استعرضت جامعة طيبة بالمدينةالمنورة تاريخ ومعالم وادي العقيق في ورشة عمل عن لمحات من التراث العمراني عبر جلستين عقدت أمس الأول وذلك في إطار البرنامج المصاحب الذي تقوم به الجامعة بالتزامن مع المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني الإسلامي، وتأتي هذه الورشة في ظل حزمة من البرامج التي تقدمها الجامعة بالتزامن مع المؤتمر الذي ينعقد خلال الفترة من 9-14 جمادى الآخرة 1431ه. ففي الجلسة الأولى بعنوان (المعالم التراثية والحضارية في وداي العقيق) عرض الدكتور ياسر نور من كلية الآداب والعلوم الإنسانية موجزاً تعريفياً عن وادي العقيق الذي وصفه بأنه أشهر أودية المدينة، وربما أودية الحجاز كلها، وتتجمع مياهه من منطقة النقيع التي تبعد عن المدينة أكثر من مائة كيلاً جنوباً، ويسير إلى مشارف المدينة حتى يصل إلى جبل عير، ويسمى هذا الجزء منه العقيق الأقصى، ثم يسير غربي جبل عير، ويمر بذي الحليفة حتى يبلغ أقصى عير فينعطف شرقاً حتى يلتقي بوادي بطحان قرب منطقة القبلتين، ثم يسير باتجاه الشمال الشرقي قليلاً ثم شمالاً فيلتقي بوادي قناة القادم من شرقي المدينة عند منطقة (زغابة). وأشار الدكتور نور الى أن وادي العقيق في الشتاء مثل نهر كبير، وفي السنوات التي تكثر فيها الأمطار تظل المياه فيه عدة أشهر، مستعرضاً عدداً من الكتابات التاريخية التي تدل على انه كان في بعض العصور أشبه بنهر دائم الجريان. عقب ذلك ألقى الدكتور سليمان بن ضفيدع الرحيلي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والباحث التاريخي في منطقة المدينةالمنورة ورقة عمل استعرض فيها معالم وقصور وادي العقيق، وأشار الرحيلي إلى ان جريان وادي العقيق في العصور القديمة كان سبباً في أن تُقام على ضفافه في العصر الأموي وشطر من العصر العباسي قصور كثيرة، وان الميسورين تزاحموا على قطع الأراضي بجانبيه حتى لم يعد فيه موضع لمزيد من البناء، ومن أشهر القصور فيه قصر سعد بن أبي وقاص، ومازالت بعض أثاره قائمة حتى الآن، وقصر عروة، وقصر سكينة بنت الحسين، وغيرها، كما نشأت بالقرب منه مزارع خصبة تغطيها أشجار النخيل وشتلات الخضراوات والفواكه فضلاً عن الحدائق التابعة للقصور القائمة فيه لذلك يمكن أن نتصور منطقة العقيق في فترة ازدهارها مساحة خضراء يتخللها مسيل مائي واسع شبه متعرج، وفيه القصور المسورة المتلاصقة حيناً والمتباعدة شيئاً حيناً آخر غير أن هذه الحالة الزاهرة انتهت عندما تقلصت المدينة في القرن الهجري الثالث وهجرت القصور وتهدمت. وتصف المصادر التاريخية مياهه ومياه الآبار فيه بالعذوبة، ولذا يتزود منها أهل المدينة والمسافرون إليها، ومن أشهر آباره بئر عروة. ثم ألقى المهندس عبد العزيز كعكي من أمانة المدينةالمنورة ورقة استعرض فيها التخطيط العمراني في وادي العقيق والمشاريع التي أقيمت فيه من خلال تنفيذ وتكملة عدد من المشاريع ونزع عقارات وما إلى ذلك، ثم استمع الجميع إلى مداخلات وتعليقات حول الموضوع. عقب ذلك انطلقت الجلسة الثانية والتي كانت بعنوان (مشاريع تراثية إسلامية) ورأس الجلسة الدكتور محمد الجمل الأستاذ المساعد بقسم العلوم الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية واستعرضت خلال الجلسة الاستفادة من التقنية الرقمية في العناية بالتراث العمراني وقدمها الدكتور ربيع محمد رفعت، فيما ألقى البروفيسور عبد الرحيم العلمي ورقة حول مشروع انقاذ مدينة فاس العتيقة من خلال صيانة التراث العمراني.