نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ، افتتح معالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين مساء أمس أعمال " مؤتمر تحلية المياه في البلدان العربية العاشر " الذي تنظمه وزارة المياه والكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة على مدى أربعة أيام ، وذلك في مركز الملك فيصل للمؤتمرات بفندق الانتركونتنتال بالرياض. وأقيم حفل خطابي بهذه المناسبة بدئ بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى معالي محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة الدكتور عبدالرحمن بن محمد آل ابراهيم كلمة نوه فيها بأهمية المؤتمر الذي يعقد برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين ليكون فرصة لتبادل المعرفة ونقل الخبرات والاستفادة من التجارب المتقدمة كي يعمّ الخير للعالم كافّة خاصة وأن ثلث سكان العالم يعيش في ندرة مائية. وأشار الى أهمية موضوع تنمية الموارد المائية في العالم الذي صدر في المنتدى العالمي للمياه الذي عقد مؤخراً بمدينة مارساي بفرنسا وتضمن التقرير الصادر عن الأممالمتحدة "أن النمو غير المسبوق في الطلب على الماء يهدد كل أهداف التنمية الرئيسة" ، محذرا من أن ارتفاع الطلب على الغذاء والتمدن المتسارع والتغير المناخي يضغط بدرجة كبيرة على إمدادات الماء في العالم وتحديده أربعة أسباب رئيسة تخص المياه في العالم العربي وهي شح الماء والاعتماد على مصادر مائية مشتركه والتغير المناخي، والأمن الغذائي. وقال:" إن قضية المياه في الوطن العربي تكتسب أهمية خاصة نظراً لمحدودية الكميات المتاحة منه للشرب خاصة وأن 13 بلداً عربياً يقع ضمن فئة البلدان ذات الندرة المائية الأمر الذي يتطلب منها دعم صياغة وتنفيذ سياسات تفرض إدارة الطلب على المياه والاستعمال الأمثل للموارد المتاحة إضافة الى الاستثمار في نُظمها البحثية الوطنية لتطوير علم وإدارة المياه وتقنياتها المستخدمة مع عدم إغفال أهمية الاستثمار في العنصر البشري". وأبان محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه أن النقص في المياه في البلدان العربية أدى إلى أن تعتمد على موارد مائية غير تقليدية متمثلة في تحلية المياه المالحة لتلبية معظم احتياجاتها للأغراض المدنية حيث تشكل البلاد العربية 50بالمائة من قدرات التحلية عالمياً خاصة في دول منطقة الخليج العربي ، مشيرا الى أن ذلك صاحبه زيادة في الطلب على المياه مما تطلب ضرورة تطوير تقنيات التحلية وتوطينها لاسيما وأنها الخيار الوحيد لإنتاج المياه التي يمكن الاعتماد عليها. واستعرض الدكتور آل ابراهيم الدور الذي تقوم به المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في صناعة تحلية المياه المحلاة وما تقوم به من تشغيل وصيانة 27 محطة منها 12 محطة إنتاج مزدوج للماء والكهرباء و15 محطة تحلية أحادية الغرض يبلغ إجمالي إنتاج المياه المحلاة فيها نحو 3 مليون متر مكعب في اليوم، وهو ما يماثل 50 بالمائة من احتياجات مياه الشرب في المملكة إضافة إلى إنشاء وتشغيل وصيانة شبكة من أنابيب نقل المياه بطول تتجاوز 4500 كيلو متر، مؤكدا أن إنتاج المملكة يمثل 18% من الإنتاج العالمي من المياه المحلاة لتعد المملكة أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم. وقال :" إن المؤسسة أولت تدريب العنصر البشري جل اهتمامها فبنت خططها الاستراتيجية القادمة على بناءه بناءً معرفياً تراكمياً إضافةً