رغم البداية المتأخرة للمنتخب الكاميروني في مشاركاته ببطولات كأس الأمم الأفريقية ، والتي لم تأت إلا مطلع سبعينيات القرن العشرين، أي بعد أكثر من عشر سنوات من انطلاق البطولة ، ورغم تأخر نجاح الفريق أيضا والذي لم يبدأ إلا منتصف ثمانينيات القرن ، نجح أسود الكاميرون في أن يتركوا بصمة مميزة على الساحة الأفريقية خلال نحو ثلاثة عقود. بدأت مشاركات المنتخب الكاميروني في النهائيات الأفريقية عام 1970 بعدما فشل في التأهل لبطولة عام 1968 التي كانت الأولى له في تاريخ مشاركاته في التصفيات الأفريقية. وخرج الفريق من الدور الأول لبطولة 1970 ، ثم وصل للدور قبل النهائي في البطولة التالية عام 1972 وتوقع الجميع أن تكون هذه البطولة هي البداية الحقيقية لأسود الكاميرون. بيد أن الرياح تأتي أحيانا بما لا تشتهي السفن ، حيث سقط الفريق في التصفيات المؤهلة للبطولات الأربع التالية ، قبل أن يستعيد بعض توازنه عام 1982 بالوصول للنهائيات التي أقيمت في ليبيا ، ولكنه خرج من الدور الأول أيضا. وجاءت البطولة التالية عام 1984 لتشهد البداية الحقيقية للأسود التي لا تقهر حيث حمل الفريق كأس البطولة للمرة الأولى في مسيرته وكتب أول سطر في تاريخ أمجاده. واصل الاسود مسيرتهم الناجحة في البطولتين التاليتين ، فوصل الفريق لنهائي بطولة 1986 في مصر ، لكنه خسر النهائي أمام أصحاب الأرض ، ثم توج باللقب في المغرب عام 1988 . ورغم ذلك ، شهدت حقبة التسعينيات من القرن العشرين تذبذبا واضحا في نتائج الفريق في بطولات كأس الأمم الأفريقية رغم وصوله لنهائيات كأس العالم 1990 و1994 و1998 و2002 ، وانجاز التأهل لدور الثمانية في بطولة كأس العالم 1990 في إيطاليا. وخلال تسعينيات القرن الماضي، خرج الفريق من الدور الأول للنهائيات الأفريقية عامي 1990 و1996 ومن دور الثمانية في بطولة 1990 ، ومن المربع الذهبي عام 1992 ، في حين لم يتأهل إلى النهائيات في 1994 . بيد أنه مع بداية القرن الحادي والعشرين ، كشر أسود الكاميرون عن أنيابهم وحققوا خلال عامين ما اخفقوا فيه على مدار 12 عاما ،حيث توج الاسود بلقب البطولة عامي 2000 في غانا، ونيجيريا و2002 في مالي وأكدوا بقيادة مهاجمهم المتألق صامويل إيتو أن المستقبل على الساحة الافريقية سيكون لهم وليس لغيرهم. ومع خروج الفريق بصعوبة بالغة ، وفي مفاجأة من العيار الثقيل من دور الثمانية في بطولتي 2004 و2006 وخسارة المباراة النهائية للبطولة الماضية عام 2008 بغانا ، لم يعد أمام لاعبي الكاميرون سوى الحصول على اللقب الأفريقي في أنجولا هذا العام ، خاصة مع بلوغ الفريق نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا لتكون البطولة الأفريقية أفضل استعداد للعرس العالمي. ويسعى المنتخب الكاميروني للفوز بهذه البطولة ليقترب مجددا من الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب الأفريقي والذي ينفرد به المنتخب المصري الذي أصبح "عقدة" بالفعل أمام المنتخب الكاميروني ، حيث ساهم في إقصائه أكثر من مرة من المباريات الحاسمة ، سواء على الألقاب ، أو في التصفيات ، وكان آخرها في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2006 وفي المباراة النهائية لكأس أفريقيا 2008 في غانا. وبعد التصفيات الاولية التي كانت سهلة نسبيا للمنتخب الكاميروني وبعد تعثر المنتخب في التصفيات النهائية , رحل المدرب الالماني أوتوفيستر عن تدريب الفريق وتولى حارس المرمى الكاميروني الشهير السابق توماس نكونو مسئولية الفريق لعدة أسابيع حتى تعاقد الفريق مع المدرب الفرنسي بول لوجان الذي قلب الأوضاع رأسا على عقب ، حيث فاز الفريق بمبارياته الأربع الباقية في المرحلة النهائية من التصفيات النهائيةوذلك على الجابون ذهابا وإيابا وعلى توجو ثم المغرب. واعتمد أوتوفيستر ، ومن بعده لوجان على مجموعة كبيرة من اللاعبين المحترفين في أوروبا وهو ما يصعب مهمة المدرب أحيانا في الاختيار من بينهم لتشكيل الفريق الأساسي بقيادة المهاجم صامويل إيتو ، نجم هجوم برشلونة الأسباني سابقا وانتر ميلان الإيطالي حاليا ، والذي يعد أبرز لاعبي الكاميرون على مدار السنوات القليلة الماضية. وربما تتجه معظم الترشيحات في المجموعة الرابعة بالنهائيات الافريقية هذا العام لصالح المنتخبين الكاميروني والتونسي. ولكن الواقع العملي يؤكد أن مشوار الفريقين في المجموعة لن يكون سهلا على الاطلاق ، بل أن تأهلهما للدور الثاني محفوف بالمخاطر نظرا للمستوى الرائع الذي وصل إليه المنتخبان الزامبي والجابوني ، المنافسان لهما في نفس المجموعة.