تنظر إليه ودموعها تنهمر تختلط الدموع بالبسمة والدمعة بالعبرة ، يا ترى لماذا تبكي وتبتسم في آن واحد ، وهو يبتسم كأنه حاز على اكبر جائزة ... إنه مشهد توقفت عنده فانهمرت دموعي وتذكرت سماحة هذا الإسلام ... القصة من البداية ... إنه وفقني الله تعالى للحج في العام الماضي 1430ه والحمد لله كان حجي سهل ولله الحمد .. أما قصتي التي سوف أرويها لكم والتي ارغب من خلال ذكرها العبرة والعظة ... حدثت هذه القصة في يوم النحر وبالتحديد عند صالون الحلاقة ... في ذلك اليوم الذي يسمى يوم الحج الأكبر ... يوم سكب العبرات ... يوم رمي جمرة العقبة ... يوم الحلق أو التقصير .. يوم الطواف بالبيت العتيق ... بدأت القصة عندما كنت انتظر دوري عند احد صالونات الحلاقة في مشعر منى حيث كنت انتظر لحلاقة راسي والتحلل من الإحرام ... وفجاه يدخل شاب في ريعان شبابه أظنه من الجنسية الفلبينية أو الأندونسيه وخلفه فتاه أظنها زوجته من نفس الجنسية ... فيدخل ذلك الشاب إلى دوره للحلاق الأول يجلس على كرسي الحلاقة وزوجته خارج الصالون تنظر إليه من بعيد ... والغريب ان شعر ذلك الشاب يتدلى من على كتفيه مما يدل انه كان يربي هذا الشعر منذ زمن طويل إن لم يكن منذ ولادته ... لكن الغريب والذي شد انتباهي انه قال للحلاق بلغته أن يحلق رأسه بالموس على الصفر وهذا ما فهمته من إشاراته بحيث إنني لا أجيد فهم لغتهم ... وبدا الحلاق بغسل رأس ذلك الشاب بالماء والصابون استعدادا لحلقه ... وكان هذا الشاب يبتسم وينظر إلى زوجته التي كانت في باب صالون الحلاقة ... ولكن الذي شد انتباهي هو الدموع التي انهمرت من عيون زوجته بغزارة كأنها الشلال وقد اختلطت دموعها بالبسمة ... وهذا الذي شد انتباهي ... أما زوجها فكان ينظر لزوجته الواقفة عند باب صالون الحلاقة وهو يبتسم ... استمر الموقف حتى انتهى الحلاق وأصبح شعر ذلك الشاب عند الأقدام ... أما الزوجة فزادت من الدموع والابتسام ... وأخيرا خرج ذلك الشاب من عند الحلاق وأخذ زوجته وتوارىء عن الأنظار نظرا لشدة الزحام ... لكن هذا الموقف أثر في قلبي وانهمرت منى الدموع ... عندما تذكرت سماحة هذا الدين ومكانة الحج في نفوس كل الناس ... وقد فسرت وتوصلت من هذا المنظر والموقف أن ذلك الشاب كان شعر رأسه له عنده مكانة في قلبه وله أهمية كبرى في أنه ربي شعره فترات طويلة حتى وصل لهذا الطول ... ولكنه لما علم بفضل هذا الحج وأن الحلق له أجر عظيم حلق رأسه لله ومن أجل الله ... أما زوجته فلقد فسرت ما كان يدور بداخلها من حب لزوجها وماكنته في قلبها ... وانهمرت دموعها لما قام به من حلق هذا الشعر الذي كان أغلى شيء في حياته منذ زمن بعيد ... وكيف ضحى بأغلى ما لديه من أجل الله ... فما أعظمك من دين ... عندها تذكرت سماحة هذا الدين وأنه عظيم ... عندها تذكرت قول المولى جل جلاله (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الآية ... بقلم / حسن سليمان المالكي 4/4/1431ه