ليتولى كوادرها تنفيذ خطط التنمية المستدامة خاصة وأن المؤسسة تزخر بمشاريع عملاقة تتجاوز مليارات الريالات من بينها مشروع محطة رأس الخير كأكبر محطة تحلية مياه بالعالم الذي سينتج بإذن الله 1,025,000 مترا مكعبا من الماء في اليوم و2,400 ميغاوات من الكهرباء ومشروع محطة ينبع-المدينة المرحلة الثالثة الذي سيؤمن طاقة إنتاجية إضافية بمقدار 550,000 متر مكعب من الماء في اليوم و2,500 ميغاواط من الكهرباء، حيث يبلغ إجمالي تكلفة هذين المشروعين نحو 40 مليار ريال أي ما يعادل 10,6مليار دولار إضافة إلى مشاريع شبكات أنابيب نقل المياه بطول يربو على 2000 كيلو متر عبر الصحاري والجبال الشاهقة". وتحدث محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة عن جهود المؤسسة في مجال العمل البحثي ونقل التقنية وما أبرمته من اتفاقيات بحثية وتجارية بهدف نقل وتوطين التقنية والعناية بصناعة قطع الغيار من قبل القطاع الخاص محلياً ، مشيرا الى أن المؤسسة تعمل حالياً على دراسة جدوى استخدام تطبيقات الطاقات المتجددة في تحلية المياه وتشارك في مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتحلية المياه بالطاقة الشمسية من خلال وحدات التناضح العكسي الذي تقوده مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بمشاركة بعض الجهات الحيوية ومنها وزارة المياه والكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة والتعاون مع بعض الشركات المتخصصة على استخدام تطبيقات الطاقة الشمسية لوحدات التحلية الحرارية بغرض تقليل الاعتماد على البترول في تشغيل محطات التحلية والقوى ألكهربائية والاستفادة من الطاقة الشمسية المتوفرة. من جانبه قال معالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبد الله بن عبدالرحمن الحصين في كلمته الافتتاحية للمؤتمر : إن معظم الشعوب العربية في غفلة عن مشاكل المياه والنقص الحاد في مواردها، وأنهم لا يستشعرون حجم الكارثة المحدقة، مبينا ما يحصل نتيجة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وأن "التقارير تشير إلى أن التغيرات المناخية الكبيرة تتسبب في انحباس الأمطار وعدم توزعها في حال سقوطها بصورة متوازنة وشامل ونتيجة لذلك يتوقع أن تواجه البلاد العربية مع نهاية القرن الحالي انخفاضا يصل إلى نحو 25% في التساقطات المطرية مع ارتفاع 25% في معدلات التبخر الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى وقوع المزروعات المروية في دائرة الخطر الحقيقي مع وجود معدل انخفاض في الانتاجية يصل إلى 20%". ورأى معاليه أن التحدي الكبير هو في كيفية مواجهة مشكلة شح المياه في العالم العربي المتزامنة مع الانفجار السكاني الكبير الذي يعد الأعلى نموا على مستوى العالم ، مؤكدا أنه يجب اعطاء موضوع تنمية الموارد المائية والمحافظة عليها الأولوية القصوى وأن يكون موضوع "الأمن المائي" على رأس قائمة الأوليات خاصة وأن الكثير من الخبراء يشيرون إلى أن السيطرة على المشكلة تكمن في ترشيد استهلاك الموارد المائية المتاحة، وتنميتها، اضافة موارد مائية جديدة. وشرح المهندس عبدالله الحصين ذلك بأن أساليب ترشيد الاستهلاك يمكن اتباعها برفع الكفاءة وصيانة وتطوير شبكات نقل وتوزيع المياه وتطوير نظام الري ورفع كفاءة الري الحقلي، وتغيير التركيب المحصولي، واستنباط سلالات وأصناف جديدة من المحاصيل تستهلك كميات أقل من المياه، وتتحمل درجات أعلى من الملوحة. وقال :"هناك