طوابير المصريين المصطفة على صناديق الاقتراع تعكس روح مصر التي تصنع حاضرها، والملتزمة بتاريخها وحضارتها، وهي تتحفز لمستقبلها، طوابير طويلة من الرجال والنساء تصطف بأدب وانتظام وهدوء وانسياب بطيء كنهر النيل، ولكنها تتدفق بصبر يعكس الثقة بقدرة مصر على النهوض من كبوتها، والوقوف شامخة مع صوت الناخب المصري الذي لا يؤسس لحاضر مصر فقط، وإنما يصوغ مستقبل المنطقة ككل. من ملاحظاتي الأولية على العملية الانتخابية في مصر أسجل التالي: أولاً: لقد اصطفت النساء في طابور، واصطف الرجال في طابور مقابل، ولم يكن أي اختلاط أو احتكاك بين الطابورين، ولهذا دلالة فكرية بالغة التأثير على نتائج الانتخابات. ثانياً: في بعض المقرات الانتخابية كان طابور النساء يتجاوز في عدده أربعة أضعاف طابور الرجال، ولهذا دلالة ستظهر بلا شك على نتائج الانتخابات. ثالثاً: اصطفت المرأة المصرية المحجبة خلف المرأة المصرية مكشوفة الرأس، وتبادلتا أطراف الحديث رغم الخلاف في المنطلقات الفكرية والرؤية السياسية، لقد انتصرت مصر لتاريخها واحترمت نفسها، وخطت بمحبة إلى مستقبلها. رابعاً: في إحدى المقرات الانتخابية أجريت عداً لأكثر من سبعين رجلاً يقفون في الطابور الخارجي، وذلك خلافاً للعدد الرجال الواقفين في داخل المقر. خامساً: ظلت سيارات حزب العدالة والحرية تطوف في شوارع مصر، وهي تعزف نشيد الحزب حتى يوم الانتخابات، وقد شاركت في عزف النشيد كل الآلات الموسيقية دون استثناء. سادساً: وقت صلاة الظهر خف الزحام على صناديق الاقتراع، وفي تقديري أن هذا يدل على تحول في وجدان الشعب المصري، سيظهر في نتائج صناديق الاقتراع. سابعاً: من ينظر في عيون المصريين يقرأ في داخل كل مصري ومصرية سؤال لحوح: أين كانت مصر على مدار عشرات السنين الفائتة؟ ما عقاب ذلك المجرم الذي سرق مصر من المصريين؟ لاحظت أن مصر قد غرقت في شبر ماء، فالأمطار التي تساقطت على القاهرة عشية الانتخابات تبشر بالخير القادم لمصر من نتائج الانتخابات، رغم عدم قدرة القاهرة على تحمل خمس دقائق مطر، فغرقت الشوارع، ولكن الملفت للنظر، أن برك مياه الأمطار لم تمنع تدافع المصريين على صناديق الاقتراع، ولم تخرج السائق المصري عن أدبه، وهو يحرك سيارته بهدوء، خشية على المارة من البلل! إنه الذوق العربي المصري. خلافاً لقوات الأمن المصري التي تواجدت بكثافة حول صناديق الاقتراع، تواجد مراقبون، وإعلاميون، وفضوليون، وتواجد رجال لا يراهم أحد، يراقبون عميلة الاقتراع، ويحرسون الصناديق لينتظر الجميع بشوق وثقة نتائج الديمقراطية.