حياة حافلة بالمعاناة والعجز والقلق والتمرد والسكون والاستسلام.. هو الانسان في بحثه عن ذاته وعن شريك روحه وحياته. تعصف به الظنون ويحس في أعماق نفسه بالوحدة والحيرة والغربة.. ويواصل المسير عله يصل إلى عتبات السعادة فلا يجد غير فضاءات بلا نهاية. هذا المخلوق المسكون بالقلق يثير تساؤلات الليل والقرون والريح والدهر وحتى الذات من يكون؟ ومن هو؟ ولا إجابة.. "أنا" تصوغها الشاعرة نازك الملائكة في قالب شعري رائع.. بحثا عن ذاتها لحظة العجز عن التواصل والاحساس بالضياع والفقد وتبقى الذكرى..الليل يسأل من أنا أنا سِرّه القلق العميق الأسود أنا صمته المتمرّد قنّعت كنهي بالسكون ولففت قلبي بالظنون وبقيت ساهمة هنا أرنو وتسألني القرون أنا من أكون؟ الريح تسأل من أنا أنا روحها الحيران أنكرني الزمان أنا مثلها في لا مكان نبقى نسير ولا انتهاء نبقى نمرّ ولا بقاء فإذا بلغنا المنحنى خلناه خاتمة الشقاء فإذا فضاء! والدهر يسأل من أنا أنا مثله جبارة أطوي عصور وأعود أمنحها النشور أنا أخلق الماضي البعيد من فتنة الأمل الرغيد وأعود أدفنه أنا لأصوغ لي أمسا جديد غده جليد والذات تسأل من أنا أنا مثلها حيرى أحدّق في الظلام لا شيء يمنحني السلام أبقى أسائل والجواب سيظلّ يحجبه سراب وأظلّ أحسبه دنا فإذا وصلت إليه ذاب وخبا وغاب غرباء أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنا نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا? يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا: مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ غُربَاءْ اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيرِ كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعوري دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى, غُربَاءْ مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ غُربَاءْ أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف أوَلا تُبْصرُ? عينانا ذبولٌ وبرودٌ أوَلا تسمعُ? قلبانا انطفاءٌ وخُمودُ صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ غُربَاءْ نحن مَن جاء بنا اليومَ? ومن أين بدأنا? لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين.. فدَعنا نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا بعضُ حبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا غُربَاءْ