هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    رياض العالم وعالم الرياض    الرياض الجميلة الصديقة    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    مبدعون.. مبتكرون    "إثراء" يختتم أعمال مؤتمر الفن الإسلامي.. استعادة وهج الحِرف اليدوية بمشاركات محلية وعالمية    أكد أهمية الحل الدائم للأزمة السودانية.. وزير الخارجية: ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية واحترام سيادة لبنان    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    التصعيد الروسي - الغربي.. لعبة خطرة ونتائج غير محسوبة    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    القوة الناعمة.. نجوم وأحداث !    صافرة الكوري «تخفي» الهلال    طائرة الأهلي تتغلب على الهلال    الاتفاق يختتم تحضيراته    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    الفيصلي يحتاج وقفة من أبناء حرمة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأحد المقبل    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    الجموم بمكة المكرمة تسجّل أعلى كمية لهطول الأمطار ب (22.8) ملم    لا فاز الأهلي أنتشي..!    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    «إثراء» يُعيد وهج الحِرف اليدوية بمشاركات دولية    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    القصف والجوع والشتاء.. ثلاثية الموت على غزة    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    وزير المالية : التضخم في المملكة تحت السيطرة رغم ارتفاعه عالميًا    اكتمل العقد    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    وزير الشؤون الإسلامية: ميزانية المملكة تعكس حجم نجاحات الإصلاحات الإقتصادية التي نفذتها القيادة الرشيدة    استقبل مدير عام هيئة الهلال الأحمر نائب الرئيس التنفيذي لتجمع نجران الصحي    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    حكايات تُروى لإرث يبقى    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطرق كاتبه إلى كافة ملامحها الأساسية: المدينة المنورة في عهد الملك عبد العزيز 1344 - 1373ه
نشر في البلاد يوم 27 - 04 - 2012

إثراء جديد للساحة الثقافية التاريخية في المملكة قدَّمه الكاتب الأستاذ محمد بن صالح البليهشي في مؤلفه الجديد "المدينة المنورة في عهد الملك عبد العزيز آل سعود 1344-1373ه " والكتاب يأتي في 350 صفحة من القطع المتوسط وثمانية أبواب تطرَّقت في مواضيعها إلى المدينة المنورة بشكل عام من حيث فضلها، حرمتها، أسماءها موقعها، ثم مسارها التاريخي ، أما الباب الثاني فيصف المدينة المنورة في عهد الملك عبد العزيز بينما يأتي الثالث وفيه كافة الزيارات التي قام بها الملك عبد العزيز إلى المدينة المنورة، ثم يليه الباب الرابع والذي سرد تعاقب أمراء المدينة المنورة على إمارتها في عهد المؤسس رحمه الله أما الباب الخامس فيشمل معالم من التطور الإداري في المدينة المنورة ، ويتطرَّق الباب السادس إلى اهتمام الملك عبد العزيز بالمسجد النبوي الشريف أما الباب السابع فيضم في صفحاته كافة معالم التطور الحضاري بالمدينة المنورة في عهد الملك عبد العزيز من العام 1344 حتى العام 1373ه ويأتي الباب الثامن والأخير في الكتاب ليقدم شرحاً وافياً لكافة ماقيل من أشعار تزامن قولها مع دخول المدينة المنورة تحت مظلة الملك عبد العزيز، والمتزامنة مع زيارات الملك عبد العزيز إلى المدينة المنورة، والمتزامنة أيضاً مع توسعة المسجد الحرام الشريف.
المدينة المنورة تاريخياً..
موقع المدينة المنورة التاريخي:
تؤكد المصادر التاريخية أن المدينة المنورة ظهرت على مسرح العمران كمركز عمراني خلال الألف الأولى السابقة للميلاد، حيث كانت محطة مهمة في طريق التجارة بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر متميزة منذ ذلك الحين بموقعها الإسترايتيجي الهام ووفرة مياهها وخصوبة تربتها وحصانتها الطبيعية مما شجع على الحياة بها وجذب أصحاب التجارة إليها وبذلك نمت وتطورت وأخذت مكانها في عالم الحياة والاقتصاد والتجارة ومع مرور السنين قوي مركزها الإستراتيجي وتألقت تربتها وغرس الناس النخل بها وانجذبوا إليها خاصة بعد أن شرفت بهجرة سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي جعل منها مركز الانطلاق لنشر دعوته عليه الصلاة والسلام والذي به سمت وارتفع شأنها وتحوَّلت من محطة تجارية على الطريق القديم ، بين جنوب الجزيرة وشمالها إلى عاصمة سياسية لدولة مترامية الأطراف من فارس إلى مصر وكانت هذه المدينة الكريمة في عهده عليه الصلاة والسلام وفي عهود خلفائه الراشدين هي عاصمة الإسلام ومركز الدعوة وإليها تصغى آذان وتتطلع الأفئدة والقلوب ومنها تنطلق الجيوش وتعقد الرايات..
