من أبسط تعريفاته التي قرأت أنه " نشاط عقليّ " متأمل وهادف ، يقوم على الحجج المنطقية للوصول إلى أحكام ونتائج صادقة وفق معايير مقبولة " ويقوم على مجموعة مهارات كالتحليل والتركيب والتقويم " ، وقد أثارني هذا التعريف ، وجعلني اتجه لقراءات نقدية سابقة مررتُ بها بشكل أو بآخر ، حتى استنتجتُة اعتمادها على التقويم دون الرجوع للتحليل والتركيب ، وهوالأمر الذي أثّر بشكل سلبي على مفهوم النقد من جهة ، وقدرتنا على استيعاب ضرورته من جهة أخرى . وحسبي أن أجد الكثير من التفاعلات التي تقوم فيه " مجالسنا " أو " حواراتنا " أو حتى ما نشاهده من حوارات تلفزيونية لا تحتكم لأبجديات الحوار فكيف بالدرجات العالية منه ، والنقد قائم على ذلك ، فتقبّل الآخر ضرورة ، حتى يمكن مناقشته أو انتقاده ، واحتواء مسؤولية الناقد بالشكل الأول ، حتى يهيئ الجوّ المناسب لتقديم قراءته النقدية. كيف ننتقد ؟ تساؤل ذو أبعاد ، وقد آثرت جعله الاتجاه الثاني بعد مفهوم التفكير الناقد في زاوية اليوم ، والسبب أننا بشكل أو بآخر نمارس النقد ، إما في حياتنا أو كتاباتنا أو غير ذلك ، ولعلي استشهد بما أثارته الصحف وبعض الآراء التي اختلفت حول " قيادة المرأة للسيارة " ، وما أثاره هذا الرأي من ردود فعل شبه عامّة بين الضد والضدّ ، وهذا الأمر في حدّ ذاته هو ممارسة نقدية قائمة على معطيات معينّة إما سابقة أو مستقبلية ، وبالتالي تكوّن هذا الاختلاف ، وبالتالي كانت هناك المعطيات التي يتمّ تحليلها ومن ثم تركيبها ومن ثم تقويمها ، حتى نمارس هذه العملية . وهل يمكننا ذلك ؟ بالتأكيد ، وتبقى مسألة وقوف هذا السؤال عائقاً أمامنا عائدة للرغبة الجادّة في التصحيح ، أو وضع الأشياء في مواقعها الطبيعية . ماأثق به أن لدينا الكثير من النقاد ، يجيدون بالفعل قراءة ما وراء الواقع ، فما بالك باستقراء حالات منطقية نلمسها في حياتنا الاجتماعية العامة ، وما يترتب على ذلك من اتجاهات ، كحال الساحة الشعبية مثلاً ، وتلك الهالة النقدية التي يصرخ بعض أصحابها من وراء ستار . تذكرت رأياً بهذا الصدد وأظنه لشخص يُدعى ( ألفرد ) يقول فيه :" إذا أردت ألاّ ينتقدك أحد فلا تقل شيئاً ، ولا تفعل شيئاً ولا تكن شيئاً" .