نتمتع به من نعمة واقتصاد جعلنا من ضمن عشرين اقتصاد على مستوى العالم . الرشوة والواسطة داءين فتاكين يصولان ويجولان شرقا وغربا في بلاد الحرمين مهبط الوحي ومعقل الإسلام ، فالله بيننا وبين من جعل منهما دينا ودستورا له . خاتمة: أخي المواطن افرح فأنت من أسعد خمسين شعب على مستوى العالم ....