واستمر هذا حتى انتقلت العاصمة الإسلامية إلى الكوفة ثم إلى دمشق وبغداد حيث شعرت هذه المدينة بالانحسار وفقدت الكثير من الوظائف السياسية والعسكرية ولكنها بقيت مقدرة محترمة في نفوس المسلمين، إلى مسجدها تُشد الرحال وتعيش في وجدان الأمة وتحتل قمة احترامها وتقديرها، وعادت إليها وظيفتها القديمة كمحطة تجارية بين الجنوب والشمال في جزيرة العرب ، ولكن هذه الوظيفة لم تدم طويلاً حيث استعمل الناس البحر بدلاً من البر عندما توسعت وانتشرت المراكب الشراعية فأحست المدينة المنورة بالعزلة التجارية والاقتصادية من جديد ولم تجد متنفساً إلا من خلال من يأتيها في مواسم الحج والعمرة والزيارة من المسلمين الذين يتأثر عددهم قلَّة وكثرة بما تشهده المنطقة من حروب وغارات ومصاعب.
وقد شهد موقع المدينة تألقاً مؤقتاً في تلك الفترة وذلك عندما احتفلت بوصول سكة الحديد إليها في سنة 1906م الموافق 1326ه التي ربطتها بالشام واختصرت المسافة بينها وبين الشام إلى أربعة أيام وبذلك انتعشت تجارتها واقتصادها وزاد عدد سكانها من عشرين الف نسمة إلى 80 الف قبل قيام الحرب العالمية الأولى، لأنها بذلك صارت منطقة جذب للهجرة من أنحاء العالم وازدهرت خلال العشر السنوات التي عمل بها الخط الحديد المذكور وفي سنة 1914م عصفت بالعالم موجات الحرب العالمية الأولى وخربت معظم قضبان السكة الحديدية سنة 1335 ه فتضاءل موقع المدينة المنورة من جديد وانزوت في ركود اقتصادي واجتماعي وعزلة " داخل أسوارها" فلم تعد لها صلة حتى بما حولها من مدن وقرى واستمر ضيقها ذلك حتى قيام العهد السعودي في سنة 1344ه الذي بدأت به عصراً من النمور والازدهار والتطور حيث أولتها الحكومة السعودية اهتماماً خاصاً وجعلت منها مركزاً متميزاً لأهميتها الدينية وقدسيتها وموقعها كنقطة التقاء تصل مدن الشمال بمكة المكرمة وجدة والطائف.
وأمراء المدينة المنورة في العهد السعودي:
- أما في العهد السعوي الذي بدأ في 19 جمادى الأولى سنة 1344ه فقد تولى إمارة المدينة المنورة :
- صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبد العزيز آل سعود وهو أول أمير سعودي على المدينة المنورة حيث كان تعيينه من قبل والده تكريماً له حيث ظلت الإمارة باسمه حتى عام 1385ه عندما تم تعيين سمو الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز.
- ولكثرة مشغوليات سمو الأمير محمد بن عبد العزيز ولحاجة والده إليه ضمن إخوانه في تأسيس الدولة، فإنه لم يتول الإمارة فعلياً بها وصارت تدار أمورها بالوكالة حيث تولى إمارتها بالوكالة كل من:
- الشيخ إبراهيم السالم السبهان صار وكيلاً للإمارة من 19 جمادى الأولى سنة 1344ه إلى نهاية جمادى الآخر سنة 1345ه وكان السيد حمزة غوث معاوناً له في الإمارة.
- الأمير مشاري بن جلوي وكيلاً للإمارة من غرة رجب سنة 1345ه إلى نهاية 9 ربيع الأول سنة 1346ه واستمر السيد حمزة غوث في عمله معاوناً للوكيل خلال هذه الفترة .
- الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم وكيلاً للإمارة من 10 ربيع الثاني سنة 1346ه إلى 13 صفر سنة 1355ه.
الشيخ عبد الله السديري وكيلاً من 21 صفر سنة 1355ه إلى 13 شعبان سنة 1379ه بوفاته.
- الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السديري وكيلاً من 29 شعبان 1380ه إلى 1385ه.
- صاحب السمو الملكي الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز أميراً للمدينة المنورة من غرة رجب سنة 1385ه إلى وفاته في سنة 1405ه ، وكان الشيخ سعد الناصر السديري قد عين وكيلاً للإمارة من 22 رجب سنة 1387ه وظل قائماً بالإمارة بعد وفاة سمو الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز حتى تم تعيين سمو الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أميراً للمدينة وذلك بنقله من إمارة تبوك في 15 جمادى الأولى سنة 1406ه.
- صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز في 15 جمادي الاولى سنة 1406ه حتى تم تعيينه اميراً لمنطقة مكة المكرمة سنة 1420ه.
- صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز نقلاً من إمارة حائل سنة 1420 إلى صدور الأمر الملكي الكريم بنقله إلى الاستخبارات العامة في 19-9-1426ه.
صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز آل سعود في 19-9- 1426ه.
يصف الكاتب في كتابه يوم دخول الملك عبد العزيز إلى المدينة المنورة وفيه يقول:
اليوم المجيد:
لقد كان يوم السبت التاسع عشر من شهر جمادى الأولى من سنة 1344ه يوماً مشهوداً في تاريخ مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم .. حيث كانت المدينة المنورة على موعد مع التاريخ لبدء مرحلة جديدة من مراحل حياتها تحت مظلة حكم عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود.. استسلمت المدينة المنورة ودخلت في كيان الدولة السعودية التي يقودها الملك عبد العزي آل سعود الذي يحرص منذ خطواته الأولى على توحيد كيانها ولم شتاتها وعلو بنيانها دولة قوية متماسكة عظيمة الجانب شامخة البنيان..
لقد حرص الملك عبد العزيز على أن يحفظ للمدينة المنورة مكانتها وقدسيتها واحرتامها ، كان حريصاً عليها حفياً بها لأنها مدينة خير البرية عليه الصلاة والسلام إليها هاجر ومنها انطلقت جيوشه تصدع بالحق وتعلي كلمة الله في أرضه وبها جسده الطاهر ومسجده الشريف وهي أحب البقاع إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. ولذلك أصدر الملك عبد العزيز أوامره إلى جيشه الذي يسير معه لتوحيد أجزاء البلاد وجمع شتاتها بأن يكتفي بحصارها فقط ولا يدخلها إلا بعد أن يأذن الملك نفسه لذلك الجيش حرصاً منه يرحمه الله على قداستها ورغبة في عدم إراقة الدماء بها.
وتحقق اليوم المجيد وتحققت رغبة الملك عبد العزيز يرحمه الله.. فمع تباشير فجر السبت 19-5-1344ه استقبل المعسكر السعودي بعض ضباط الحامية وخيالتها وفي مقدمتهم:
عبدالمجيد باشا، عزت باشا، عبد القادر الديري ، قاسم الديري. فاستقبلهم سمو الأمير محمد بن عبد العزيز ومعه بعض قادة الجيش كإبراهيم النشمي ,عبد المحسن الفرم وبعد تكريمهم أعلنوا أنهم جاهزون للتسليم فأمر سمو الأمير محمد بن عبد العزيز أحد رجاله وهو ناصر بن سعود الفرحان بالتوجه مع مجموعة من الجنود والخيالة لاستلام المرافق والثكنات والمراكز .. فتم تسليم القلعة ومستودعاتها وثكنة باب العنبرية ومقر إمارة المدينة المنورة وكافة نقاط الحراسة على سور المدينة المنورة وكانت طريقة التسليم تتمثل في انسحاب رجال عبد المجيد باشا من المواقع واحداً بعد الآخر وإحلال رجال الأمير محمد بن عبد العزيز محلهم .. وبعد انتهاء التسليم في مساء ذلك اليوم كتب الشيخ عبد الله القين وصالح رفة وثيقة التسليم بحضور عبد المجيد باشا ونائبه عزت باشا والشريف شحات والشريف أحمد بن منصور وبعض رجال الأمير محمد بن عبد العزيز.
