الصدق هو تلك اللحظات التي تنتمي لنقاء خلقنا وعذرية وجودنا وهو الرحلة المنزهة التي نقضيها في الحياة ونحن متناغمين مع ماحولنا في الكون من معطيات ... وأن نكون صادقين بالكامل ليس بالأمر الهين الذي نؤديه في هذه الحياة فالصدق كمال يشبه حقيقة الحياة .. فالشمس صدق والقمر صدق والنهر صدق والمحيط صدق والكواكب صدق وكل ما خلق في هذا الكون صدق ونحن صدق .. فالله الحق هو الصدق متجليا في كل ما خلقه فينا وحولنا فكيف لنا ونحن المخيرون ما بين الخير والشر ونحن من أهتدينا الى النجدين أن نختار على الدوام الصدق ... هل نقدر أن نكون بهذا النقاء على الدوام ؟ إنه لسؤال يقض مضاجعنا ويجعلنا نحاسب النفس على الدوام .. نحن البشر الضعفاء نطلق لأهواءنا العنان كي تسيرنا كيفما يحلو لها ... نخطيء بطبعنا ومن ثم نهرع الى الله نلوذ بآياته : يقول الله تعالى : "وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى" يأوينا الخوف مما ترتكبه أهواؤنا فنوقظ ضمائرنا كي نعود للاغتسال في أنهار من الورع والتقوى ... نأمل بجنة الخلد ونعلم تماما أننا لسنا جديرين بها ولكننا نسير الى خالقنا يحملنا الأمل بالمغفرة روي عنه -صلى الله عليه و سلم- عن انس بن مالك أنه قال: "كل بني آدم خطاء ، و خير الخطائين التوابون" هو الله الذي يفتح لنا سبلا الى الجنة نعبرها بقلوبنا المعترفة بأهواءها ونفوسنا التي تصبو الى الصدق والكمال والنقاء ... أن نكون صادقين على الدوام ونحن بهذا الضعف البشري لهو أمر صعب للغاية إلا أن مجاهدة النفس هي السلاح الذي نحمله في حربنا مع هوى النفس ... هي نفسها النفس الأمارة بالسوء وهي النفس الناهرة عن السوء .. يا لخلقنا المعقد ويالعظمة الجمع مابين تلك المتناقضات التي تكمن في نفوسنا ... إنه خلق يحملنا على التأمل في قدرة الخالق على أن تحتوينا وتتنازعنا أهواءنا ويدبرها الخالق فينا ... الصدق فضيلة تفوق بقية الفضائل في قدرتها على الدخول في التفاصيل اليومية لحياتنا ... كما وأنه صفة تظهر في خلقنا الظاهري نفسه ... فالصدق في نظرات العيون والصدق في لغة الجسد ... والكذب يشبهه في الظهور رغم أنه نقيض له ... والدراسات المعنية بدراسة الأشخاص حددت معالم للكاذب فعلى سبيل المثال: عيون الكاذب تفضحه حين يزيغ البصر اثناء الحديث كما ويستخدم الكاذب اقل عدد ممكن من الكلمات وهو في الحقيقة يفكر فيما يقول من اكاذيب وهناك ايضاً كاذبون ينهجون العكس ليربكوا المستمع ويثبتوا أنهم صادقين . وهي أمور قد تمنحنا لمحة عن الكاذب إلا أن هناك من يكذب دون أن تظهر عليه أي إشارة تدل على كذبه مما يثبت أن هناك من تمرس على الكذب فأتقنه وجعله إسلوب حياة . والكذب انتشر في مجتمعاتنا بشكل أصبح يمثل أيضا إسلوب حياة لنا وأصبح وكأنه أمر واقع لابد لنا من التعايش معه وهو أمر محزن بحق إلا أن الدعوة التي قرأت عنها على صفحات الفيس بوك والتي يتبناها الإعلامي صبري باجسير ويدعو من خلالها الى أن يكون يوم 1 مايو من كل عام يوما للصدق هي محاولة لإيقاظ الجانب النقي والمضيء في نفوسنا وهي كما أنا أفهمها ليست فقط دعوة لمواجهة كذبة الأول من إبريل وانما أجدها خطوة أولى يخطوها واحدا من شبابنا الواعي نحو بناء مجتمع فاضل وهو أمر أجده يضيء توقعاتنا بأن شباب أمتنا يأملون بمجتمع منزه يتحلى بالصدق والأمانة وكم آمل أيها الزميل صبري بأن لا تبقى هذه الدعوة حبيسة شعارات وأن تناضل كي تصل إلى أهدافها النبيلة . *شاعرة واعلامية سعودية [email protected]