عدة جوانب لتنمية الموارد المائية المتاحة كمشروعات السدود وتقليل المفقود من المياه عن طريق تبخر أسطح الخزانات ومجاري المياه، وكذلك التسريب من شبكات نقل المياه"، مبينا أنه يمكن إضافة موارد مائية جديدة غير تقليدية عن طريق استغلال موردين مهمين هما "الصرف الصحي" و"مياه التحلية"، وهو من المواضيع التي يجب على الدول الفقيرة بالموارد المائية الطبيعية ومنها دولنا العربية الاهتمام بها والتركيز عليه كمصدر أساس ومتجدد للمياه. وأبان وزير المياه والكهرباء أن تقدما جذريا في خفض تكلفة تحلية مياه البحر سيكون أكبر انجاز تحققه البشرية في تاريخها، وسيجعل المخترعات والاكتشافات السابقة كافة غاية في الضآلة ، مشددا على أن معدل استهلاك الفرد في العالم العربي يجب أن ينخفض جذريا وعلى الأقل إلى حدود أمكن تحقيقها في بعض دول العالم شرقا وغربا وأن يعامل الماء على أنه سلعة نادرة بتسعيره بصورة تجعل الفرد دائما يتذكر ندرته. وأوضح أن خيار تحلية مياه البحر لم يعد خيارا استراتيجيا فقط للدول المطلة على السواحل مثل دول الخليج العربية بل أيضا بدأت تأخذ أهمية كبيرة من الدول ولا نستبعد أن تكون صناعة تحلية المياه خلال العقود القادمة أحد أهم الصناعات العالمية خاصة وأن أكثر من 115 بلدا توجد لديها محطات تحلية لمياه البحر، معربا عن أسفه بأن تكاليف هذه التقنية باهظة والتطورات والتقدم العلمي لا يوازي حجم الأهمية. ودعا وزير المياه والكهرباء العلماء والباحثين في مجال تحلية المياه لبذل الجهود المخلصة في توحيد العمل البحثي وتوجيهه ورسم استراتيجية عربية لتطوير وتوطين تقنيات صناعة التحلية وصولا إلى تصديرها. ورحب معالي وزير المياه والكهرباء بالمشاركين في المؤتمر من كافة الدول العربية والمنظمات الاقليمية والدولية والذي يحظى برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي شرفه بالنيابة عنه لافتتاح المؤتمر ونقل الى المشاركين ترحيبه وتحياته لهم آملا أن يخرج بتوصيات مثمرة وناجحة. من جانبه قال صلاح الراشد في كلمته نيابة عن القطاع الخاص أن توفير المياه الصالحة تعد من الأعباء التي تواجه معظم الدول ومن ضمنها الدول التي تحتوي على مصادر للمياه الطبيعية فضلا عن الدول التي تشكو من ندرة مصادر هذه المياه مثل المملكة العربية السعودية ولذلك فإن التصدي لهذه المشكلة من خلال التوسع في توفير المياه باستخدام وسائل بديلة مثل تحلية مياه البحر هو أحد أهم الحلول الناجحة لمعالجة نقص المياه في البلدان الصحراوية. وأشار إلى أن دعم البحوث والدراسات التي تساعد على تطوير هذه التقنيات يجب ان يكون ضمن الأولويات للقطاعين الخاص والعام وما انعقاد هذا المؤتمر برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين إلا تأكيد على ذلك. وشدد الراشد على أن القطاع الخاص بالمملكة أثبت اهتمامه بالمشاركة في تطوير وتنمية قطاع المياه من خلال المشاركة في تنفيذ المشاريع المهمة او الاستثمار بها او المشاركة في الابحاث والدراسات التي تساعد على تطوير هذا المجال. وشهد الحفل الافتتاحي تقديم عرض مرئي عن معهد أبحاث التحلية في المملكة وتكريم معالي وزير المياه والكهرباء لرعاة المؤتمر والمشاركين فيه. وفي نهاية الحفل افتتح معالي وزير المياه والكهرباء المعرض المصاحب الذي اشتمل على عرض للتقنيات والأجهزة والمعدات المستخدمة في تقنيات تحلية المياه المالحة ومعالجة المياه والذي تقدمه عدد من الشركات المتخصصة في هذا المجال.