ووزعت أعطيات على رجال الحامية وسمع بعض المواطنين الذين خرجوا من المدينة المنورة أثناء الحصار بذلك اليوم الذي استبشر فيه جميع أهل المدينة المنورة لدخولها تحت مظلة الملك عبد العزيز فغادروا إليها سراعاً فرحين مستبشرين وبذلك اليوم دخلت المدينة المنورة عهداً جديداً اندملت فيه جراحها وفتح أمامها الأبواب الواسعة إلى منافذ الاستقرار والتألق والشموخ الذي عاشت به وفقدته قروناً عديدة ثم أراد الله لها أن تتلقاه بعد طول فراق.
زيارات الملك عبد العزيز إلى المدينة المنورة
قام الملك عبد العزيز "يرحمه الله" بثلاث زيارات إلى المدينة المنورة خلال فترة حكمه .
الزيارة الأولى:
ربيع الثاني 1345ه هو تاريخ الزيارة الأولى إلى المدينة المنورة حيث توافد لاستقباله جميع سكان المدينة المنورة حيث خطب فيهم الملك الباني "طيب الله ثراه " قائلاً :
"إننا نبذل النفس والنفيس في سبيل راحة هذه البلاد وحمايتها من عبث العابثين ولنا الفخر العظيم في ذلك .. وإن خطتي التي سرتُ ولا أزال أسير عليها هي إقامة الشريعة السمحاء كما أنني أرى من واجبي ترقية جزيرة العرب والأخذ بالأسباب التي تجعلها في مصاف البلاد الناهضة مع الاعتصام بحبل الدين الإسلامي الحنيف.. وإنني أعتبر كبيركم بمنزلة الوالد وأوسطكم أخاً وصغيركم إبناً فكونوا يدأً واحدة وألفوا بين قلوبكم لتساعدوني على القيام بالمهمة الملقاة على عاتقنا..
إنني خادم في هذه البلاد العربية لنصرة هذا الدين وخادم للرعية .. إن الملك لله وحده .. وما نحن إلا خدم لرعايانا فإذا لم ننصف ضعيفهم ونأخذ على يد ظالمهم وننصح لهم ونسهر على مصالحهم فنكون قد خُنا الأمانة المودعة إلينا.. إننا لا تهمنا الأسماء ولا الألقاب وإنما يهمنا القيام بحق الواجب لكلمة التوحيد والنظر في الأمرو التي توفر الراحة والاطمئنان لرعايانا.. إن من حقكم علينا النصح لنا فإذا رأيتم خطأ من موظف أو تجاوزاً من إنسان فعليكم برفع ذلك إلينا لننظر فيه فإن لم تفعلوا ذلك فقد خنتم أنفسكم ووطنكم وولاتكم..".
أما الزيارات الثانية والثالية فكانت في ذو القعدة 1346 وصفر 1364.
الإصلاح الإداري في عهد الملك عبد العزيز
اهتم جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بنواحي التطوير الإداري في المدينة المنورة حيث كانت أولى التنظيمات بإنشاء المجلس الاستشاري للمدينة المنورة في عام 1344 والذي ضم في عضويته عند انشائه 1- محمد الخريجي - أحمد عطا الله 3 أبوبكر داغستاني 4- إبراهيم بري 5- ناصر التركي 6- عبيد مدني ، ثم أمر الملك عبد العزيز بتكوين لجنة التفتيش والإصلاح في العام 1346.
معالم التطور الحضاري في المدينة المنورة
أجرى الملك عبد العزيز العديد من التطورات والتي أوجزها الكاتب في العديد من المحاور والتي شملت الأمن في المدينة المنورة وماحولها، أمن الحجاج والحج والمواطنين، التعليم والثقافة واصدار الصحف والمجلات، الشؤون البلدية، حيث تولَّى رئاسة البلدية كل من محمد حسن سمان، عبد الله بزرنجي ، إبراهيم هاشم ، عارف أسعد ، محمد داغستاني، عبد الله جعفر.
أمر الملك عبد العزيز بإجراء انتخابات المجلس البلدي في عام 1355 وكان تكوينه من :
1 الشيخ عبد الله برزنجي.
2- الشيخ إبراهيم هشام.
3- الشيخ عارف أسعد.
