سجلت مشكلة المياه في منطقة الباحة خلال صيف هذا العام السقف الأعلى لها على الاطلاق، وكان موسم الاصطياف وشهور العطلة الصيفية قد جاءت كابوساً حقيقياً للأهالي هناك، وايضا وللمصطافين وللعائدين من المدن من أهالي الباحة، عندما قال لي عددا منهم لقد وجدنا أنفسنا أمام مشكلة لم يكن أحد يتصورها حتى في الأحلام، بل ان أيام الآبار والقربة والسواني كانت أرحم منها بكثير بحسب وصفهم ..فلماذا حدثت المشكلة، وإلى أين وصلت، وكيف ألقت بظلالها القاتمة على المنطقة من طرفها إلى طرفها؟ !! المشكلة إدارية بداية حاولت " البلاد " الاتصال بمدير عام المياه بمنطقة الباحة لأكثر من مرة دون جدوى ..ثم قمت بزيارة مكتبه، وتصادف أن دخلت إلى المكتب مع الشيخ علي سعيد الغامدي عضو مؤسسة المدينة للصحافة، الذي كان بحاجة إلى من يسعفه هو الآخر من شح المياه، ولم أجد سوى مدير مكتب المدير العام وانتظرت حتى بعد صلاة الظهر، وقيل لنا إن المدير العام في جولة على " الاشياب " وهي مواقع بيع المياه بالوايت، وعرفت من خلال زيارتي أن المشكلة في جزء كبير منها " ادارية " أكثر منها " فنية ".. فالمسؤولون بالباحة - فيما يبدو - لم يضعوا أيديهم تعلى المحور الأهم للمشكلة وهو " ادارة العمل " بشكل سلس ..ومن ذلك عدم معالجة نقص الوايتات، فقد أخبرني عدد من المواطنين أن هناك شحا كبيرا في عدد الوايتات، بينما الماء متوفر، ولو توفرت أعداد كبيرة من الوايتات لأمكن القضاء على المشكلة، وقال المواطنون إن من الطبيعي أن تحدث مشكلة، فإذا كان لا يوجد في خدمة " الشيب الواحد " سوى من 7 - 2 وايتات وأمام " الشيب " مئات المواطنين، فكيف يتقاسمون المياه بهذا العدد الشحيح من الوايتات؟ !! نقص الوايتات وزرت " شيب " مناهل القسمة شمالي الأطاولة، فلم أر فيه سوى عدد قليل جداً من الوايتات، بينما عدد الذين ينتظرون دورهم للحصول على الوايت هم بالمئات ..ثم زرت " شيب " مناهل الثراوين غرب الأطاولة، ووجدت نفس الصورة والمشكلة والحالة .. وقلت لأحد الاخوة الموظفين بادارة المياه بالباحة، لماذا لا تسحبون العقد من المتعهد الذي لم يعد قادراً على توفير الوايتات للناس بالعدد الكافي؟ فقال لي " على إيدك " اعطني متعهداً جديداً يكون لديه وايتات كثيرة ونحن نسحب منه العقد غداً !! دور المتعهد المواطنون بالباحة يتحدثون عن عدم وفاء متعهد المياه بمنطقة الباحة بمسؤولياته، فلم يوفر الوايتات الكافية التي تلبي طلبات الناس، بل ان هناك من يتحدث عن ان المتعهد قد أخذ مشروعاً في منطقة أخرى، وربما سحب من وايتاته التي كانت بالباحة لتخدم عقده الجديد بالمنطقة الأخرى، وعلى أية حال فإن احاديث كثيرة تدور في المجالس العامة للناس هناك، وتكاد في مجملها تحصر المشكلة في عدم وفاء المتعهد بمسؤولياته، وعجز المسؤولين عن ايجاد مخرج للقضية . الوايت ب " " 1000 ريال أما اسعار الوايتات فإنه في الواقع قد وصلت إلى ارقام فلكية، وقد كنت شخصياً واحداً من الذين لسعتهم نار الأسعار المبالغ فيها، عندما ابتعت وايتاً بمبلغ " خمسمائة ريال " لأنني لو أخذت رقماً في السري فلن يصل موعدي إلا بعد انتهاء اجازتي .. وقد سألت سائق الوايت من أين احضر لي الماء، فقال من آبار شمالي نخال في الحدود الشمالية لمنطقة الباحة، وقلت له أنا من الاطاولة واشتريت الوايت ب " " 500 ريال ..