استأنف المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي يوم امس الثلاثاء عقد جلسات دورته العشرين وذلك برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس المجلس التأسيسي للرابطة، وبحضور معالي الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام للرابطة، وفضيلة الدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي، الأمين العام للمجمع الفقهي، وأصحاب السماحة والفضيلة والمعالي أعضاء مجلس المجمع حيث عقدوا الجلستين الخامسة والسادسة لمناقشة موضوعين هما: الموضوع الأول: حكم إثبات نسب ولد الزنا بالاستلحاق . الموضوع الثاني: مراجعة قرار المجمع المتعلق بتحديد دخول وقت الظهر . ففي الجلسة الخامسة ناقشوا موضوع: حكم إثبات نسب ولد الزنا بالاستلحاق، واستعرضوا عدداً من البحوث وذلك كما يلي: حكام الأولاد الناتجين عن الزنا، للأستاذ الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي، رئيس قسم الفقه في كلية الشريعة بجامعة دمشق . إثبات نسب أولاد الزنا (الحكم الضوابط الشروط) وعناية الإسلام باللقطاء، للأستاذ الدكتور محمد بن أحمد صالح الصالح، أستاذ الدراسات العليا في الجامعات السعودية ومعاهدها العليا، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر . نسب المولود خارج رابطة الزواج، للأستاذ الدكتور نور الدين مختار الخادمي، أستاذ التعليم العالي، ومدير مدرسة الدكتوراه بجامعة الزيتونة في تونس . حكم استلحاق ولد الزنا، للدكتور أحمد بن صالح آل عبد السلام أستاذ الفقه المشارك في كلية الملك خالد العسكرية . أحكام الأولاد الناتجين عن الزنا، للدكتور فهد بن سعد الجهني، أستاذ أصول الفقه المشارك بكلية الشريعة بجامعة الطائف . وقد شرح الباحثون خلال الجلسة عناية الإسلام وعلاجه مشكلة إثبات أولاد الزنا واللقطاء على أساس من الحق والعدل والرحمة والإحسان، لذا ضيق الإسلام من إثبات نسب ولد الزنا من الأب، وذلك في حدود ولادة الولد على فراش الزوجية، دون نفيه من الزوج باللعان، ووسع من دائرة نسبة ولد الزنا من الأم حيث وجد اللعان أو وجد وطء الشبهة . وأوضحوا أنه لا يجوز جعل الزنا سبباً شرعياً من أسباب ثبوت النسب بالاتفاق، حتى لا ينهدم نظام الزواج القائم على منهج العقد الصحيح، حفاظاً على الأنساب أحد مقاصد الشريعة، ومن جهة أخرى لابد أن ينفق المسلمون على ولد الزنا، فإنه يتيم، ونفقة اليتامى على المسلمين مؤكدة . وفيما يتعلق باللقطاء أوضح الباحثون أنه ينبغي على المسلمين شرعاً التقاط اللقيط حفاظاً على حياته، وقياماً بواجب تربيته وصونه وإرشاده، كما أن على بيت مال المسلمين نفقة اللقيط إذا لم يتبرع احدهم بالإنفاق عليه، صوناً لكرامته . ويرّغب الإسلام في الإحسان إلى اللقطاء بتربيتهم ورعايتهم، فذلك من أعمال الخير والبر والقربات، وهو أيضاً معبر عن تكافل الأمة وتضامن أبنائها، وصون المشردين والمنبوذين في الساحات العامة ونحوها، ومن جهة أخرى أوضح الباحثون أنه لا يجوز تبني اللقيط وجعله بمثابة الولد الصحيح نسبه شرعاً، فهو أمر محظور، وعواقبه وخيمة، وآثاره سيئة . واستطرد الباحثون في شرح أهمية النسب في الإسلام مؤكدين أن الحفاظ على النسب الشرعي مقصد أساسي من مقاصد الإسلام الخمسة الكبرى وأحد الأصول الكلية التي لم تحل في دين من الأديان ولا شرع من الشرائع الإلهية، وهي الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسب والمال، فالإسلام بمعناه العام الكلي الشامل لجميع الأديان: هو دين الطهر والعفاف والبراءة والصون، سواء الأصل القريب وهو الأبوان، أم الأصل البعيد. وبعد شرح عناية الإسلام بالحفاظ على النسب الصحيح، أكد الباحثون على مكانة النسب في الشريعة وأسباب ثبوته شرعاً، وبينوا الفرق بين الزنا ووطء الشبهة والزواج الفاسد والباطل في قضايا النسب، وناقشوا مدى ثبوت النسب بالزنا ونوعي الزنا، وكيف يمكن حل مشكلة الزناة ؟ ثم قدم الباحثون تعريفاً للقيط وأحكامه، وبينوا أهمية رعاية اللقيط وعناية الإسلام باللقطاء (حقوقهم ونسبهم، وشروط الملتقط) وناقشوا الاستفسار حول: هل يكون حل مشكلة اللقطاء بالتبني أو غيره من دور الرعاية الاجتماعية؟ وبعد مناقشة أعضاء المجمع لما عرضه الباحثون، تمت إحالة ما توصل إليه العلماء والفقهاء لاستكمال دراسته وإصدار نتيجة ذلك في الجلسة الختامية للدورة . أما في الجلسة الخامسة فقد ناقش أعضاء المجمع موضوع دخول وقت الظهر من خلال مراجعة القرار السابق للمجمع، المتعلق بتحديد دخول وقت صلاة الظهر، وتم في الجلسة عرض بحوث وهي كما يلي: المعايير الفقهية والفلكية لدخول وقت الظهر، للدكتور نزار محمود قاسم الشيخ . تحقيق وقت زوال الشمس للدكتور سعد بن تركي الخثلان، الأستاذ المشارك في كلية الشرعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . وقد ناقش أعضاء المجمع ما تم عرضه في الجلسة، مؤكدين على إجماع العلماء على اشتراط دخول الوقت لصحة الصلاة، وأن من صلى صلاة قبل دخول وقتها عالماً متعمداً فإن صلاته لا تصح، كذلك فإن من شك في دخول وقت الصلاة فليس له أن يصلي حتى يغلب على ظنه دخول الوقت، والأولى تأخيرها قليلاً احتياطاً . كذلك أوضحوا أن شرط دخول الوقت هو آكد شروط الصلاة؛ ولهذا فإنه يحافظ عليه وأما من كان مقيماً في البلاد المعتدلة، والتي يتمايز فيها لليل والنهار بطلوع فجر وغروب شمس، ولا يطول فيها الليل أو النهار طولاً مفرطاً (وهي الواقعة ما بين خط الاستواء وخط العرض (45) شمالاً وجنوباً) فيجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً والواردة في عدد من الأحاديث الصحيحة . وبينوا أنه لا مانع من الاعتماد على العلامات الفلكية للأوقات الشرعية للصلوات الخمس بشرط أن تكون هذه العلامات متفقة مع مدلول النصوص الشرعية في تحديد أوقات الصلاة، ومن المتوقع أن يصدر المجمع قراره في هذا الموضوع في جلسته الختامية، التي ستعقد بعد ظهر يوم الأربعاء 23-1-1432ه برئاسة سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ .