من المعروف ان هناك الكثير من اللاعبين الذين ابدعوا مع فرقهم الى اقصى الحدود واصبحوا مثالا يحتذى به دون ان ينجحوا في ترك لمساتهم مع منتخباتهم الوطنية، لكن هناك ايضا لاعبون خطفوا الاضواء في نهائيات كأس العالم ثم,.اختفوا عن الرادار. والاسم الاول الذي يفرض نفسه بين اللاعبين الذين فاجأوا الجميع خلال شهر من الزمن ثم غابوا عن الاضواء، الايطالي سلفاتوري "توتو" سيكلاتشي الذين كان ابرز نجوم مونديال بلاده عام 1990. عندما انطلقت نهائيات ايطاليا 1990، لم يكن مهاجم يوفنتوس البالغ من العمر حينها 25 عاما يملك في سجله الدولي مع "الازوري" سوى مباراة واحدة وحسب، ولم يكن احد يعرف الكثير عنه على الرغم انه كان ضمن صفوف نادي "السيدة العجوز" العريق، لكنه اصبح في نهاية المونديال بطلا قوميا وحصل على شهرة كبيرة كونه توج هدافا له برصيد 6 اهداف وهو الذي كان على مقاعد اللاعبين الاحتياطيين في المباراة الاولى ضد النمسا. وكما فعل مدرب منتخب ايطاليا السابق انزو بيرزوت عندما استدعى الهداف باولو روسي العائد الى الملاعب قبل فترة وجيزة من انطلاق مونديال 1982 في اسبانيا حيث اعتبر ذلك مخاطرة خصوصا ان روسي غاب عن الملاعب لمدة سنتين بسبب اتهامه بالتلاعب بنتائج بعض المباريات، فان مدرب ايطاليا في مونديال 1990 ازيليو فيتشيني قام بالمخاطرة ايضا عندما استدعى سكيلاتشي. نزل سكيلاتشي في منتصف الشوط الثاني من المباراة الاولى ضد النمسا على الملعب الاولمبي في روما وكان التعادل السلبي سيد الموقف لكن ابن صقلية تطاول برأسه لتمريرة من فيالي ليسجل هدف المباراة الوحيد واحتفل به كما يفعل ولد صغير يتلقى هدية للمرة الاولى. وشارك سكيلاتشي احتياطيا ايضا في المباراة الثانية ضد الولاياتالمتحدة ومع انه لم يسجل فانه اقنع المدرب فيتشيني بانه قادر على اللعب اساسيا بعد ان قدم عرضا رفيع المستوى واقلق راحة الدفاع الاميركي في مدى 40 دقيقة، كما ان المهاجم الاصلي كارنيفالي لم يحقق شيئا وفشل في التسجيل. وقرر فيتشيني اشراك سكيلاتشي وروبرتو باجيو في خط الهجوم علما بان الاخير كان يشغل مركز الوسط المتقدم في المباراتين الاوليين. وشكل الثنائي خطرا كبيرا على مرمى تشيكوسلوفاكيا ونجح سكيلاتشي في افتتاح التسجيل قبل ان يضيف باجيو هدفا رائعا. وبعد ان حقق المنتخب "الازوري" ثلاثة انتصارات في الدور الاول وبلغ الدور الثاني بسهولة، كان عليه مواجهة الاوروغواي صاحبة الدفاع القوي، لكن سكيلاتشي لعب دور المنقذ مرة جديدة وسجل هدف المباراة الوحيد من تسديدة بيسراه من 18 مترا.وفي ربع النهائي ضد جمهورية ايرلندا تابع سكيلاتشي هوايته المفضلة وسجل هدف المبارة الوحيد مستغلا خطأ للحارس بادي بونر.