ماذا لو كنت من سكان المندق فكم يكون السعر، فقال سيكون بألف ريال ..اما لو في المخواة يوماًكنت فسيكون السعر " " 1200 ريال !! المواعيد 22 ووجدت عدداً من المواطنين في المجالس العامة لا يتحدثون إلا عن مشكلة المياه هذا العام، وكيف تحولت إلى كابوس مزعج ، يؤرقهم بشكل مخيف ..ويتندر الكثير منهم بالمواعيد الطويلة، عندما يخرج هذا وذاك عند الحديث عن المياه اوراق المواعيد من جيوبهم، فهذا يأخذ موعداً فثي اليوم الأول من الشهر ثم يكون موعد حصوله على الوايت يوم 22 من الشهر، وذاك بعد 20 يوماً والثالث يكون موعده بعد 17 يوماً إذا كان من المحظوظين .. وزارة المياه ويقول المواطنون إن من العجيب اننا لم نسمع تحركاً من وزارة المياه والكهرباء، وكنا نتوقع زيارة بعض مسؤولي الوزارة للمنطقة للوقوف على الأزمة الخانقة للمياه عندنا، وان نرى جولة ووقوفاً ميدانياً منهم على الأشياب، وبالتالي معرفة أسباب الكارثة، غير أن كل آمالنا وتطلعاتنا ذهبت ادراج الرياح حتى انتهت معظم اجازة الصيف ..فلماذا لم يزر المنطقة أياً من مسؤولي الوزارة، ولماذا صمت الوزارة هذا؟ !! مياه السدود ويبدو أن مياه وادي عرده لم تعد هي التي تصل إلى البيوت، فقد دخلت في الخط مياه السدود ، ومنها مياه سد وادي العقيق، وبحسب المواطنين فإن هناك مخاوف من ظهور مرض البلهارسيا، فيما لو قام أحد بشرب مياه السدود، لانها مياه ملوثة وغير صالحة للشرب، وحينذاك من يتحمل مسؤولية اصابة المواطنين بوباء البلهارسيا، الذي سيحتاج هو الآخر إلى خطط وبرامج علاجية لم تكن في الحسبان . تدهور السياحة وادت ازمة مياه الباحة إلى الحاق ضرر بالسياحة، على الأقل من الناحية المعنوية، فإذا عرف السائح، والمواطن العائد إلى قريته انه سيكون وجهاً لوجه أمام أزمة مياه خانقة، فإنه لن يبرح مدينته جدة أو الرياض أو مكة، ليذهب إلى الباحة، وبدلاً من أن يستريح ويقضي اجازته، يتحول إلى رقم ضائع وسط طابور مهول من المنتظرين للمياه، ومواعيد خيالية لم تكن في الحسبان . أين التحلية؟ !! ويظل المخرج المثالي للمشكلة هو اقامة محطة تحلية ضخمة تصل خدماتها إلى كل قرى ومدن وبلدات الباحة، وهي الحلم الذي سمع به الأهالي هناك منذ أكثر من عشر سنوات، وظل ذلك الحلم مجرد سراب في الأفق، دون أن يتحول إلى واقع حقيقي، ولعل أحدنا - كما قال مواطن بالباحة - يتساءل عن الدور الغائب لوزارة المياه في اعداد الخطط الاستباقية للمياه في المنطقة، وربما في غيرها من مدن المملكة ..حيث شكلت مشكلة المياه هماً عاماً، ومعضلة تمددت إلى الكثير من المناطق والمدن، وقياساً بالخدمات التي تقدمها الجهات الرسمية الأخري، فقد جاءت خدمات وزارة المياه في ذيل القائمة، كما كان تعبير عدد من المواطنين بالباحة ..والذين اردفوا متسائلين ..إلى متى يا وزارة المياه؟ !! غربي زهران واخيرا فق لفت انتباهي عدد من المواطنين، عندما وجدت مجموعة منهم في شيب مناهل الثراوين غربي الاطاولة، وقالوا اننا قادمون من المندق والنصباء وبالحكم ، ودهشت عندما عرفت أنهم لايحصلون على المياه إلا من شيب الثراوين، وقالوا : لقد سمعنا وعوداً باقامة شيب أو أكثر في قرى وبلدات غربي زهران، ولكن إلى الآن لم يفتتح شيء منها !!