وجهت الادارة المدنية الاسرائيلية أكثر من ستة اخطارات لهدم مشروع جديد يوفر الطاقة الكهربائية عبر مولدات هوائية وشمسية لنحو ألف فلسطيني يعيشون في أكثر من ستة عشر "خربة" (قرية) جنوب جبل الخليل. توجهنا لمنطقة شعب البطم إحدى خرب منطقة جنوبي جبل الخليل، عبر طريق وعرة مليئة بالصخور يصعب على السيارات استخدامها للوصول الى مكان سكن الفلسطينيين في خيامهم. بدت الحياة الرعوية جلية في منطقة يعتمد سكانها على بيع منتجات المواشي والابقار لكسب الرزق والعيش، وأكد لنا السكان في هذه المنطقة أن حياتهم استمرت لسنوات طويلة داخل عشرات الخيم وحظائر الاغنام بدون كهرباء، مما اضطرهم للاعتماد على الأدوات اليدوية لتصنيع منتجات الالبان وبيعها. وخلال وجودنا في المنطقة سمعنا صوت امراة فلسطينية وهي تغني، توجهنا الى مصدر الغناء فوجدنا الارملة نزهة نجار التي سألناها عن سبب غناءها وأحوال المعيشة هنا. فقالت لنا ”وحده الغناء استطاع أن يواسيني وعائلتي المكونة من أحد عشر فردا للتغلب على صعوبة العيش بدون كهرباء في منطقة نسكنها ومعنا أكثر من ألف فلسطيني.” وأضافت الحاجة نزهة لبي بي سي ”منذ أكثر من خمسة أشهر وصلت الكهرباء لمنطقتنا، والحياة باتت أسهل في ظل الكهرباء،انتاج كمية محدودة من لبن الجميد كان يستغرق خمس ساعات باستخدام قرب الحليب القديمة، لكن بعد وصول الكهرباء اشتريت آلة كهربائية لخض الحليب وخلال ساعة أنتج لبن الجميد بكميات اكبر.” بعد تركيب منظمة كوميت مي الاسرائيلية الفلسطينية نحو عشرة توربينات هوائية وألواح شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية تعمل على توصيل الكهرباء لأكثر من ستة عشر خربة فلسطينية بتمويل من وزارة الخارجية الالمانية، سارع الفلسطينيون في هذه المنطقة لشراء ثلاجات لتحل مكان قرب الحليب القديمة وأدوات كهربائية تسهل العيش في منطقة نائية. فعندما وصلت الكهرباء لهذه المنطقة منذ أشهر قليلة كان ذلك بمثابة حلم تحقق لمئات الفلسطينيين في المنطقة، والذين باتوا اليوم يخشون من العودة لحياة العصور الحجرية، على حد تعبيرهم، بعد توجيه الادارة المدنية الاسرائيلية اخطارات بهدم مولدات الكهرباء الهوائية والشمسية في منطقة تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة. وكانت الادارة المدنية الاسرائيلية قد وجهت، عبر الجيش الاسرائيلي، أكثر من ستة اخطارات لهدم المولدات الهوائية وألواح توليد الطاقة الشمسية لسكان المنطقة بدعوى عدم وجود تراخيص بناء لها في منطقة تصنف بموجب اتفاقيات أوسلو ضمن مناطق ”ج”. وتعتبر السلطات الاسرائيلية هذه المناطق، ومنذ عام سبعة وستين، تابعة لسيطرتها الكاملة ويتوجب على الفلسطينيين الحصول على تراخيص اسرائيلية قبل بدء العمل بأي مشروع فيها. بدأت منظمة كوميت مي الاسرائيلية-الفلسطينية منذ شهر أغسطس الماضي بتنفيذ مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية في هذه المنطقة، وأكدت المنظمة عدم جدوى طلب الحصول على هذه التراخيص. رافقنا في جولتنا الميدانية منسق المشروع في منظمة كوميت مي، علاء القواسمي، الذي تطرق الى موضوع التراخيص بالقول ”في هذه المنطقة لا تمنح الادارة المدنية تراخيص البناء للفلسطينيين بل فقط للمستوطنين الذين يوجدون بكثرة فيها.” وأضاف علاء لبي بي سي ”واذا قدمنا طلب لبناء أي مشروع سيكون مصيره المماطلة لسنوات طويلة قبل رفض الطلب من قبل الادارة المدنية،" الامر الذي أضطر منظمة كوميت مي للمضي قدما في تنفيذ مشروعها، نظرا للحاجة الماسة للطاقة الكهربائية جنوبي جبل الخليل. والتقينا في منطقة شعب البطم بنشطاء سلام ومتضامنين مع سكان المنطقة، الذين حذروا من خطورة ازالة هذا المشروع وأكدوا ان قرارات الهدم الاسرائيلية تقف وراءها أهداف سياسية بحتة. وقال لنا أحد نشطاء السلام الاسرائيليين من حركة "تعايش" الاسرائيلية الفلسطينية عزرا ناوي ”بينما يحرم الفلسطينيون من الكهرباء ينعم المستوطنون المنتشرون في مختلف أرجاء المنطقة بكل وسائل الراحة. ان الادارة المدنية الاسرائيلية تريد قطع الكهرباء عن الفلسطينيين وتسعى من خلال ذلك لطردهم من أرضهم مجددا.” وقبل أن نغادر المكان قال لنا الفلسطينيون إن فقدان الكهرباء مجددا، وبحسب وصفهم، سيضيف طريقة اسرائيلية جديدة لتهجيرهم القسري عن أرض توارثوها أبا عن جد لاسيما مع تكرار حملات الجيش الاسرائيلي لهدم خيامهم وحظائر اغنامهم منذ عام سبعة وستين بشكل اسبوعي، بحسب تأكيدهم.