وكان الموعد في نصف النهائي مع الارجنتين في نابولي. ونجحت ايطاليا في افتتاح التسجيل بواسطة سكيلاتشي ايضا رافعا رصيده الى خمسة اهداف في البطولة، لكن كلاوديو كانيجيا ادرك التعادل للارجنتين التي بلغت النهائي بركلات الترجيح. وفي المباراة على المركزين الثالث والرابع التقت ايطاليا مع انكلترا، وتقدمت الاولى بواسطة روبرتو باجيو، قبل ان تدرك انكلترا التعادل بواسطة ديفيد بلات، ثم احتسبت ركلة جزاء لايطاليا فتنازل عنها الاختصاصي باجيو الى سكيلاتشي الذي سجل هدفه السادس في سبع مباريات فتوج هدافا للمونديال ليصبح ثاني لاعب ايطالي ينال هذا الشرف بعد باولو روسي عام 1982 بالرصيد ذاته. ولم يتمكن سكيلاتشي من الاستمرار على المنوال ذاته في صفوف يوفنتوس في الموسم التالي وتعرض لسيل من الانتقادات اللاذعة في الصحف المحلية، فتخلى عنه يوفنتوس لمصلحة انتر ميلان لكنه فشل فشلا ذريعا قبل ان يصبح خارج الصورة بانتقاله الى اليابان حيث لعب في صفوف جوبيلو ايواتا لمدة خمسة مواسم. اما على الصعيد المنتخب فلم يضيف سكيلاتشي اي هدف للاهداف الستة التي سجلها في مونديال 1990، فاعلن اعتزاله الدولي في 25 سبتمبر 1991. وكان مونديال 1990 شاهدا ايضا على ظهور نجم اخر الى الساحة فشل بعدها في المحافظة على نجوميته وهو الانكليزي "المشاغب" بول غاسكوين الذي نجح عندما كان حينها في الثالثة والعشرين من عمره فقط في قيادة منتخب "الاسود الثلاثة" حتى الدور نصف النهائي، ما دفع لاتسيو الايطالي للحصول على خدماته بعد النهائيات من توتنهام اللندني. لكن اللاعب الانكليزي لم يعرف بعدها اي موسم مماثل للشهر الذي امضاه في مونديال ايطاليا. لعبت الاصابات دورا كبيرا في تراجع اداء غاسكوين كما ان تصرفاته خارج الملعب لم تكن مثالية على الاطلاق اذ عانى من مشكلة الادمان على الكحول وهو الامر الذي ترك اثرا كبيرا على مسيرته وحياته الشخصية التي كانت اخر فصولها محاولته الانتحار عام 2008. وكان غاسكوين بدأ مسيرته عام 1984 مع نادي نيوكاسل حيث ولد، ثم انتقل الى توتنهام ومنه الى لاتسيو فلم يصب نجاحا انضم بعد ذلك الى رينجرز الاسكتلندي وسجل له 30 هدفا في 74 مباراة. وعاد غاسكوين الى انكلترا عام 1998 حيث التحق بصفوف ميدلزبره ومنه الى ايفرتون وامضى بعد ذلك شهرين مع برانلي من الدرجة الاولى قبل ان يتركه في تموز/يوليو 2002. ودافع غاسكوين عن الوان انكلترا في 57 مباراة سجل خلالها 10 اهداف واعتزل اللعب دوليا عام 1998.وقد يكون الروسي اوليغ سالينكو اكثر اللاعبين الذين فشلوا في استثمار نجومية المونديال للمحافظة على مكانته الى ابعد من شهر وحسب.بقي سالينكو اللاعب الوحيد حتى الان الذي تمكن من تسجيل 5 أهداف في مباراة واحدة في نهائيات كأس العالم، وكان ذلك في مونديال الولاياتالمتحدة 1994 في مباراة الكاميرون التي كانت شكلية بين المنتخبين بعد تأكد خروجهما من منافسات الدور الاول، فروسيا خسرت مباراتيها امام البرازيل (صفر-2) والسويد (1-3)، اما الكاميرون فخسرت امام المنتخب الذهبي والاخضر (صفر-3) وتعادلت مع السويد (2-2).وجاءت المباراة الثالثة بين المنتخبين الاضعف في هذه المجموعة لتكون من دون نكهة لدرجة ان احدا لم يهتم بها، غير ان الاقدار شاءت ان تبقى هذه المباراة مدونة في سجلات نهائيات كؤوس العالم بفضل سالينكو الذي تالق في زمن لم يتعد 59 دقيقة ودخل تاريخ الكرة. لم يكن سالينكو ضمن التشكيلة الاساسية التي يعتمد عليها عادة المدرب الروسي بافيل ساديرين، ودخل احتياطيا في مباراة البرازيل مكان سيرغي يوران، وخاض المباراة الثانية امام السويد منذ البداية وتمكن من تسجيل هدف بعد مرور اربع دقائق فقط من بداية المباراة من ركلة جزاء، غير ان ذلك لم يشفع لمنتخبه الذي سقط في الاخير (1-3).وكانت المباراة الثالثة امام الكاميرون تحصيل حاصل، الا ان سالينكو استغل الضعف الكاميروني والاداء المحتشم للاعبيه ليوقع اسمه باحرف من ذهب في سجلات منافسات كأس العالم، فراح يبدع في تسجيل الهدف الواحد تلو الاخر الى ان بلغت خمسة محدثا سابقة في النهائيات وترك في الاخير شرف توقيع الهدف السادس لزميله دميتري رادشينكو. ومع انتهاء مشوار المنتخب الروسي في النهائيات من الدور الاول توقف رصيد سالينكو عند ستة اهداف سجلها في مباراتين، وحرم الخروج المبكر لروسيا من المنافسات هذا المهاجم من زيادة الغلة، غير ان ذلك لم يمنعه من تسجيل اسمه مرتين، الاولى كهداف لهذا المونديال، والثانية كأول لاعب يسجل 5 اهداف في مباراة واحدة في النهائيات. وبنفس السرعة التي برز بها عالميا غاب سالينكو عن الساحة، حيث لم يتمكن من معاودة اللعب مع المنتخب الروسي رغم العقد الذي وقعه قبل المونديال مع فالنسيا الاسباني، وعانى كثيرا من لعنة الاصابة التي بقيت تلاحقه اغلب فترات مسيرته الرياضية حتى العام 1997. وحرمت بذلك الاصابات سالينكو من ترسيخ اسمه مجددا في عالم الهدافين اضافة الى المنافسة القوية التي كان يلقاها من لاعبين كبار في فالنسيا الاسباني. وانتقل سالينكو الى اسكتلندا حيث لعب في صفوف غلاسكو رينجرز ثم انتقل الى تركيا حيث انضم الى اسطنبول غير انه تلقى اصابة جديدة في ركبته المصابة اصلا ابعدته عن الملاعب لمدة عام كامل. وانتهى به المطاف في اسبانيا من جديد في كوردوبا حتى نهاية العام 1999، لينتقل الى بولندا بعد ذلك حيث انضم الى بوغون سيشين ثم اعتزل عام 2001. ورغم المجهودات التي قام بها سالينكو للعودة الى قمة عطائه الا انه بقي يراوح مكانه واختفى عن الساحة بسرعة. وبامكاننا التحدث ايضا عن التركي ايلهان مانسيز الذي سجل اربعة اهداف في مونديال 2002 ليقود بلاده الى انجاز الوصول لدور الاربعة، لكنه,.اختفى بعدها، كما كانت الحال بالنسبة للبرازيلي جوسيمار الذي شق طريقه الى التشكيلة الاساسية لمنتخب بلاده خلال مونديال مكسيكو 1986، مسجلا هدفين في النهائيات ومقدما اداء ملفتا ما سمح له بان يتم اختياره الظهير الايمن الافضل في البطولة، الا ان مسيرته اخذت بعدها منعطفا اخر قاده الى السجن بتهمة قتلة احدى فتيات الهوى. ومن المؤكد ان قصة جو غايتجينز هي الاكثر مأساوية. فبعد ان نجح هذا اللاعب في شق طريقه من هايتي الى نيويورك ثم شيكاغو فسانت لويس ساعيا وراء لقمة العيش، وجد نفسه احد المشاهير في مونديال 1950 وحديث الصحافة والاذاعات بعدما نجح في قيادة منتخب الولاياتالمتحدة لفوز تاريخي على انكلترا (1-صفر). عاد بعدها الى مسقط رأسه هايتي عام 1963 ولدى وصوله الى الجزيرة اعتقلته السلطات لانه كان معارضا لحكم الديكتاتور جان بيار بابادوك دوفالييه واعدمته الشرطة السرية.