عبَّر عدد من الشباب اصحاب الاعاقة البصرية عن ألمهم الشديد من الرفض الجماعي لتوظيفهم في القطاعين الحكومي والأهلي، وقالوا في لقاءات أجرتها معهم (البلاد) ان الكرة الآن في مرمى هذين القطاعين بعد أن قدم اولئك الشباب ما عليهم، ودرسوا حتى تخرجوا في الجامعة لكن أيًّا من الجهات التي طرقوها لم تقبل بهم، ليظلوا أسارى لعذباتهم، وليلتحقوا بطوابير العاطلين الذين مازالوا رغم شهاداتهم الجامعية بدون وظائف. مطاردة الوظيفة في البداية تحدث معي الشاب (الياس حسوبة طه) وعمره (25) عاماً فقال: أنا معاق بصريّاً وأحمل شهادة البكالوريوس في اللغة الانجليزية ولم أجد وظيفة حتى الآن منذ تخرجت في الجامعة، وأُلقي باللوم على القطاع الخاص، وعلى جمعية ابصار الخيرية، رغم ما تحظى به الجمعية من دعم وصفه بالكبير، واضاف: لقد تركتنا الجمعية بدون أن توفر لنا وسيلة من وسائل التعليم، وذكر أن معظم العاملين بها من النساء ومعظم موظفيها من غير السعوديين وان الجمعية تطالبهم بين وقت وآخر بمقابل لقاء الدورات. أين الإعلام؟ اما الشاب ياسر محمد البسيسي (25) عاماً جامعي في آخر سنة وتخصصه لغة عربية فقال: أنا أتطلع الى ان اجد وظيفة ويمكن لي ان اعمل في العلاقات العامة، وفي السنترال، وفي ادخال المعلومات عبر الكمبيوتر من خلال تقنية وبرنامج خاص للمعاقين بصريّاً مثلي.. واضاف لقد تعب زملائي من ايجاد وظيفة بل لقد تعبنا حتى من الاعلام الذي كان يلتقي بنا كثيراً تلفازيا وإذاعيّاً وعبر الصحف ولكنه اما انه لم يصور حالتنا بالشكل الصحيح وبالتالي لم ينقل معاناتنا للمسؤولين أو أن أحداً لا يقرأ مشكلتنا ولا يتفاعل معها. غربة ووظيفة نادرة وقال الشاب مرعي الناشري (24) عاماً جامعي في تخصص الدراسات الاسلامية من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة: إن الغربة عن الأهل زادت الطين بلة، فأنا مثلاً من القنفذة ولكنني سافرت إلى مكة من أجل التعليم والتحقت بمعهد النور حتى تخرجت في الثانوية، ثم التحقت بجامعة أم القرى لمدة أربع سنوات، وسكنت بالسكن الداخلي بالجامعة بعيداً عن والدتي وأسرتي، وكنت أمني النفس بالوظيفة الغائبة عني حتى اليوم، فكانت معاناتي غربة من ناحية، وعدم وجود وظيفة من ناحية أخرى، وها أنا اليوم أتطلع إلى بارقة أمل في الأفق البعيد، وأيضا نحن شباب نحتاج للزواج أيضا وإلى أن نكوّن انفسنا. الأمل يتضاءل الشاب عادل حامد الغامدي متخصص في علم الاجتماع، ودرس الثانوية بمعهد النور بمكة، ومازال - كما قال لنا - ينتظر الوظيفة العزيزة، ولكن الامل بدأ يتضاءل رغم أنه يعاني من اعاقة بصرية ليست كاملة، بل هو يستطيع الابصار بواسطة النظارة. وظيفة في بلدي وقال لنا الشاب ياسر علي وجيه بكلوريوس ادب انجليزي: انا منذ تخرجت قبل اكثر من سنة ونصف وانا ادور هنا وهناك بحثاً عن وظيفة، كحق مشروع مثل اي شاب يطمح في أن يجد الفرص في بلده، ومازلت اطارد وزارة التربية والتعليم، وتساءل: من جانب آخر هل يعقل أن نتدرب على الكمبيوتر، وعندما نعود إلى بيوتنا لتطبيق مادرسناه لا يجد أحدنا برنامجاً ناطقاً خاصا بالمعاقين بصريّاً يساعدنا في هذا الشأن، من قبل جمعية ابصار، فهذا البرنامج مهم لنا، وهو باهظ الثمن، والجمعية لم توفره لنا، وقيمته عالية فوق طاقتي فهو بسعر ستة آلاف وخمسمائة ريال بدون الجهاز. بطالة مستمرة اما الشاب محمود عبد الله السليماني 24 عاما جامعي متخرج من جامعة أم القرى بمكةالمكرمة، فقال إن بالامكان ان نتوظف في عدة مجالات مختلفة، مثل مراسل، موظف سنترال، موظف استقبال، وفي النشاطات الدعوية لمن هم يحملون تخصصاً دعويّاً مثلي، ولكن للأسف لم يقبل بنا أحد، ومازلنا بطالة حتى الآن، ونتطلع من خلال "البلاد" أن يصل صوتنا إلى المسؤولين الكرام، وأن يحققوا لنا أمنية العمر، بوظيفة نعيش منها. ردود الشركات وحيث إن اللقاءات السابقة جرت بين هؤلاء الشباب المعاقين بصريّاً وبين "البلاد" في مقر جمعية المعاقين بجدة، في يوم توظيف المعاقين السنوي برعاية بنك ساب، والذي اجتمع في رحاب المناسبة عدد من الشركات من القطاع الخاص، الذين قدموا لاستقبال طلبات التوظيف من الراغبين من المعوقين، فقد توجهت الى عدد من مندوبي تلك الشركات اعرض لهم معاناة الشباب المعاقين بصرياً. فماذا ردوا عليّ؟ مشاكل البصرية بداية قال لي الاساتذ علي عبده الربعي اخصائي تدريب وتوظيف من "باب رزق جميل" في شركة عبداللطيف جميل: إن العاقة البصرية فعلاً من الصعوبة ايجاد الوظيفة المناسبة لمن كان يحملها، وان كانت وظيفة مامور سنترال هي أكثر مجال يمكن ان يستوعبهم، وهناك شباب مصابون فقط، بما يمكن أن نقول عنه "بقايا بصر" وهؤلاء يمكن أن يعمل أحدهم "مُدخل بيانات" بواسطة جهاز برايل، وممكن أن يعمل في وظيفة مأمور مشاكل العمال. واضاف الربعي يقول: لكننا في الواقع نجد أن عدداً من الشركات ترى أن المعاق بصرياً يكلفها الكثير، لأنه يحتاج إلى إنارة قوية في الأرض في المكان الذي يعمل فيه حتى يتمكن من المشي إذا كان عنده بقايا بصر، بحيث يظل يركز وهو يمشي على الاشعاعات الضوئية، مثل الكشافات الف شمعة مثلا الموجودة مثيلاتها في بعض المراكز التجارية، وهي غالبا تكون لخدمة المعاقين بصرياً، إضافة الى المعاق بصرياً يُكلّف الشركات صبغ الجدران في مقر العمل بدهانات ذات ألوان فاقعة مثل اللونين الأحمر أو الأصفر المفيدين للاعاقة البصرية للحركة والمشي، وأيضاً لابد من وجود مساكات بالممرات يمسك بها المعاق.. والمعاق كما هو معروف محسوب بأربعة موظفين، وبعض الشركات توظف الواحد من هؤلاء ينحسب بأربعة موظفين، والبعض ينتهز هذه الفرصة ويوظف المعاق من أجل زيادة السعودة فقط في سجلاتهم، وربما بدون أن يمارس عملاً حقيقيّاً. فرص شبابية وتحدث لنا الأستاذ (محسن فضل الهمامي) مدير عام مؤسسة وطن ساس وقال إن مؤسستنا مهتمة في الغالب بالشباب، وفي خططنا اعطاء العديد من الشباب فرص عمل لمن كانت أعمارهم من 21 35 ومن هؤلاء بطبيعة الحال المعاقين، لكي يجدوا فرصتهم في العمل، وذلك انبثاقاً من قسم المسؤولية الاجتماعية في مؤسستنا.. وأضاف الأستاذ الهمامي أنه وبمناسبة عودة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز سالماً معافى ولله الحمد من رحلته العلاجية، فإننا بصدد تقديم المزيد من الفرص للشباب السعودي عامة بمن فيهم اخواننا المعاقين بما تسمح به قدرتهم على أداء دورهم بالشكل الذي يحقق لهم انتاجاً ومردوداً طيباً. وأضاف وبحسب خططنا نتوقع خلال الربع الثاني من هذا العام 2010م ان نمنح امتيازاً من عقودنا من الباطن الى نحو من 20 30 حالة من الشباب السعودي، وسيكون هناك فرصة لا ينال المعوقين فرصتهم وسط هؤلاء بحسب قدراتهم. برنامج التوظيف وكان مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لرعاية الأطفال المعاقين بجدة قد نظّم مؤخراً "برنامج ساب لتوظيف المعاقين الثالث" حيث حضر السيد ايهاب يوسف لنجاوي نائب المدير الاقليمي للخدمات المالية الشخصية "ساب" كما شهد الملتقى الذي نظمه مركز جدة، حضورًا كبيرًا من المؤسسات الحكومية والخاصة والشركات ومعاهد التدريب التي ترغب بتوظيف أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وشهد ايضا حضور عدد كبير ممن لديهم إعاقات مختلفة والراغبين في الحصول على فرص وظيفية تتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم. وتهدف إقامة مثل هذا البرنامج إلى تفعيل دور المعاق سواء كان رجلاً أو امرأة من خلال توظيفه، والاستفادة من إمكانياته والاعتراف بأحقيته في إعطائه فرصة وظيفية تحقق له الرضا النفسي وتشعره بوجوده في هذا المجتمع وبأنه عنصر فعال فيه، كما أنه يهدف إلى دعم برامج الدمج من خلال توظيف هذه الفئة وبالتالي اختلاطها بالمجتمع الخارجي. هذا ويتضمن البرنامج تسعة ملتقيات للتوظيف بجدة خلال العام من قبل (برنامج ساب) ما بين ملتقيات رجالية ونسائية بحيث تشتمل على وظائف مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة لتتناسب وإمكانيات المعاق ومدى إعاقته.