افتتح معالي مدير الجامعة الإسلامية الدكتور محمد بن علي العقلا مساء أمس المؤتمر الدولي الأول للغة العربية ومواكبة العصر الذي تنظمه الجامعة بمشاركة 66 باحثاً وباحثة من داخل المملكة وخارجها ويستمر لمدة يومين. وبدأ الحفل الخطابي المعد لهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم ، ثم ألقى معالي مدير الجامعة الإسلامية كلمة قال فيها « إن عناية المملكة بالعلوم الإسلامية والعربية ظاهرة، وخدمتها للكتاب والسنة وما يتّصل بهما من معارف، محفوظة مشهورة، فالمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - ما فتئت تُعنى بخدمة القرآن والحديث، وتُعلي شأن اللغة العربية التي هي الوعاء الحافظ لهما - بعد حفظ الله تعالى -. وأضاف معاليه « ويبرز هنا جليًّا ما تقوم به الجهات المعنية بالتعليم في هذه البلاد، وفي مقدمتها وزارة التعليم العالي، من إنشاء كلّيات اللغة العربية وأقسامها ومعاهدها، ومساندة الجامعات في إقامة المؤتمرات والندوات التي من شأنها الإسهام في حفظ اللغة العربية، وتأصيل الهُوية اللّغوية العربية وترسيخها». وبيّن أن الجامعة الإسلامية إذ تنظم هذا المؤتمر، لتدرك ضرورة مواكبة اللغة العربية لعصرها الحاضر، وارتقاء أهلها بها، إلى مستوى يليق بمكانتها، دون مَساس بأصولها وقواعدها، كما تستشعر الجامعة خطورة ما يعترض اللغة العربية، ويهدّد بقاءها، في عصر عولمة شاملة، تقنية وتجارية وصناعيّة وثقافية، وفي ظل زحف من العامّية واللهجات المتعدِّدة واللغات الأُخرى. ورفع معالي مدير الجامعة الإسلامية باسمه واسم المشاركين في المؤتمر وضيوفه الشكر لخادم الحرمين الشريفين وسمو وليّ عهده الأمين - حفظهما الله - على ما يقدّمانه للجامعة من دعم ومساندة، كما شكر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة على رعايته للمؤتمر، ولمعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري على عنايته ودعمه للجامعة. عقب ذلك ألقى عميد كلية اللغة العربية الدكتور عبدالرزاق الصاعدي كلمة قال فيها « إن المنصفين من الباحثين يتفقون على أن اللغة العربية هي أرقى اللغات السامية وأدقها تصريفاً ونحواً وأكثرها تطوراً وأنها حين نزل بها القرآن كانت صافية عذبة رقراقةً كماءٍ تحدّر من صخرة، أو نبعٍ تفجّر بين الصفا والمروة، وأنها وسِعت كتابنا المقدس وعلوم الإسلام والمعارف البشرية ونقلت للإنسانية حضارةً بُنيت عليها حضارات». وأضاف يقول « إن اللغة العربية أصيبت بداء التلوث اللغوي وهو داء مزمن ألمّ بها منذ أزمان الأمويين والعباسيين وتفاقم الداء في الأعصر المتلاحقة حتى كاد أن يرديها قتيلة لولا أن الله عز وجل تكفل بحفظها وهو خير الحافظين « ، مشيراً إلى أن المسيرة التاريخية لهذه اللغة لم تخلُ من العقبات وأكبر عقباتها وأخطرها ظهرت في هذا العصر الزاخر بكل جديد، فاضطربت وتلوثت وتكدرت بالعاميات فقد غزاها أعداؤها واستهان بها أبناؤها فداؤها خارجي وداخلي. ثم ألقى أستاذ الأدب والنقد ونائب رئيس جامعة الأزهر سابقاً والأستاذ السابق بكلية اللغة العربية في الجامعة الإسلامية الدكتور مصطفى أبو كريشة كلمة ضيوف المؤتمر قال فيها « إنه لشرفٌ لنا جميعاً أن نكون هنا في مدينة الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من أجل المشاركة والإسهام في بحوث ومحاورات هذا المؤتمر العلمي. وبيّن أن قيمة المؤتمر تنبع من كونه متصلاً باللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربي مبين ، فالقرآن الكريم هو الذي وثق لغته وجعلها خالدة بخلوده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مشيراً إلى أن المؤتمر احتشد العلماء الحراس الذين اصطفاهم الله لخدمة كتابه. وقال الدكتور أبو كريشة « إن من الأوصاف التي وصف بها القرآن أنه لا تنقضي عجائبه ولا يخلَق من كثرة الرد، ومعنى ذلك أن عطاء القرآن متجدد في كل عصر من العصور، فمن الذي يكشف عن عجائبه ومن الذي يترجم عنها ويظهرها إلا العلماء الفاقهون للغة « ، مؤكداً أن اللغة التي تقوم بذلك يجب أن تكون على القدر الذي يجعلها قادرة على إثبات هذه الحقيقة القرآنية التي أخبر عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي نعنيه بمواكبة العصر، التي تصل إلى مرتبة الفريضة ، لأن التقصير فيها سيؤدي إلى التقصير في الدلالة عن عجائب القرآن الكريم، وعن أوجه الإعجاز التي يتوصل إليها العلماء عصراً بعد عصر. بعد ذلك ألقى الشاعر الدكتور عبدالرحمن بن صالح العشماوي قصيدة تحكي واقع اللغة العربية وضعفها في هذا العصر. حضر الحفل جمع من العلماء والمسؤولين والباحثين في اللغة ورؤساء الأندية الأدبية وعمداء كليات اللغة العربية والمهتمين باللغة العربية من داخل المملكة وخارجها.