الرياضة لم تعد في وقتنا الحاضر ترفا ولهوا ومحدودة الفائدة على البدن كما كان بالماضي البعيد ، بل أصبحت ثقافة وعلاقة وتجارة وسياسة جعلت من بعض الشعوب والأوطان لها مكانا مرموقا ومحلا يوازي النجومية ، فذاك بلد البرازيل عرفنا هذا الاسم منذ عرفنا المجنونة وتداركنا فيما بعد أن هذا البلد أكبر منتج بالعالم للبن إلا أن تلك المعلومة لا وجه للمقارنة بينها وبين التفوق الرياضي وما قد أسهمه من التعريف بذلك البلد ونجومه . وعلى الصعيد المحلي وبالتحديد بمنطقتنا ( جازان ) شاهدنا قبل ثلاثة أشهر الدورة الرياضية للمحافظات المتزامنة مع المهرجان الشتوي بمنطقة جازان والتي شارك فيها منتخب محافظة الداير والذي بكل جدارة استطاع أن يتوج حضوره ومشاركته بشرف حصوله على كأس هذه البطولة لعام 1432ه . حيث عادوا لمحافظة الداير والجماهير تزفهم فرحا بهذا الانجاز باسم محافظة الداير ، ولن اسهب في الحديث عن هذا الانجاز الرياضي ومن كان وراءه لأن الحديث سيطول وربما سيخونني التعبير وابخصهم حقهم من الثناء والشكر والتقدير رغم أحقيتهم للشكر والثناء ، ولكن ما يهمني وما جعلني أكتب هذه الكلمات البسيطة هو ذلك الشعور بالانتماء لمحافظة الداير ( أرضا وإنسان ) والتي هضم حقها عقود ومني أهلها وعود ، فمحافظة الداير هي أكبر محافظات منطقة جازان مساحة وسكانا ، وأجمل محافظات جازان وشهادتي مجروحة ، لكنك أيها الزائر متى ما عرفت أن هذه المحافظة تضم العديد من الجبال الشاهقة والشامخة ، والمشكلة حزاما ممتدا على حدودها حتى تلتقي بمنطقة عسير شمالا والدولة المجاورة شرقا وجنوبا ، وكذلك متى ما منحت النفس فسحة لقضاء شيئا من إجازتك ووقتك في احد أوديتها المتدفقة بمياهها العذبة وايضا متى ما متعت ناظريك بجمال الطبيعة الساحرة ومدرجاتها الزراعية الخضراء وقلاعها وحصونها التراثية وشمرت وصعدت لأعلى قمة في منطقة جازان ( جبل طلان ) وما قد حباه الله من الجمال الرباني بلا شك ستوافقني على ما سبق ذكره . ومع ما قد منه الله على هذه المحافظة من الجمال وهيئها لتكون مشروعا استثماريا ضخم ، إلا أنها تفتقد لأبسط الخدمات وأهمها التي تسهم وتجعل منها ذلك الحلم . وأما الانسان فأهالي هذه المحافظة وعلى تعدد قبائلها إلا أنهم في قديمهم وحاضرهم مواقفهم مشرفة في كل الميادين والأصعدة ، وعلى قدرا كبير من الثقافة والعلم والمعرفة ، رغم ما قد حيك ضدهم من بعضا ممن نصبوا أنفسهم متكلمين ومتحدثين عنهم وعن هذه المحافظة في شتى وسائل الإعلام وبأحرفهم وكلماتهم المليئة بالسواد والعنصرية . فمما سبق لم يكن سوى مدخلا لما سأتناوله حول أهمية الرياضة في محافظتنا ومشاركة منتخب الداير الأخيرة ، بلا شك مشاركتهم وحضورهم لم تكن عبثا ولم تكن ترفا كما يقول من يحرم ويكره الرياضة في محافظتنا ،وبعيدا عن الحديث عن تميز الأداء الذي ظهر به منتخب الداير في جل لقاءاته ، كان الجميع من الحاضرين والمتابعين من أبناء منطقة جازان ومحافظاتها يشيدون بهذا الفريق وبعناصره وبانضباطه واحترامه لمنافسه وما يتحلون به من الأخلاق العالية وتعاملهم الراقي مع الفرق واللجان المشاركة والمسئولين الرياضيين هناك ، والجميع أجمع على تميز هذا الفريق وإدارته وكذلك جمهوره الوفي الذي رسم لوحة فنية رائعة عبر من خلالها عن الحب والوفاء والانتماء . ومما سبق نستخلص أجمل وأصدق رسالة تم إيصالها وقراءتها من قبل عناصر منتخب الداير على الحاضرين والمشاركين في تلك الدورة الرياضية ، كان فحواها نحن أبناء محافظة الداير وأبناء الجبل ( الجبالية ) حضرنا لنقول كلمتنا ولا نحتاج لمن يتكلم عنا حضرنا نشارك إخواننا أبناء منطقة جازان حضرنا لنلجم من يقذفنا بالعنصرية والجهل وعدم الاحترام للآخرين حضرنا لنقول أننا أهلا لاعتلاء المنصات والتفوق والتميز رياضيا وثقافيا وأخلاقيا . حضرنا لنشارك في إنجاح البطولة ثم نتوج جهودنا بالنجاح بعد توفيق الله . والحمد لله تحقق كل ذلك بفضل الله ثم بفضل هؤلاء النجوم الأبطال الذين مثلونا خير تمثيل ورسموا لنا وعنا صورة مشرفة في (أربع لقاءات رياضية ) كانت رسالتهم أسرع وأبلغ من ألف حرف وكلمة ، نجحوا في وقتا قياسي لإيصال ما عجز عنه الكتاب والمسئولين في سنوات . وهنا أعزائي القراء لا بد لنا من الوقوف والتأمل قليلا والاستفادة من الفرص المتاحة ، ففي تكرار طرق هذا الباب والولوج منه مرة ومرات والاهتمام به وبممثلنا من خلاله في المناسبات القادمة هو مطلبا نحتاج إليه وللتعاون والتكاتف من الجميع . وبالمناسبة لم تكن هناك مناسبة تليق بذلك التفوق والانجاز الرياضي لأبناء محافظتنا رغم الاجتهادات الفردية إلا أنها كانت غير مشجعة ومحبطة لتقديم شيئا مماثل لاحقا بالمناسبات القادمة ، فأهالي محافظة الداير من كبيرهم لصغيرهم قد خذلوا هذا الفريق الرياضي وصغروا من هذا الانجاز وجعلوا منه لا شيء بدءا بالوعود والتسويف وانتهاء بتكريما أقل ما يمكن أن أقول فيه ( أن مجموعة من عناصر الفريق قاموا بتأمين مبلغ من المال من جيبهم الخاص بالإضافة لمشاركة بعض الإخوة في لجنة التنمية الاجتماعية وذلك لإقامة مأدبة عشاء تكريما لأنفسهم وللضيوف من خارج المحافظة !! ) أبطالنا وممثلي فريق منتخب الداير نقول لقد بيضتم الوجه ولا ملامة عليكم بعد اليوم أن أخفقتم في المناسبات الرياضية القادمة ، وخاصة متى ما علمنا أن ما تقدمونه من إنجاز باسم المحافظة سيكون مصيره بهذا الشكل المخجل والمحزن . يحي أحمد الخالدي محافظة الداير جازان