زاوية يكتبها يومياً : د .احمد عبدالقادر المعبي حقاً إن شهر رمضان شهر الفرح والسرور، شهر حافل بالخيرات ومعمور بالبركات وقد مر بنا نصفه الاول، مر بسرعة متناهية لمن وفقه الله في هذه الليالي المباركة لفعل الطاعات وترك المنكرات ، هنيئا لمن جد واجتهد هنيئاً لمن اخلص لمولاه حق الاخلاص فكانت له الحسنى وزيادة التمتع بالجنة ونعيمها التي فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . وها هو الصوم قد أحاطه الله بأسراره البالغة ولاشك أن نفع هذه الاسرار يعود على الصائمين ..كيف لا والصوم من طبعه أنه يحول بين المرء وبين امتلاء المعدة التي هي علة العليل وقد اجمع الأطباء ان المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء ولذا قال بعض الحكماء ..الدواء الذي لا داء معه الا تأكل الطعام حتى تشتهيه وان ترفع يدك عنه وأنت تشتهيه . وعندما يشعر الصائم بألم الجوع وشدة الظمأ تحصل له الذلة والانكسار وعند ذلك يشعر الصائم بحاجة لربه ومولاه فيتواضع لبارئه الذي خلقه وسواه ويطرح عنه رداء الكبر والعظمة فإنهما من صفات الله جل جلاله قيل لنبي الله يوسف عليه السلام وعلى نبينا افضل الصلاة والتسليم لم تجوع وأنت على خزائن الارض حفيظ؟ قال أخاف أن اشبع فأنسى الجائع .فالجوع يدفع صاحبه الى البر والاحسان وشهر رمضان هو الموسم العظيم لمن أراد هذا الربح المضاعف وقد جاء في الحديث ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان وكان أجود بالخير من الريح المرسلة . اضف إلى هذا ان الاستمرار في النعمة قد ينسى الانسان مصدر هذه النعمة فاذا ما انقطعت عنه هذه النعمة وتذوق ألم الجوع والعطش عندها يتذكر النعمة ويقابلها بالشكر ويجد في نفسه الوازع الذي يحببه في الطاعات ويحول بينه وبين المنكرات . هل يحتال على الله في منع الزكاة ام يحتال على اكل الربا؟ هل يقترف المنكرات جهارا؟ او يسدل بينه وبين الله في المعاصي اذ لا يطول أمد غفلته عن الله واذا نسى وألمّ بشيء منها كان سريع التوبة قريب الأوبة قال تعالى " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطن تذكروا فاذا هم مبصرون " وقال الامام الغزالي : الصيام زكاة النفس ورياضة الجسم وداع للبر فهو للانسان وقاية وللجماعة صيانة في جوع الجسم صفاء القلب وانفاذ البصيرة لان الشبع يورث البلادة ويعمي القلب ويكثر البخار في الدماغ فيتبلد الذهن والصبى إذا ما كثر اكله بطل حفظه وفسد ذهنه ..أحيوا قلوبكم بقلة الضحك وقلة الشبع وطهروها بالجوع تصفو وترق " . فهل ألجمنا نفوسنا بالصوم وهل انتصرنا على شيطاننا بالصوم؟ كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " ان الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع " نرجو ذلك والله المستعان .