بدأ أصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس في مقر الأمانة العامة للمجلس بالرياض اجتماعهم (121) التحضيري للدورة (32) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي. ورأس الاجتماع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري. وفي مستهل الاجتماع ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل كلمة رحب فيها بأصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية بدول المجلس، ناقلا لهم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وتمنياته في أن يكلل الاجتماع بالتوفيق والسداد. وأعرب عن الشكر والتقدير لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة، على ما قام به خلال فترة رئاسته للمجلس الوزاري من جهود كبيرة أسهمت في دفع مسيرة العمل المشترك لمجلس التعاون الخليجي، وتعزيز مكانته السياسية والإستراتيجية، كما أعرب سموه عن شكره لمعالي الأمين العام لمجلس التعاون ومعاونيه في الأمانة العامة، على ما قاموا به من جهود مقدرة في هذا المجال خلال العام المنصرم. وقال سمو وزير الخارجية: أتطلع خلال فترة رئاسة المملكة العربية السعودية لمجلس التعاون الخليجي إلى تحقيق المزيد مما يطمح إليه مواطنو دول المجلس من الإنجازات، في ظل توجيهات أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس - حفظهم الله ورعاهم - وبدعم مجلسكم واللجان الوزارية المختصة، والأمانة العامة. وأضاف سموه: إن ما حدث ويحدث في أجزاء من عالمنا العربي منذ الربيع الماضي، يحمل في طياته دواع جديدة لتعاون وتنسيق مستمر أساسه استيعاب دقيق لمسببات ودوافع الأحداث التي حصلت في بعض بلدان منطقتنا وتحديد سبل التعاون مع ديناميكيات هذا الحراك على النحو الذي يحفظ لمنطقتنا أمنها واستقرارها ويضمن لها النمو الطبيعي والتطور المدروس بعيداً عن أي إملاءات وتدخلات خارجية، وللأسف تتزامن هذه التطورات مع استمرار الأزمات التي أصبحت مع الأسف جزءاً من واقع هذه المنطقة ومعطياتها، وأولها القضية الفلسطينية حيث تعثرت عملية السلام بسبب السياسات الإسرائيلية المتعنتة ورفضها الانصياع للشرعية الدولية، هذا بالإضافة إلى استمرار تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، فضلا عن أزمة ملفها النووي وسعيها لتطوير قدراتها النووية مما سيمكنها في المستقبل من امتلاك السلاح النووي والذي يعتبر تهديدا صريحا لأمن واستقرار المنطقة مع استمرار احتلالها لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة للإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وأكد سمو الأمير سعود الفيصل أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية أثبت منذ تأسيسه في عام 1981م قدرته على الحفاظ على مكتسبات دوله ومواطنيه في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتمكن من خلال الآليات التي نص عليها نظامه الأساسي، والاتفاقيات التي توصلت إليها دول المجلس خلال الثلاثين سنة الماضية من تحقيق درجة عالية من الترابط والتواصل والتكامل بين دول المجلس وشعوبها وقال "في الوقت ذاته يتطلع الكثيرون في منطقتنا وخارجها إلى دور مجلس التعاون القيادي والرائد للمساهمة في المحافظة على الأمن والاستقرار في المنطقة في ظل التطورات الخطيرة التي مرت بها خلال فترة عمر المجلس، وقد كان لمجلسكم خلال العام المنصرم على وجه الخصوص إسهامات مهمة في هذا المجال، في اليمن وليبيا وسوريا وغيرها، وقد شهدنا اليوم بحمد الله التوقيع على مبادرة حل الأزمة بين الأشقاء في اليمن العزيز ونأمل أن يكون هذا التوقيع نهاية لحقبة الصراع وبداية لعودة اليمن الشقيق إلى سابق عهده مهداً للحضارات وأن ينعم شعبه الشقيق بالأمن والاستقرار وأن يحقق طموحاته وتطلعاته لبناء مستقبل زاهر. وأضاف سموه: في ظل الظروف والأحداث المتلاحقة التي تشهدها منطقتنا فإن الأنظار ستكون منصبة على القمة القادمة، مما يكسب اجتماع اليوم أهمية خاصة، ويتطلب منا التركيز على الإعداد الجيد لأعمال القمة، بهدف تحقيق المزيد من الإنجازات في مسيرة المجلس المبارك، وفي الوقت نفسه مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة والإسهام في تحقيق أمنها وسلامة مواطنيها، وإنني لعلى ثقة بأن مجلسكم سيكون على مستوى هذه المسؤولية، بما يسهم في نجاح القمة ووضع الأسس اللازمة لاستمرار إنجازات المجلس وتعزيز دوره في المنطقة والعالم خلال العام القادم". وختم سمو وزير الخارجية كلمته قائلاً: ولا بد لي أن أذكر ما حصل في البحرين هذا اليوم حيث قدم التقرير الذي وضع إطاره جلالة ملك البحرين واختار له من الشخصيات العالمية من لا يلحقهم الشك، وأن نثني على ما برز في الاحتفال الذي حصل في البحرين من شفافية وصدق التعامل مع الأحداث في البحرين مما يجعله ما يسعد الصديق ويغيظ العدو فهنيئاً للبحرين بقيادتهم الحكيمة وهنيئاً لنا بوجود البحرين بيننا. بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني كلمة قدم فيها العزاء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وللأسرة المالكة وللشعب السعودي في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، وتغمده بواسع رحمته ورضوانه وأسكنه فسيح جناته. كما رفع لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، التهاني