هذا اليوم الأول من هذا الشهر الكريم أخذتني قدماي إلى هذا الشارع الذي انقلب رأساً على عقب منذ هذا اليوم كأنه في بروفة لأيام الشهر الفضيل فأصبحت حركة الناس به أكثر حيوية مع انتهاء صلاة العصر والناس أكثر عصبية وهذه ألوان وأشكال الأكلات الشعبية التي في اغلبها لم تختف طوال العام وإن كانت أكثر ظهوراً مع هذا الشهر الكريم فأول ما يصادفك بائع المساويك الذي نشر أمامه حزماً من أعواد الأراك أمام المسجد وراح يرصها حسب احجامها وهو الحريص على أن تكون في شكل هندسي مغرٍ للشراء أما بائع " السمبوسك " رغم مظهره بأنه ليس من مواطني هذا البلد إلا أنه أكثر فهما لما يبيعه من طعام يحرص عليه الجميع أن يكون على مائدة الافطار . أما بائع " الفول " هذا الطبق شبه الرئيسي على مائدة الافطار له طقوسه عند البعض الذي لا يتلذذون به إلا بشرائه من أماكن محددة بالاسم يعتقدون باتقانها لصنعته ففول الأمير والغامدي والقرموشي وغيرهم من أصحاب الأسماء المعروفة في شارع الفوالين كل ذلك يعطي للفول " شخصيته " على المائدة التي لا تكاد تخلو منه . وعلى الرصيف انتشرت أكياس السوبيا بلونيها الابيض المقارب للصفرة والأحمر القاني ففي هذا الجو الملتهب حرارة لا يجد بعض الصائمين ما يطفئ عطشهم الا شراب السوبيا وان كان البعض يتحاشونها صياما وافطاراً، ولقد لفت نظري على الجانب الآخر من هذا الشارع الصف الطويل من الناس الذين يقبعون أمام بائع " الخبز الحب " فهم حريصون عليه لأنه حب وبجانبه " الشريك أبو السمسم " أو كما يطلقون عليها في جدة " السحيرة " ولا نعرف من أين أتى هذا الاسم .هلمأخوذ من " السحارة " بأن تدس العجينة فيها أم انها مأخوذة من " السحر " وهو بداية النهار للافطار بها لا نعرف ومن يعرف من أهل جدة ذلك عليه أن " ينورنا " . على أن انواع الحلويات المنتشرة في هذا الشارع يجعلني اطلق عليه " الشارع الحلو " وعلى خطوات من هذا امتدت الموائد لافطار الصائمين لكي يتناولوا افطارهم في حميمية وألفة عجيبة وعلى خطوات من كل هذا ترى أنواع التمور مرصوصة في اطباقها وأنواع " الرطب " بكل أشكاله وألوانه ، وهناك وضعت موائد الاطعمة أمام المساجد . هكذا بدى لنا هذا الشارع الذي هو انعكاس لشوارع وأماكن كثيرة في جميع مدننا العزيزة التي بدأت الاستعداد لتقديم كل أنواع المشروبات والأكلات الشعبية، وكل عام وأنتم بخير .