4- الشيخ محمد داغستاني.
كما صدرت موافقة الملك عبد العزيز على اعتماد أعضاء فخريين للمجلس وهم:
1- السيد عبد العزيز أسعد.
2- السيد حمزة خليل.
3- السيد أمين مدني.
4- السيد أحمد الرفاعي.
وبعد انتهاء دورة المجلس الأولى صدرت موافقة جلال الملك عبد العزيز على نتيجة الانتخابات لاختيار أعضاء المجلس في دورة جديدة وقد تشكَّل من كل من:
1- الشيخ علي حمدان.
2- السيد طه محمد حسين.
3- الشيخ صالح اليمان.
4- السيد أحمد عطا الله.
5- الشيخ محمد الخريجي.
وفي سنة 1364ه صدرت الموافقة على أعضاء المجلس الإداري خلفاً لسابقة وقد تكون من كل من:
1- الشيخ عبد العزيز الخريجي.
2- السيد إبراهيم العطاس.
3- السيد حبيب محمود أحمد.
4- السيد أحمد الرفاعي.
5- السيد طه محمد حسين.
التغير في أشكال البناء وأنماطه في المدينة المنورة :
كانت بيوت المدينة المنورة في أول عهد الرسالة وعندما استوطنها المهاجرون بجانب إخوانهم من الأنصار متواضعة إلى حد كبير فكانت الغرفة والغرفتان بمرافقهما تكفي لسكنى الأسرة بكاملها وكان البناء غالباً باللبن والطين والأسقف من الخشب وجذوع النخيل.
ومرت عهود وعهود وشهد الناس في العهد الأموي والعباسي أنماطاً جديدة من البناء الذي يُفاخر به جمالاً وأناقة وإحكاماً وسعة وحسن اختيار للمواقع.
وفي العهد التركي ارتفعت البيوت إلى دورين أو ثلاثة تبنى بالحجر البازلتي واللبن ولعل أدق وصف لحالة بيوت وأحياء المدينة المنورة وشوارعها في العهدين العثماني والهامشي وبداية العهد السعودي ماذكره صاحب مرآة الحرمين رفعت باشا الذي كان أميراً للمحمل المصري.
حيث قال عن بيوت المدينة المنورة : "أكثر أبنيتها من الأحجار المجلوبة إليها من المحاجر القريبة وبيوتها ضيقة غير منتظمة أكثرها في غير رحاب مرتفعة البناء ذات طبقين أو ثلاث وأكثر وقل أن تجد فيها بناءً ذا طبقة واحدة وأكثر الطبقات الأرضية مشحونة بالبضائع التجارية وحجراتها ضيقة تُشبه في شكلها قيعاتنا "قاعات" إلا أنها ذات لواءين " إيوانين" وحوانيتها مرتفعة الأبواب عن الأرض بنحو متر وبيوت أكابر الأشراف ضخمة متينة ذات شكل جميل ومنظر بديع وواجهاتها مبنية بالآجر الأسود ولها رواش "رواشين" " ومشربيات" مصنوعة من الخشب الخرط الجميل وأبوابها مرتفعة عن الأرض - وحارات المدينة المنورة ضيقة لا يزيد عرض الواحدة عن المترين "يقصد الشوارع الضيقة" التي يُطلق عليها أهل المدينة المنورة "الأزقة" وشوارعها لا تزيد عن أربعة أمتار وأحسنها شارع غرب المسجد النبوي يسمونه حارة الساحة وهي أطول الشوارع وفيه أجمل المباني وبه دار المحافظ والشارع الموصل للمسجد من جهة باب السلام مبلط بالأحجار ولكن أرضه غير مستوية والحارات لضيقها يسمونها "أزقة" .
والمباني القدمية بالمدينة المنورة كانت تزينها الرواشين والمشربيات التي شكلت في تقاسيمها إلى وحدات صغيرة بعناصر هندسية مع استعمال عقود مزخرفة وكان البيت يتكون من الدكة عند مدخله والمقلط والمجلس وبيت الدرج والحمام والبئر والدقيسي والطيرمة ويوجد "الجلاء" وهو مِنْورَ في السطح يختار موقعه ليعطي النور لأكبر قدر من الغرف.
وقد تغيرت أنماط العمران بشكل مضطرد خلال عهد الملك عبد العزيز حتى أصبحت منارة للعمران الإسلامي الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.