والتبريكات على الثقة الغالية، باختياره وليا للعهد، وتعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للداخلية في المملكة العربية السعودية. وتمنى لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، التوفيق والسداد في إدارته للدورة الحالية للمجلس مشيدا بالدور المتميز والجهود الكبيرة التي قام بها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال رئاسته للدورة السابقة وما تحقق من إنجازات طموحة ومشاريع تكاملية واعدة شكلت شواهد مهمة في مسيرة العمل الخليجي المشترك خلال ذلك العام، الذي شهد كذلك أحداثا استثنائية، وتطورات متلاحقة، أثبت خلالها مجلس التعاون صلابته ومنعته وقوته، بفضل من الله العلي القدير، ثم بنهج الحكمة والحنكة والاعتدال الذي رسمه أصحاب الجلالة والسمو، قادة دول مجلس التعاون. وبين معاليه أنه نظرا لما يتعرض له الخليج العربي من مسببات التلوث التي ازدادت حدتها في الآونة الأخيرة وتعددت أنواعها ومصادرها، وخاصة التلوث بالإشعاعات النووية الذي يعتبر من أكثر الأنواع خطورة وأكثرها صعوبة في التخلص منها ضمن التقنيات المستخدمة حاليا، وحيث إن دول المجلس تعتمد على مياه الخليج لتحلية مياه الشرب ولإنتاج الثروة السمكية، وانطلاقا من "إعلان أبو ظبي للمياه" الذي صدر عن المجلس الأعلى لمجلس التعاون في قمة أبوظبي (ديسمبر 2010م) الذي عكس اهتمام أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس بموضوع الأمن المائي، فقد خاطب سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بخصوص فكرة إنشاء مختبر خليجي مستقل، للكشف على نسب الإشعاعات النووية ورصد التلوث في الخليج العربي، وقد أبدى سموه موافقته وتأييده لهذه الفكرة. وأضاف معاليه "قد يرى مجلسكم" تشكيل لجنة من الدول الأعضاء والأمانة العامة، من ذوي الاختصاص والخبرة، لإعداد الدراسات الأولية ووضع التكاليف التقديرية لإنشاء مختبر خليجي للكشف عن الإشعاعات النووية ورصد التلوث في الخليج العربي، ورفع تقرير بذلك للمجلس الوزاري في دورته قادمة". وأفاد معاليه أنه فيما يختص بتنفيذ قرار المجلس في الدورة (119، يونية 2011م) بشأن تكليف الأمانة العامة بالتعاقد مع بيت خبرة متخصص لمراجعة هيكل وآليات العمل بالأمانة العامة وإعداد هيكل تنظيمي جديد يواكب تطورات أعمالها ومهامها ويأخذ في الاعتبار احتياجات المستقبل، واعتماد المبالغ اللازمة وإضافتها إلى موازنة الأمانة العامة، فقد قامت الأمانة العامة بمخاطبة عدد من بيوت الخبرة والمكاتب الاستشارية المتخصصة في هذا المجال، وتقوم الأمانة العامة حاليا بدراسة العروض الفنية والمالية المقدمة من الشركات الاستشارية في هذا المجال، وسيتم الانتهاء قريبا من استكمال الإجراءات اللازمة لاختيار الشركة المناسبة للتعاقد معها. وأوضح أن أمام المجلس مشروع جدول أعمال حافل بموضوعات العمل المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقارير متابعة. وقد رحب المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في بيان له عقب الاجتماع بخطاب جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين بمناسبة تسلم جلالته اليوم التقرير النهائي للجنة المستقلة لتقصي حقائق الأحداث التي مرت بها البحرين خلال شهري فبراير ومارس من العام الجاري، وما تضمنه الخطاب من تشكيل فريق عمل من قبل الحكومة استجابة لتوصيات التقرير. وبعد أن استمع المجلس الوزاري من معالي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير خارجية مملكة البحرين إلى إيجاز بشأن ما تضمنه تقرير اللجنة، وأشاد المجلس بالرغبة الأكيدة والجهود الصادقة لجلالة ملك مملكة البحرين لكشف الحقائق بكل شفافية ونزاهة وتأكيد سيادة القانون وضمان العدالة. وانطلاقاٌ من الثوابت والصلات الأخوية التي تربط دول المجلس، وإيمانها بالمصير المشترك الواحد، أكد المجلس الوزاري مجدداً دعمه المطلق والثابت لمملكة البحرين في كل ما يحقق أمنها واستقرارها وتطلعات شعبها وطموحاته نحو مستقبل أفضل وبما يعزز الأهداف السامية لمجلس التعاون، كما يؤكد ثقته في وعي الشعب البحريني وإصراره على التمسك بوحدته الوطنية والمشاركة بإيجابية في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والمساهمة في مسيرة التنمية والتطوير. كما بيَّن المجلس الوزاري في بيان آخر بشأن برنامج تنمية اقتصادية لتمويل مشاريع التنمية في المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية أنه أقر رفع توصية للمجلس الأعلى في دورته (33) القادمة، المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية في شهر ديسمبر 2011م، لإقرار برنامج تنمية اقتصادية، مدته خمس سنوات، لتمويل مشاريع التنمية في المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية، تنفيذًا لقرار المجلس الأعلى في لقائه التشاوري الثالث عشر الذي عُقد في 10 مايو 2011م، وما تم الاتفاق عليه في اجتماع المجلس الوزاري لمجلس التعاون مع معالي وزير خارجية المملكة الاردنية الهاشمية ومعالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون في المملكة المغربية، في 11 سبتمبر 2011م بشأن التعاون بين مجلس التعاون والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية.