لا يعرف الشوق إلا من يكابده .. وأقول لا يعرف عمل «مدير المدرسة» إلا من عمل فيه وجرَّبه وشعر بثقل العمل ومسؤولياته وأمانته وتعدد واجباته. أجرينا بمبادرة من المدرسة وأسرتها دراسة ميدانية كان من ذلك في عام 1412ه في إحدى المدارس الابتدائية في مكةالمكرمة وهذه بداية القضية.. حمل ثقيل لاحظ مدير المدرسة أن الطلاب يقفون في الطابور ولا يستطيعون أن يضعوا أو يحملوا الشنط وذلك أثناء «تمارين الصباح» استعداداً لبداية اليوم الدراسي. الجدول المدرسي الجدول المدرسي للطالب في المرحلة الابتدائية 28 حصة في الأسبوع بمعدل خمس حصص في اليوم وستة في يومين لذلك يحتاج الطالب إلى عدد لا يقل عن «5» كتب ومعها «5» دفاتر يومياً إلى جانب أدوات الرياضيات والتربية الفنية والألوان في يوم حصة التربية الفنية. حديث الطلاب قام مدير المدرسة بعمل جمع عينة عشوائية لوزن الطالب والحقيبة وكانت العينة ل «50» طالباً من مراحل مختلفة صفوف أولى وخامسة وسادسة إذ تدخل على الطالب في الصف الرابع والخامس والسادس مواد جديدة في: جغرافيا - تاريخ - قواعد. طبيب الوحدة أجرى المدير اتصالات مع طبيب الوحدة الصحية وطلب منه زيارة المدرسة في يوم معين وعند حضوره طلب منه فحص الدراسة التي توضح اسم الطالب وفصله ووزنه ووزن الحقيبة مع معلومات عن بعض الطلاب الذين يعانون من سمنة مبكرة. النتيجة ذهل الطبيب إذ وجد أن وزن الشنطة بشكل أكثر من ربع وزن الطالب.. وزيادة في الدقة أجرينا بعض الاستفسارات من أسر بعض الطلاب وسؤالهم عن وجود معاناة لأبنائهم أو من خلال مشاهدتهم هل يوجد «انحناء» أثناء المشي في المنزل.. وجاءت الإجابات نعم ولا.. وأجرينا فحصاً على الطلاب حسب مشاهدات الأسرة ومشاهداتنا أثناء اليوم الدراسي. طبيب العظام بمبادرة من مدير المدرسة تم عرض الدراسة على طبيب عظام بل تم التنسيق مع الأهالي لأخذ صورة أشعة للعمود الفقري لبعض الطلاب وجاءت النتيجة وجود «انحناء مبكر» في العامود الفقري مع إجراء فحوصات أخرى اتضح أن الأسباب الحقيبة التي يحملها الطالب إما على ظهره أو يحملها بإحدى يديه وهي التي تعمل على ميل إجباري للطالب سواء للجسم إلى الأسفل عند حمل الشنطة على الظهر أو ميل في الجهة التي يحمل الطالب بها حقيبته، وتم توثيق الدراسة واستغرق ذلك منا أكثر من شهرين من الفصل الدراسي. وزن الكتاب طلب المدير من مستودع الإدارة التعليمية مجموعة مناهج مختلفة لمراحل مختلفة وجاءت النتيجة أن الكتاب في المرحلة الابتدائية يزن 500 غرام إلى نصف كيلو ولا يقل عن 350 غراماً وفي المرحلتين المتوسطة والثانوية أكثر من كيلو ونصف مع الفرق في أن الطالب في المرحلة الابتدائية في مرحلة «نمو» وبناء لذلك يتأثر أكثر وأن الفرق ما بين وزنه ووزن الكتب كبير مما يشكل ألماً له ومعاناة إضافة لوزن الشنطة الذي لا يقل عن 3 - 4 - 5 كيلو حسب أنواعها. البنات ووجد أن البنات الأكثر تأثراً إذ لا تستطيع الطالبة في الصف السادس أو المرحلتين المتوسطة والثانوية حمل الحقيبة على ظهرها وتضطر لحملها بإحدى يديها مع وجود «العباءة» وغطاء الوجه وكل ذلك له تأثير ربما لا يظهر إلا في مستقبل الأيام. على الأقدام كما أظهرت الدراسة أن الطلاب الأكثر ضرراً الذين يصلون إلى المدرسة ومنها إلى منازلهم على «الأقدام» ولمسافات طويلة مع معاناة الشمس «ظهراً» ويخف الضرر للطلاب الذين ينتقلون بسيارات. رفع الدراسة أعد مدير المدرسة ملفاً يسجل القضية منذ بدايتها والرأي الطبي ونماذج للكشف من قبل طبيب العظام وأوزان مختلفة للطلاب والحقائب والكتب وقام بمخاطبة الإدارة التعليمية. أين القضية؟ لكن القضية لم يُسمع لها صوتاً ولعل الإدارة التعليمية لم تقتنع أو ربما رفعت للوزارة وكان لهم رأي آخر ومر 16 عاماً ولم يجد المدير الذي أعد الدراسة أي رد رغم أن الأمر أشارت له وسائل الإعلام أيضاً وكشفت ضرره وتحدث عنه عدد من الأطباء وقد غادر المدير قبل أعوام بالتقاعد المبكر ولازال يشاهد الطلاب والطالبات كما يذكرهم عند إعداد الدراسة فأين الدراسة؟ الكمبيوتر الآن لا نطالب بأن تتحول فجأة إلى طالب وطالبة يحمل الكمبيوتر في يده وهو في طريقه إلى المدرسة أوالجامعة بدلاً من حقيبة الكتب ، نريد أن نخفف من معاناة الطالب والطالبة باختيار موضوعات وعناوين معقولة يستفيد منها الطالب ولا تعمل على إلحاق الضرر به سواء الفكري أو الصحي.. آمل أن تجد الدراسة اليوم طريقها للميدان.. فالطالب يصل لمنزله وقد عانى من ثقل الحقيبة والكتب وكذا الطالبة وربما كان ذلك سبباً في وجود عدم رغبته للذهاب إلى المدرسة التي تبدأ يومها بحمل الأثقال وينتهي فيها بأثقال أخرى.