نوقش هذا الموضوع، وعلى نطاقٍ واسع، ومن كل جوانبه، وشُكلت لجان متعددة تدرس إمكانية حل هذه المعضلة الجسيمة؛ تلك التي تؤرق الأندية وتسبب معاناة من الفاقة وقلة الموارد. بل إنه لا يخلو منبر إعلامي من الحديث عن هذا الأمر، سواء في القنوات المرئية أو المقروءة؛ وإنما ذلك للإدراك التام من جانب القائمين على الرياضة والمعنيين بها، أن الأوضاع المالية المتردية لن تصنع أندية منافسة على كافة الأصعدة الرياضية، ليس فقط في كرة القدم؛ التي تستحوذ على النصيب الأكبر من مداخيل تلك الأندية، بل في سائر الرياضات والألعاب. ولعل ما حدث في أولمبياد صيف 2012م في لندن أقوى داعٍ لوجوب الاعتراف بالمشكلة ومواجهتها بشكل أكثر جدية من ذي قبل. فتردي الوضع الرياضي في مملكتنا الحبيبة، وهي من الدول التي تشكل ثقلا اقتصاديا كبيرا على مستوى العالم، يجعل الرياضي المتابع في حيرة من أمره، خصوصا عندما تجد من يناقش أمر تردي النتائج الرياضية لدينا من خارج محيط الوطن، وربما لا يجد جوابا شافيا لما يحدث، وقد يذهب بفكره لأمور أخرى قد تندرج تحت مسمى (الفساد). من يتابع لقاء الأمير نواف بن فيصل -الرئيس العام لرعاية الشباب- يجد أن جل حديثه كان عن الضائقة المالية التي تواجهها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهذا دليل على أن الرياضة السعودية تعيش أزمة حقيقية، تتمثل في ضعف الإنفاق من قبل الدولة على الرياضة. لعلي هنا أطرح فكرة أجدها -من وجهة نظري- مفيدة للأندية متى ما طبقت بالشكل السليم، على أن تتبنى الرئاسة العامة لرعاية الشباب مسؤولية تنفيذها، فتصبح هي المراقب المالي لكل الأندية. وذلك بأن تكون هناك لجنة مالية وقانونية تعمل على دراسة القوائم المالية لكل ناد على حدة، وبمختلف درجات المحاسبة؛ من إيرادات ومصروفات، وبناءً على ذلك تتم المحاسبة، فعندما تعرف اللجنة أن إيرادات هذا النادي أو ذاك بلغت قيمة معينة؛ فهي تُلزمه بأن تكون مصروفاته وفق هذه القيمة، على أن تقوم هذه اللجنة بجدولة الديون السابقة، وتخصيص نسبة معينة من الإيرادات لتغطية تلك الديون إن وجدت. لقد يكون في هذا الأمر حل يُخلص الأندية من الوقوع في الأزمات المالية المتكررة، متى ما وضعت الضوابط القانونية التي تخدم هذا المقترح بشكل منظم. ودعوني هنا أوضح هذا الأمر بمثال بسيط: لو افترضنا أن إيرادات النادي (أ) 100 مليون؛ فيجب أن يقدم ميزانية مصروفات لا تتجاوز هذا المبلغ، وفي حال ثبوت التجاوز من قبل اللجنة المالية والقانونية فلتتخذ في حقه الإجراء النظامي الذي يضمن عدم التجاوز. قد يقول قائل: إن الأندية الجماهيرية لديها أعضاء شرف يستطيعون تغطية أي عجز مالي يطرأ، وهذا الأمر يسهل الرد عليه؛ فكل عضو شرف لديه العضوية الشرفية ومستوفٍ شروطها ويرغب في دعم ناديه، يقدم دعمه من خلال الميزانيات المقدمه للجنة، وتدرج ضمن إيرادات النادي، بعيدًا عما يسمى ب"الهبات"، وتعتبر جزءا من الإيرادات تستوجب التحصيل، وللجنة الحق في إظهار الأمر ببيان تفصيلي، في حال لم يلتزم العضو بما وعد به، وتسقط عضويته. بهذا قد تُحل مشاكل كثيرة للأندية؛ ليست مالية فحسب؛ بل وفي جوانب أخرى مهمة؛ كأن تصبح الأندية بيئة جاذبه للعمل، وتستقطب الكفاءات الإدارية المميزة. ثمة طاقات إدارية كبيرة تملك الفكر والقدرة على العمل الإداري المنظم؛ لكنها تخشى الدخول في معترك الأندية، خوفا من المشاكل المالية التي قد تؤثر على مسيرة العمل؛ فعندما توجد حلول كبيرة لتفادي تلك المشاكل المالية بإشراف الرئاسة العامة لرعاية الشباب، سنجد السباق على رئاسة الأندية، والعمل فيها بشكل أوسع، وقد نجد تفعيلاً لدور أعضاء الجمعيات العمومية للأندية، وستختفي الأرقام الضعيفة ك(عدد).. التي نشاهدها في الجمعيات العمومية وقت الانتخابات، فالأعداد البسيطة التي تشارك في الجمعيات العمومية لا تتناسب بشكل من الأشكال مع قيمة الأندية ومكانتها ككيانات. المال هو العمود الفقري والعامل الرئيس للرياضة السعودية، وعندما نجد الحلول السليمة لهذا العجز، ونوفر الميزانية التي تضمن معالجة الخلل في كل الجوانب الرياضية، حينئذٍ قد يتحسن الوضع، ونعود برياضتنا إلى ميادين المنافسة والإنجازات، على كافة الصعد الإقليمية والأسيوية والعالمية. الأمير نواف قال في لقائه مع تركي العجمة كلمة، ربما لم يتنبه كثيرون لأهميتها، وهي تتعلق بإنفاق الدولة على الرياضة في السابق، وكيف كان؛ حيث كانت تنفق أضعاف ما تنفقه أية دولة مجاورة، وكانت المملكة العربية السعودية -وقتها- تتربع على قمة الإنجازات القارية، ونستنتج من هذا الكلام أن الإنفاق أصبح ضعيفا؛ لذلك توقفت الإنجازات. معطيات النجاح واضحة، ورموز المعادلة لا تحتاج لتحليل، فهل نتمكن من إيجاد الحل؟؟. ودمتم بخير ،،، سلطان الزايدي [email protected]