رأى معالي نائب وزير التربية والتعليم نائب رئيس اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر أن تسجيل "حي الطريف " بالدرعية ضمن قائمة التراث العالمي الذي يضم (911) موقعاً تاريخياً يعتبر أحد مخرجات العمل مع منظمة اليونسكو وتجسيداً للعمق التاريخي الذي تتمتع به شبه الجزيرة العربية، موضحاً أن هذا الموقع والذي أسس في القرن الخامس عشر يترجم الدور السياسي والديني والثقافي للدرعية القديمة، ويضم هذا الممتلك آثار الكثير من القصور التاريخية للدولة السعودية الأولى، ويمتاز بالنسيج العمراني النجدي إضافة إلى الملمح الثقافي والفكري الذي يتمتع به ذلك الموقع على مدى قرون من الزمان ولا يزال قائماً حتى يومنا هذا. وأضاف معاليه أن اختيار هذا الموقع يعتبر إضافة تاريخية يتم تدوينها للأجيال المتلاحقة، ويدفع بنا نحو مسؤولية الحفاظ على تلك المكتسبات التاريخية التي تؤرخ لحقبة زمنية لا تنفصل عن الامتداد التاريخي للوطن والمواطن، وتؤكد المكانة الرفيعة التي تحظى بها المملكة العربية السعودية من خلال الاهتمام بتاريخها، كما أنه سيجدد الاهتمام بدراسة طابع المجتمع السعودي ومحافظته على قيمة الثقافية والاجتماعية التي مع تقادم الزمن لا يزال المواطن يحافظ من خلالها على ذات النسق الاجتماعي ويكرس تجسيده على أرض الواقع في مناحي حياته المتحضرة اليوم. وفي هذا الصدد أشاد معاليه بالهيئة العليا للسياحة موجهاً التهنئة لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار وبدور مندوبية المملكة الدائمة لدى اليونسكو التي بذلت جهوداً كبيرة بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار لتحقيق هذا المنجز من خلال مشوار طويل في المداولات واستعراض المسوغات التي تقدم عادة في مثل هذه الظروف لطلب التسجيل ضمن القائمة التراثية للمواقع، وهو ما يمثل جزءاً مهماً من محاور عملها بالإضافة إلى مهام أخرى تضلع بها المندوبية في إطار عملها المشترك مع الدول الأعضاء في خدمة القضايا التي تبناها المنظمة. وعن جهود المملكة في تسجيل المواقع التاريخية أشار معاليه إلى أن جهوداً سابقة أثمرت عن تسجيل موقع الحجر الأثري التاريخي (مدائن صالح) ضمن قائمة التراث العالمي في عام 2008م والذي يعتبر أول موقع يسجل باسم المملكة العربية السعودية والذي يؤرخ ويجسد حضارة الأنباط كأحد الشواهد على تعاقب الحضارات والثقافات على الجزيرة العربية والذي يؤكد أهمية الاستمرار باتجاه الحفاظ على تلك المكتسبات والتعريف بها من خلال المنظمات والمؤسسات ذات الاختصاص. وأوضح معالي الأستاذ فيصل بن معمر أن العمل جاري حالياً لتقديم ملف خاص بمدينة جدة التاريخية ليتم تسجيله كموقع تاريخي يحمل دلالات وأبعاد لحقب زمنية وتاريخية مهمة ساهمت في تكوين وتشكيل الإرث الإسلامي والعربي والعالمي من خلال الدور المناط بها كونها مقصداً لملايين الناس في حقب زمنية متباعدة من قاصدي مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وقد بدأت مندوبية المملكة لدى اليونسكو وبالتنسيق مع الهيئة العليا للسياحة والآثار في جمع الوثائق ودراستها وتنقيحها والوقوف من جديد على أرض الواقع لرسم ملامح واضحة وفق القائم من تاريخ مدينة جدة التاريخية. وفي ذات السياق بين معاليه أن المملكة العربية السعودية ومن خلال مؤسساتها ذات العلاقة قد بذلت وتبذل الكثير من أجل الحفاظ على المكتسبات التاريخية، وكان لوزارة التربية والتعليم على مدى سنوات طويلة الاهتمام بهذا الجانب حيث أسند لها العمل على تعيين ورعاية المواقع التاريخية والمحافظة عليها في إطار دورها الثقافي والتربوي. وحول علاقة المملكة العربية السعودية باليونسكو قال معاليه أن المملكة كعضو مؤسس في المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم كان لها دورها الرئيس في منظومة العمل الدولي المشترك الرامي إلى تحقيق الحضور العالمي وتكريس القوانين والمواثيق الدولية لما يخدم الإثراء المعرفي والإفادة منه من خلال بوابة التبادل الثقافي والفكري والمساهمة في تجسير الفجوة بين الثقافات العالمية، والعمل على تحقق الاندماج الفكري والثقافي السعودي في نسيج الثقافة العالمية التي تمثلها اليونسكو كمنظمة مستقلة حققت نضجاً ومهنية عالية ساهمت في استقطاب العديد من دول العالم لنيل عضويتها. مؤكداً معاليه أن المملكة العربية السعودية ساهمت في تحقيق رؤية اليونسكو والتي تعمل على إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق حوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أسس احترام القيم المشتركة، ولتمكين العالم من التوصل إلى وضع رؤى شاملة للتنمية المستدامة، تضمن التقيد بحقوق الإنسان، والاحترام المتبادل، والتخفيف من حدّة الفقر، وكلها قضايا تقع في صميم رسالة اليونسكو وأنشطتها. ومن جهة أخرى قال سفير المملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو الدكتور زياد الدريس "إن تسجيل حي الطريف بالدرعية في لائحة التراث العالمي لم يكن أمراً سهلا ً أو يسيرا" مبرزاً أن أن تسجيل المواقع الآثارية في لائحة التراث العالمي هو امتياز ثقافي تمنحه هذه المنظمة الدولية الكبرى (اليونسكو ) المعنية بثقافة وتراث وذاكرة العالم. وأوضح الدكتور الدريس في تصريح صحفي أن هذا الامتياز الذي يعود على الموقع والدولة بمكاسب معرفية ومادية ومعنوية ، ينطوي بالمقابل على التزامات وضوابط يجب إتباعها ، وإلا أصبح الموقع مهددا ً بإسقاطه من اللائحة. وأشار إلى أن موقع مدائن صالح ( الذي سجل عام 2008 م ) كان هو الأسهل في تسجيله بلائحة التراث العالمي ، وأن موقع جدة التاريخية ( الذي سيناقش عام 2011 م ) سيكون هو الأصعب بالنظر إلى حالة الموقع المأهول بالسكان الذي تعرض إلى عدد من حوادث الانهيار والحريق والاستخدام السيئ للموقع من فئة من ساكنيه الذين لا يدركون أبعاده التاريخية والتطلعات المرسومة للحفاظ عليه كمكنون ثقافي وطني يراد له أن يكون عالميا ً بإذن الله، مؤكداً أن القرارات التي وجه بها سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأسبوع الماضي ستخفف من تعقيدات وضع الموقع ، وخصوصا قرار تعيين إنشاء بلدية جدة التاريخية وتعيين رئيس لها. وأبرز نشاط الهيئة العامة للسياحة والآثار برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز والتعاون المتكامل والمثمر مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم برئاسة صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد وزير التربية والتعليم ومعالي نائبه الأستاذ فيصل بن معمر ، في دعم مساعي المندوبية الدائمة لدى اليونسكو لتنشيط وتفعيل الحضور السعودي في المنظمة ، وتحديدا في مجال الحفاظ على التراث المادي.