كان الراحل والشاعر القصيبي الذي قال عنه معلمه الأديب الراحل عبدالله بن محمد الطائي بأنه من أبرز الشعراء المجددين، ذكر ذلك في كتابه (دراسات عن الخليج العربي) حيث قال : «أخط اسم غازي القصيبي، وأشعر أن قلبي يقول ها أنت أمام مدخل مدينة المجددين، وأطلقت عليه عندما أصدر ديوانه (أشعار من جزائر اللؤلؤ) الدم الجديد، وكان فعلا دما جديدا سمعه كثيرون يهتف بالشعر في الستينيات، ولم يقف، بل سار مصعدا، يجدد في أسلوب شعره، وألفاظه ومواضيعه». لم يقف هناك حيث الشعر فقط بلك تعداه لكتابة الرواية والقصة القصيرة، فكانت (شقة الحرية) و(دنسكو) و(أبو شلاخ البرمائي) و(العصفورية) و(سبعة) و(سعادة السفير) و(الجنيّة). أما في الشعر فلديه دواوين (معركة بلا راية) و(أشعار من جزائر اللؤلؤ) و(للشهداء) و(حديقة الغروب). وله إسهامات صحافية متنوعة أشهرها سلسلة مقالات (في عين العاصفة) التي نُشرَت في جريدة الشرق الأوسط إبان حرب الخليج الثانية كما أن له مؤلفات أخرى في التنمية والسياسة وغيرها منها (التنمية، الأسئلة الكبرى) و(عن هذا وذاك) و(باي باي لندن ومقالات أخرى) و(الأسطورة ديانا) و(أقوالي غير المأثورة) وكتب أخرى، لكن كتابه (حياة في الإدارة) كان أشهر ما نشر له، فقد كتب سيرته الوظيفية وتجربته الإدارية حتى تعيينه سفيراً في لندن. لكن لم يكتفِ القصيبي بكل هذه الإصدارات، فرغم مرضه وألمه إلا أنه أبى إلا أن يضيف لها كتابه الأخير (الزهايمر) الذي سيصدر آخر هذا الأسبوع عن «دار بيسان» اللبنانية. فقد صرح عيسى أحوش صاحب الدار لوسائل الإعلام: إن القصيبي قد كتب وصحح مسودة الأقصوصة - كما وسمها - بقلمه وراجعها بشكل نهائي، وهي - الآن - في الطريق للقارئ، وتدور حول شخصية (يعقوب العريان) الذي ينسى اسم زجاجة العطر التي اعتاد إهداءها لزوجته التي تصغره بربع قرن؛ فأدرك حينها انفلات التفاصيل الصغيرة من ذاكرته، وأحس أن التفاصيل الكبيرة في طريقها للضياع، وقرر السفر متذرعاً برحلة عمل بينما كانت وجهته إلى طبيبه البروفسور جيم ماكدونالد رئيس مركز «الزهايمر» في جامعة جورج تاون الذي وصف له مصحة خاصة بمشاهير وأثرياء العالم المصابين بمرض «الزهايمر»، أو (صفوة الصفوة) كما وصفهم، ومنهم (باري غولدووتر، ريتا هيوارث، شارتون هيستون، الملكة جوليانا)، وآخرون أشهرهم الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان الذي قال عن المرض: إنه مرض جميل حيث تقابل الأشخاص أنفسهم وتظن أنك ترى وجوهاً جديدة كل يوم. القصة جاءت على شكل رسائل يبعث بها السيد العريان إلى زوجته ولم تستلمها إلا بعد وفاته لا بسبب الزهايمر بل بنوبة قلبية مفاجئة، وهنا مخرج الحكاية حيث يبعث الطبيب الأمريكي «ماكدونالد» بجميع أوراق السيد العريان ومن بينها الرسائل لزوجته نرمين. القصة ملأى بالرؤى «القصيبية» الخاصة بمواقفه السياسية والثقافية والاجتماعية غير العابرة. وقد كتب الأقصوصة في «دفتر رسائل مسطر» شغلت منه خمساً وأربعين صفحة بخط يده. وهذا ثالث عمل يُصدر له هذا العام.