الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه نقولها بقلوب مؤمنه بقضاء الله وقدرة، لقد رحل سلطان الخير ولكن أعماله العديدة والكثيرة، والتي حرص " رحمه الله " على قيامها ومتابعة أمورها حتى أثناء مرضه باقية شامخة متزينة باسمه، فما سؤاله لمدير عام مؤسسة سلطان الخيرية الدكتور ماجد القصبيان معاتباً قبيل سفره للعلاج بقوله "ورآك ما عد صرت زي أول تعطيني أعمال خيرية " إلا دليلً على حرصه الدائم على فعل الخير. رحل سلطان الإنسانية، بعد أن قدم لها الكثير والكثير من المشاريع والدعم لكل محتاج ولكل فقير.. لم يرد أي إنسان طرق بابه واستجار به، فبابه مفتوح للجميع. ولم يكتفي بمشاهدة صورة المرأة المسنة في صحراء النيجر تحفر بيوت النمل، لتأخذ منها ما خبّأته من حبوب لتأكلها مع أولادها من شدة الجوع، بالتأثر، بل أمر على الفور بتشكيل فريق لدراسة وضع تلك المرأة، ليكون ميلاد لجنة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخاصة للإغاثة، ولم تجد المرأة سوى أن ترفع يدها إلى السماء وتدعو للأمير سلطان، ولسانها يردد "الله أكبر.. الله أكبر". رحل سلطان العلم بعد أن سخر وقته وجهده له، وشجع وحث ودعم شباب الوطن في طلب العلم والرقي به، ولم يتوانى في دعم الشباب الذكور منهم والإناث لأي مشروع يساهم في رقيهم ويعزز ثقافتهم. فكان يحرص " رحمة الله " على تقديم هديته الغالية ( قلمه الخاص أو ساعته الخاصة واو سبحته ) لأصحاب التميز والتفوق دعما لهم وبما تمثله هذه الهدية من معاناً عظيم. رحل سلطان الخير الذي لم يقتصر خيره على الإنسان بل تعدى الى الحيوان والطير، فأولاهم جل اهتمامه وسخر للعاملين عليهم كل احتياجاتهم للمحافظة عليهم من الانقراض ومحميات السعودية خير شاهدً على ذلك. واتخاذ هذا الموضوع هماً شخصياً بالنسبة له في تشجيع تصميم وإجراء البحوث العلمية المتعلقة بتنمية البيئة ووضع عديداً من الجوائز لتحفيز العلماء على إجراء مزيدٍ من الأبحاث والدراسات. رحل سلطان من دنيا الفناء الى ديار الحق والبقاء، ولكنه ترك في قلب كل إنسان حب سلطان، إننا لو ملئنا الدنيا صفحات عن سلطان الخير فلن نحصي أعماله ولا أفعاله. فالمشهد المؤثر وهو يحمل الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ويتحدّث إليه بعفوية وتواضع، وقول الطفل له " يبه أنا أحبك"، فما كان رده رحمه الله " وأنا أحبك بعد " انما يدل على القلب الكبير الذي يحمله هذا الانسان العظيم بمشاعره وعطفه، وكما هو الحل مع الثلاثة أطفال الذين تبرع بعلاجهم على حسابه الخاص خارج الوطن عام 2005، وجاء ذلك أثناء احتفال جمعية الأطفال المعاقين بحائل. لقد بكى فراقك البعيد قبل القريب، القلوب قبل العيون، العليل والصحيح، والغني والفقير، فأنت الأب والأخ والصديق والأمير والغالي على قلوبنا وأرواحنا، ورحمك الله يا سلطان بن عبدالعزيز وجزأك عن كل ما قمت خير الجزاء. فمن غيره انتشل 18 شخصاً، جميعهم صم بكم يعيشون في خيام بدائية في صحراء شمال الطائف، وبعد أن قرأ معاناتهم في إحدى الصحف المحلية، وأمر ببناء مقار لسكنهم، وبناء مسجد ملحق بمقر إقامتهم، وكذلك محال تجارية لهم. وإن الكرم لا يستغرب على الكريم النبيل، وتعجز الكلمات عن ذكر موقف إنسان عطوف أبوي، فاض كرمه فوصل شتى أنحاء العالم؛ فما بالك بأبناء الوطن. اختم بالدعاء لحبيبنا وقائدنا وملكنا عبدالله بن عبدالعزيز " حفظة الله " بان يعينه على فراق عضيده وولي عهده سلطان بن عبدالعزيز" رحمه الله "، وان يمن الله عليه بالشفاء التام. وان يعينه على هموم أمته. إن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا سلطان الخير لمحزونون " إنا لله وانا اليه لراجعون ".