أكتب اليوم عن شخصية استثنائية في هذه الحقبة من تاريخ النصر، رجل حاذق شاهق اسمه أيمن سعيد باحاذق، ومهنته دكتوراه في جراحة المخ والأعصاب، ويبدو أن تخصصه هذا جعله يضع يده على مشكلة النصر الحقيقية، المتمثلة في ضعف القاعدة، وهي في الأندية تماثل المخ والأعصاب في جسم الإنسان، فوضع مبضعه في الفئات السنية، وراح بصمت وهدوء الجراحين يعالج هذه المشكلة، وكنا لفترة طويلة نسمع عن عضو الشرف الداعم وما يقدمه من فكر ومال وجهد دون أن نراه، كان زاهدا في الإعلام، يعمل ويبذل بصمت، وأروع الرجال هم من تعرفهم من خلال أعمالهم وإنجازاتهم، كان مختلفا عن كثير من أعضاء شرف النصر الذين يتعاطون مع النادي باعتباره (مزرعة) خاصة، وفي أحسن الأحوال شركة مقفلة تندرج تحت بند (حلالنا)، وعندما حقق فريق الناشئين بالنادي أولى ثمار هذا الجهد والمتمثل في فوز النصر ببطولة الدوري، في زمن اليباس والقحط النصراوي، ظهر الرجل الحاذق الباسق أيمن باحاذق، كان يشبه جمهور النصر كثيرا، بسيطا متواضعا، لم يكن منتفخا بالبطولة، ولم يتحدث (بطاووسية) كما يفعل غيره في مثل هذه المناسبات، مع أن الجهد الذي قام به، والمنجز الذي حققه يعطيه الحق بذلك، بل أنه وبتواضع الكبار راح ينسب الفضل لغيره، فذكر قائمة طويلة من الأسماء، معتبرا ما تحقق مجرد خطوة صغيرة في مشوار طويل، وهذا النوع من أعضاء الشرف ممن يحترمون عقول وقلوب جماهير النصر هو ما يحتاجه العالمي في هذه المرحلة وفي المستقبل، وعلى بقية الشرفيين الذين لا نعرفهم إلا من خلال تصريحاتهم الإعلامية أن يتغيروا أو يخلوا الساحة، فالنصر الكيان أعطاهم الكثير ولم يعطوه سوى الفتات، قدمهم للمجتمع وللإعلام ولم يقدموا له سوى السراب تلو السراب، ولأن الضد يظهر حسنه الضد، أشير إلى عضو شرف نصراوي لو أحصينا عدد تصريحاته لوسائل الإعلام لوجدناها تفوق رقما ما قدمه من مال للنادي منذ أن قرن اسمه بلقب رنان لا يستحقه وهو (عضو شرف نادي النصر)، وهو أول من يعرف بأنه مجرد عالة على الكيان النصراوي، وجماهير النصر التي تدعو الله ليل نهار أن يكثر من أمثال الدكتور أيمن باحاذق في كل مفاصل ناديهم، فإنهم في ذات الوقت يدعون الله أن يخلص النادي من بعض الشرفيين البخلاء على النصر بالفكر وبالعمل وبالمال، ممن ينطبق عليهم قول الشاعر: (لا خيل عندك تهديها ولا مال، فليسعد النطق إن لم تسعد الحال)، لقد استنزفوا النصر وحسب، وآن الأوان أن يلوذوا في المجهول، فقد خرج النصر من عباءتهم، إنه زمن أصحاب القامات الشاهقة، ممن يمتلكون العقول والأيدي السخية لصناعة طراز مبهج من المستقبل. إنها على كل حال، تحية صغيرة لرجل كبير، لمنجز كبير، لمستقبل كبير.