"ساهر.. يستفز الشباب" كانت هذه هي العبارة المشتركة، التي سمعناها من كل الذين تحدثوا معنا، حول "نظام ساهر الإلكتروني" المروري، الذي بدأ تطبيقه في المملكة مؤخرا، بدءاً من الرياض العاصمة، ثم مكةوجدة والمدينة، وعدة مدن أخرى، واخيراً في المنطقة الشرقية. وقال ل(البلاد) الذين استطلعنا آراءهم إن (ساهر) لا يتعدى كونه (جابيا) للأموال، ثم بعد يمكن ان يكون له دور في تقنين سرعة المركبات، اما في مجال ضبط السلوك المروري بشكل عام، فلا زال ساهر عاجزا عن تحقيق هذا الهدف حتى اللحظة، من خلال كيفية الاداء التي يقوم عليها الآن. احد الشباب الذين كانوا يراجعون ادارة مرور جدة، كان يقف بسيارته في شارع فرعي شرقي ادارة المرور، ودخل الى احد المكاتب التجارية المنتشرة هناك، والتي تتولى "اظهار" قسائم المخالفات، ثم تسديدها لمن يرغب وكان لديه قيمة المخالفة.. ذلكم الشاب توقف بسيارته بشكل خاطئ.. فقلت له بداية: رأيتك قبل قليل توقف سيارتك بشكل خاطئ، ألم تردعك قسيمة ساهر؟ فرد قائلا: "يا عمي.. ساهر ليس له هدف الاّ انتزاع الدراهم من جيوبنا، فأنا طالب مغترب - من خارج جدة- ادرس بالجامعة ومكافأتي الف ريال بالشهر، وها هم قد اخذوا مني (500) ريال قسيمة السيد ساهر (!!) لانني حسب قولهم تجاوزت سرعة ال(100) كم ولا حول ولا قوة الا بالله، لقد طار نصف المكافأة في لحظة"!! واضاف: بالنسبة لايقاف سيارتي بشكل خاطئ الآن، فالناس كلهم يوقفون سيارتهم كذلك.. وقال: انزل البلد، روح على الكورنيش، تجول حول المدارس والجامعات والكليات، وسترى النسبة ان حوالى 90% من الناس يوقفون سياراتهم بشكل خاطئ. ومضى يقول: انا الحقيقة متأكد انني لم اسرع أبدا، ولم اتجاوز المئة كيلو في الساعة فكيف جاءت هذه القسيمة، ومتى، واين.. كل هذه الاسئلة لا نجد لها جوابا.. فهذا المكتب (المكتب التجاري) يعطينا قسيمة ساهر وفيها الاسم ورقم الهوية والمخالفة.. لكنه لا يوضح (تفاصيل المخالفة). وقال: إذا اردت ان تحصل على تفاصيل المخالفة فعليك ان تجد لك (معرفة) داخل ادارة مرور جدة، والاّ فإن عليك الذهاب الى (قسم مرور السلامة) فهناك فقط المكان الذي يمكن له ان يصدر لك بيانات مكتوبة عن تفاصيل المخالفة، ومعنى هذا ان على كل واحد منا ان (يضرب مشوار) إلى هناك. وتحدث معي اربعة شباب جاءوا مع صاحبهم فقالوا: كنا نتوقع ان نظام ساهر سوف (يؤسس) لثقافة مرورية جديدة، مثل قطع اشارة المرور، وتجاوز الخط الاصفر على الطريق السريع، واغلاق المنعطف الايمن، والتقدم على الاشارة المرورية، والوقوف الخاطئ في اي مكان، واذا به فقط يعمل على محور واحد فقط، وهو محور السرعة، وليته يتعامل في هذه النقطة بشكل موضوعي ومؤسسي. ووضحوا لي كلامهم او ملاحظتهم قائلين: نظام ساهر نظام غريب عجيب، فهو يختبئ في اماكن غريبة ثم يفاجئك بنوره القوي ليلتقط صورة لوحة السيارة، حتى ولو كانت زيادة سرعتك خمسة كيلومترات في الساعة عن الرقم المحدد في جهاز ساهر.. وهذا غير معقول، لان الانسان لا يمكن ان يتحكم في وضعية قدمه على (دواسة) البنزين، بحيث (يوزنها) مثلا على (مئة) بالضبط. وقالوا: نعم نحن ضد السرعة الجنونية، ولذلك كان على ساهر أن يحاسب الناس الذين تبدأ سرعاتهم من (120) او من (130) كم/ س وما فوق.. وكذلك ان تكون الكاميرات كما في دول الخليج على اعمدة الاضاءة او في اماكن بارزة مع وجود لوحات واضحة للجميع تحدد السرعات على كل طريق وشارع، وتكرار تلك اللوحات كل (10) كلم.. اما ان تكون الطرق بدون تحديد سرعات او انها تحتوي فقط على لوحات او لوحتين لا يراهما السائق فهذا ظلم، وامر غير موضوعي، ولا يحقق الهدف. وقالوا: نظام ساهر وبهذه الكيفية نرى انه (جابياً) لجيوبنا، حيث استنزف ولازال الكثير من الاموال، بدون اثر كبير كمردود ثقافي مروري واضح، ولك ان تسير الآن بسيارتك على الطريق السريع في شرق جدة (وكذلك في المدن الاخرى غير جدة) لترى (المساقطة) من عدد من الشباب المتهور، ولتجد كذلك العشرات في كل الاوقات صباحاً وعصراً ومساء، وهم يتجاوزون الخط الاصفر الايسر من الطريق في سرعات كبيرة، مهددين حياتهم وحياة الابرياء غيرهم بالخطر، ولك ان تزور الاحياء الداخلية التي بها برحات او الاحياء الطرفية وترى حجم التفحيط وخصوصاً من منتصف الليل، فإين هي مخرجات ساهر وسط هذه الثقافة المرورية المتواضعة للعديد من السائقين. وقالوا في عبارات يرونها اقتراحاً: إننا عندما نقول ان نظام ساهر هو (لجباية الاموال) فإننا نعبر بدقة تامة عن الهدف الاول لهذا النظام، لانه في العرف العام لكل الناس والثقافات ان الوسيلة لردع المخالفات تكون معقولة وذات قدر يوافق طاقة الناس، وفي الاثر قيل (اذا اردت ان تطاع (فاطلب المستطاع) ولقد كان يجب ان تكون المخالفة خمسين ريالاً فقط او مئة ريال كاقصى حد، لان الهدف ليس العقاب، لكن الهدف تقويم السلوك، وهذا المبلغ يكفي كحالة رمزية على اشعار المخالف بأن ضد السلوك المروري العام، اما ان تدفع (500) ريال ثم تتضاعف بعد شهر الى (1000) ريال.. ثم ان هناك من لا يدري اصلا ان عليه مخالفات، واذا راجع بعد عامين وجد ان عليه مثلا (20) الف ريال.. فما هذا؟ وقال لنا احد الشباب: اقسم بالله انني مررت صدقة على المكتب التجاري لاستطلع هل عليّ مخالفة أو لا.. وعندما ابرزت للموظف بطاقة هويتي الوطنية ونظر في الجهاز وجد علي (500) ريال قسيمة من ساهر دون ان يصلني على جوالي اي اخطار من قبل عليها، وكان يمكن لها ان تتضاعف، لانني لم اكن اعرف عنها شيئاً اصلاً، فأي نظام لساهر يتحدث عن التقنية والدقة كما يقول العاملون عليه؟