رسالة لمشائخ المنطقة بقلم / عبد الرحمن قاسم الزاهر لقد أثبتت الأزمة الحالية بأن القبائل اليمنية الحدودية وخاصة من ناحية بني مالك و فيفاء وتليد كانت سياجا محكما في وجه التسلل الحوثي , وضربت قبائل منبه وآل يزيد وآل ثابت على سبيل المثال -أروع الأمثلة في الشجاعة والصمود في وجه الحوثيين رغم إمكانياتها المتواضعة جدا مقارنة بما يملكه الحوثيين من أسلحة ثقيلة ودعم لا محدود من جهات مختلفة . هذه القبائل تعيش في الوقت الحاظر في غاية البؤس والخوف والعوز , فقد كان معظم تموينها الغذائي يأتي من الأسواق السعودية المجاورة والقريبة منها , ومع بداية الحرب وتشديد المراقبة على الحدود انقطعت تماما تمويناتها , وبما أن هذه القبائل كانت حتى قبل الحرب تعيش أوضاعا مأساوية مؤلمة - فقد زادتها الحرب بؤسا على بؤسها وخاصة مع الحصار المضروب على شمال اليمن , فانتشرت المجاعات في إرجاءها وبلغت أسعار المواد الغذائية أسعارا لا يستطيع دفعها حتى من كانوا من المؤسرين سابقا . من هنا فقد اقترحت في أحد أخبار المنشورة عن هجوم الحوثيين على قبيلة آل ثابت - أن يتم تجهيز قافلة من المواد الغذائية والطبية وتقدم لتلك القبائل كهدية من القبائل السعودية المجاورة لها تقديرا لشجاعة تلك القبائل ودعما لها في مواجهة أعدائنا وأعدائها , فتلك القبائل يربطنا بها أواصل الدين والدم والجوار , وبيننا وبينهم إسلاف وأعراف وحلف قديم تمسكنا به من مئات السنين , بل تسكن بينهم العديد من العشائر التي نزحت من بيننا قبل وقت قريب , وإذا كان بعض المسئولين لدينا الذين جاءوا من أقصى الشرق أو الشمال لا يعرفون هذا الشيء فمشائخنا كان ينبغي أن يعرفونه ولا ينسوه أو يتجاهلوه , فليس من الشهامة ولا الرجولة أن نتفرج على هذه القبائل وهي تصارع عدوا عجزت دولتين في القضاء عليه - ثم تتساقط تباعا تحت ضربات الحوثيين , أو تطرد من أراضيها ويشتت شملها ثم لا نساعدها على الأقل بما يسد رمقها من الجوع لعدة أيام , وليس بيننا وبينهم إلا مرمى حجر . أن مثل هذه المساعدة الرمزية ذات الأبعاد الإنسانية والسياسية أيضا - سيكون لها أبلغ الأثر على نفوسهم , ويشعرون بأنهم ليسوا وحدهم في جبهة القتال , ويخلد التاريخ بأننا حاربنا معا عدوا واحدا في جبهة واحدة , لا أن يكتب التاريخ بان نصفهم قد هلك ولم يقدم جيرانهم لهم على الأقل كيسا من الدقيق !! . ان المساعدات الحكومية أو الرسمية قد تكون صعبة في مثل هذه الظروف , وقد تفسر تفسيرات خاطئة , أما مساعدات القبائل السعودية لجيرانها فلا يمكن لأحد التشكيك فيها , فهم أخوتنا وجيراننا ومددنا إليهم يد المساعدة . وهم أيضا موالين للحكومة اليمنية والسعودية ويقفون معهما في خندق واحد , ويمثلون خط الدفاع الأول عن حدودنا وسياج محكم يخدم الأمن السعودي واليمني معا , فهل ننتظر حتى يصبح هذا السياج مخترق أو محطم , أو لا تجد هذه القبائل مناصا من الانضمام للحوثيين ؟! اننا في الحقيقة لا نختبئ خلف هذه القبائل فنحن قادرين على الدفاع عن حدودنا كما فعلوا , والجيش السعودي قادر على حماية حدود الوطن وقد فعل ذلك , ولكن ليس من الحكمة ولا العدل أن نتجاهل ما يجري خلف الحدود , أو ننتظر حتى يأتي الدور علينا , كما ينبغي أن يدرك الجميع بأن المعركة القادمة لن تكون حربا تقليدية وإنما ستكون حربا فكرية لا تجدي معها الأسلحة نفعا مهما كانت حديثة ومتطورة , وتحتاج إلى حكمة وعقول واعية لإدارتها . يا مشائخ شمل بني مالك وفيفاء : اثبتوا لنا ولو مرة بأنكم مشائخ لا تختلفون عن أسلافكم قبل نصف قرن , والذين رغم أنهم لا يملكون أختاما حينها فقد اجبروا الجميع على احترامهم وكانت لهم كلمة مسموعة , وأدوار هامة في الأحداث خلدها التاريخ .