شدد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين على جدارته بالفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في4 مارس/ آذار، ووجه في مقالة على موقع حملته الانتخابية على موقع الانترنيت رسائل عدة إلى الداخل والخارج بشأن رؤيته لمستقبل روسيا ودورها العالمي، وحذر من الانجرار إلى دعوات المعارضة لاستخدام الشارع لمآرب سياسية لن تجلب الاستقرار والتقدم للبلاد، ومع إعطاء مساحات للوضع الداخلي لم يغفل بوتين عن الدور الذي يجب أن تضطلع به روسيا في العالم الذي يشهد تغيرات عاصفة. ويجيب المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية المقبلة عن عدة اسئلة ، أهمها أسباب ترشيح نفسه للانتخابات، ومعالم تحديات المرحلة المقبلة، إضافة إلى سرد لما تم انجازه في عهده. ولا تغلق المقالة المجال أمام مقالات أخرى في محاولة على ما يبدو من قبل القائمين على الحملة الانتخابية لتبني سياسة ترويجية مختلفة تضمن فوز الشخصية السياسية الأقوى في روسيا خلال العقد الأخير من الجولة الأولى للانتخابات وبأعلى قدر ممكن من الأصوات دون الحاجة إلى جولة ثانية تمس بشخص "زعيم الأمة"، ولهذا تم الإعلان عن عدم مشاركة فلاديمير بوتين في المناظرات التلفزيونية لأنه يعكف على مواصلة العمل وعدم تضييع الوقت في مناكفات تستنزف الوقت والجهد. ويبرز الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في صدارة برنامج بوتين الجديد، وفيه يرد مسبقاً على انتقادات بأنه لم يقم بالخطوات اللازمة للإصلاح طوال اثنتي عشرة سنة قضاها في السلطة، وتوقعات بعدم جديته في القيام بذلك، ويؤكد بوتين على أنه ركز في فترتي رئاسته 2000-2008، على منع انهيار او تفكك الدولة الروسية، وإعادة الهيبة للسلطات بعد أن وصلت إلى الحضيض مع تهديد مجموعات إرهابية قليلة العدد بالانفصال عن البلاد في ظل هيمنة الأوليغارشية، والفساد، وأحيانا مع تفشي الجريمة المباشرة في المؤسسات الحكومية. ويشير بوتين إلى أن سنوات حكمه أعادت وضع روسيا على الخريطة العالمية كقوة لا يمكن القفز عليها، واقتصاديا اعتبر بوتين أن المهمة الملحة كانت تكمن في رفع مستوى حياة المواطنين وخفض مستوى الفقر، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة لتمنع مؤسسات الدولة من الانهيار. وكعادته جند بوتين الأرقام في خدمته فأشار إلى أن مستويات الفقر تقلصت بنحو مرتين ونصف المرة مقارنة ببداية تسعينات القرن الماضي، وأن حجم الطبقة الوسطى ارتفع إلى ما بين 20 و30 في المئة، بعد النكسة التي أصيبت بها جراء أزمة 1998 وكادت تتآكل نهائياً. ورغم تصاعد المظاهرات الاحتجاجية على نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ودعوات صريحة ومباشرة لاعتزال السياسة يصر بوتين على أنه الأجدر بقيادة روسيا في المرحلة المقبلة بما يملكه من خبرة ورصيد في قيادة روسيا في الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تعصف بالعالم. ويدعو في مقالته إلى عدم التفريط بالمنجزات المحققة في السنوات الماضية، ويدلل على ذلك بفترة العمل المضنية لنشل البلاد من أزمتها العميقة، بعد صعوده إلى منصب رئيس الوزراء في 1999 ثم رئاسة الدولة في العام الذي تلاه، إذ تمكن مع فريقه من "إخراج روسيا من نفق الحرب الأهلية والتغلب على الإرهاب واستعادة وحدة أراضي البلاد والنظام الدستوري" إضافة إلى بعث القوة في الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو مرتفعة هي الأعلى عالميا على مدار العقد الماضي. ويرى بوتين أن هذه المنجزات كافية لدعم ترشحه لفترة ثالثة ينطلق فيها إلى الحديث عن الآفاق والاستراتيجيات والأهداف الموضوعة سابقا منذ 2008 والمتمثلة في تحديث الاقتصاد، وتخفيف اعتماده على موارد الطاقة، ومعالجة مشكلة الفقر نهائيا في روسيا حتى العام 2020. ويؤكد أنها لم تكن واردة قبل الانتهاء من معالجة الأولويات. ويرد بوتين على المشككين بقدرته على قيادة روسيا إلى بر الأمان في الوضع العالمي المضطرب بانعدام أي برامج حقيقية لديهم، ويحذر من سعي النخب الروسية إلى القفز للثورة كبديل عن التطور التراكمي للمجتمع، ويدعو إلى سياسة النفس الطويل في التعامل مع المشكلات الراهنة، ويدعو للانصياع إلى قواعد الديموقراطية المدعومة من الأكثرية والتي تعكس مصالحهم. ويعرب بوتين عن ثقته بأن السياسة الاقتصادية التي اتبعها في السنوات الماضية لعبت دورا مهما في التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني الروسي، ما يشكل عامل قوة لها في رسم معالم النظام العالمي الجديد الذي يبرز مع عدم قدرة نظام القطب الواحد على الحفاظ على الاستقرار العالمي، ويرفض بوتين محاولة الغرب جر العالم إلى اضطرابات تهدد الأمن والاستقرار. ويؤكد أن علاقات روسيا المتوازنة مع الشرق وأوروبا يمكن أن تلعب دورا كبيراً في حفظ السلام