دعت رابطة العالم الإسلامي المسلمين في كل مكان للتأسي بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، والاستفادة من دروس هجرته وأصحابه إلى المدينةالمنورة ، مؤكدة على أهمية التراحم والتناصر والتضامن والتكافل والتعاون بين المسلمين حكومات وشعوباً ، وطالبت الأمة بوحدة الصف ، وبالعمل المشترك لمعالجة المشكلات والتحديات التي تواجهها ، وخاصة مشكلات فلسطين والعراق والصومال وغيرها من مشكلات الشعوب والأقليات المسلمة في العالم. جاء ذلك في بيان أصدره معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ، بمناسبة بدء عام هجري جديد ، طالب فيه الشعوب والحكومات الإسلامية بالتقيد بأوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله وتحكيم الشريعة الإسلامية في مختلف مجالات الحياة ، والحذر من اتباع الهوى والافتتان به ، مذكراً بقوله سبحانه وتعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُم أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إليك ) مبيناً أن عزة المسلمين لا تكون إلا بالتقيد بأحكام الإسلام. ونبه معاليه المسلمين إلى أهمية دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والتعمق في فقهها وفهم دروسها ، وربط الأجيال المسلمة بتوجيهاتها العظيمة، وجعلها القاعدة الصلبة في إقامة المجتمع الإسلامي المبني على طاعة الله ورسوله ، والدفاع عن صاحب الرسالة الخاتمة ، محمد صلوات الله وسلامه عليه ، وتعليم سيرته للأجيال المسلمة ، وقال : إن سيرته صلى الله عليه وسلم مدرسة كاملة للمسلمين ، ينبغي عليهم الاستفادة منها والتأسي بها : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) وأوضح أن في السيرة النبوية منهجاً عظيماً ، أخذ منه سلف الأمة عبراً قيمة ، ولابد للمسلمين وهم يواجهون في هذا الزمن تحديات كبرى وعدواناً على بعض شعوبهم ، من الاستفادة من تلك الدروس التي استفاد منها أسلافهم ، إذ لا عزة لهم إلا بالعودة إلى الله، والتمسك بشريعته ، وتطبيقها في إطار من التعاون الإسلامي الشامل ، والعمل المشترك بين الحكومات والشعوب ، لإنجاز كل عمل صالح ومفيد ، عملاً بقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ). وبيّن د. التركي أن المسلمين بتطبيقهم شرع الله ، ونشر مبادئ الإسلام بين الشعوب ، يقدمون للعالم خدمات حضارية جليلة ، تسهم في إنقاذه من التخبط العقائدي والسلوكي ، كما تسهم في حل مشكلاته التي يعاني منها، مثل مشكلات الأمن والسلام وقضايا البيئة ، ومسألة الفقر وتحرير الإنسان من عبودية غير الله ، ومنحه حقوقه كاملة ، ودعا معاليه شعوب العالم إلى الاستفادة من مبادئ الإسلام ومن تشريعه العادل ، الذي كفل الحقوق الإنسانية ، وقال : إن على المسلمين أن يجتهدوا في تعريف البشرية بالإسلام وما جاء فيه من منافع عظيمة للإنسانية باعتباره رسالة عالمية للناس جميعاً : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ) وأنه رحمة كبرى لهذه البشرية : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ). ودعا معاليه المسلمين أن يوضحوا للعالم الحلول الإسلامية لمشكلات الإنسان في هذا العصر الذي يسوده القلق والتوتر ، وانتشار الموبقات وتفشي المخدرات ، والانحلال الخلقي وشيوع الصراعات التي تخل بالأمن الاجتماعي للشعوب الإنسانية وأشار إلى أن تعريف الشعوب الأخرى بمبادئ الإسلام الخلقية يجذبها إلى الإسلام ويُعرّفها بحاجة البشرية إليه ، فقد بعث عليه الصلاة والسلام لإتمام مكارم الأخلاق. وأهاب معاليه بالحكومات والشعوب الإسلامية أن تتواصل فيما بينها، وأن تنسق جهودها في الدفاع عن مصالح الأمة ، من خلال صيغ العمل الإسلامي المشترك ، وأن تبذل الجهود المخلصة ، وتقدم المبادرات الحازمة لمعالجة قضايا شعوبها وعلى رأسها قضية شعب فلسطينالمحتلة ، مذكراً بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تضيّق الحصار على شعب فلسطين المصابر، ولاسيما في قطاع غزة المحاصر. وقال : إن رابطة العالم الإسلامي التي يؤلمها ما يحدث في فلسطين من الانتهاكات الظالمة التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية ، تطالب الدول الإسلامية بتقديم كل دعم ومساعدة لشعبها، وتدعو الفلسطينيين لتوحيد صفوفهم ونبذ الفرقة والخلاف ، والاتفاق على صيغ مشتركة للعمل الوطني. وفيما يتعلق بالعراق وما يجري فيه ، حذر معاليه من خطورة الفتن الطائفية على وحدة شعب العراق ووحدة أراضيه ، وطالب العراقيين جميعاً بالحذر من مغبات الفتن ، ودعاهم إلى التآلف والوفاق في إعادة بناء وطنهم ، وأهاب بالدول الإسلامية لدعم وحدة العراق ، وتقديم المعونة اللازمة لشعبه، وتكثيف جهود الإغاثة لتلبية حاجة الجوعى والمنكوبين ، بسبب ما يجري في هذا البلد المسلم. وحول ما يجري في الصومال ، ودعا معاليه الحكومات الإسلامية إلى تقديم مبادرة إسلامية لمعالجة مشكلة الصومال ومواجهة القرصنة التي يمارسها الخارجون عن القانون. وفي ختام البيان دعا د. التركي الله العلي القدير أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ويهدي المسلمين إلى عمل ما يصلح دنياهم وآخرتهم ، إنه سميع مجيب. ودعاه سبحانه أن يمن على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بمزيد من الصحة والعافية لمواصلة جهوده العظيمة فيما يصلح شأن المسلمين ، وشكر له ولسمو ولي عهده الأمين ، الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود جهودهم في جمع كلمة المسلمين وإسهامهم الكبير في حل مشكلاتهم، ودعا الله أن يثيبهم ويبقيهم ذخراً للأمة. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.