المملكة ترأس أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    الأخضر يبدأ استعداده لمواجهة اليمن ضمن خليجي 26    جامعة الملك خالد تحقق المرتبة الخامسة عربيًا والثانية وطنيًا    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يصلون مكة ويؤدون مناسك العمرة    السعودية تنظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني فبرايل المقبل    لاجئو السودان يفرون للأسوأ    الجامعة العربية تعلن تجهيز 10 أطنان من الأدوية إلى فلسطين    تطوير واجهة الخبر البحرية    أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    إصدار النسخة الأولى من السجل الوطني للتميز المدرسي    القبض على شخص بمنطقة الحدود الشمالية لترويجه «الأمفيتامين»    اختتام أعمال منتدى المدينة للاستثمار    مشروعات علمية ل480 طالبا وطالبة    "كايسيد" يعزز من شراكاته الدولية في أوروبا    النفط يتراجع بسبب مخاوف زيادة المعروض وارتفاع الدولار    جيش الاحتلال ينتهك قواعد الحرب في غزة.. هل يُفشل نتنياهو جهود الوسطاء بالوصول إلى هدنة ؟    «مستشفى دلّه النخيل» يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    "الشركة السعودية للكهرباء توضح خطوات توثيق عداد الكهرباء عبر تطبيقها الإلكتروني"    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية بعنوان 'دور الإعلام بين المهنية والهواية    د.المنجد: متوسط حالات "الإيدز" في المملكة 11 ألف حالة حتى نهاية عام 2023م    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ووزير الداخلية بالكويت يزور مركز العمليات الأمنية في الرياض    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    فعاليات يوم اللغة العربية في إثراء تجذب 20 ألف زائر    لا تكتسب بالزواج.. تعديلات جديدة في قانون الجنسية الكويتية    رضا المستفيدين بالشرقية استمرار قياس أثر تجويد خدمات "المنافذ الحدودية"    تجمع القصيم الصحي يعلن تمديد عمل عيادات الأسنان في الفترة المسائية    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    تجربة مسرحية فريدة    إن لم تكن معي    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    الطفلة اعتزاز حفظها الله    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في كلمة المملكة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة .. غض النظر طوال عقود عن البرنامج النووي الإسرائيلي يشكل خطيئة أصيلة
نشر في البلاد يوم 27 - 09 - 2009

شددت المملكة العربية السعودية على أن الأزمات والمخاطر والصراعات والقضايا التي تواجه إنسان اليوم أينما كان لن تجد لها حلا حقيقيا إلا من خلال الشرعية الدولية والقانون الدولي والتعاون متعدد الأطراف في سبيل تنفيذ مقتضيات العدالة الدولية .
جاء ذلك في كلمة المملكة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والستين0
وأكدت المملكة في كلمتها أن مبادرة السلام العربية لا تزال قائمة وتوفر بدورها عرضا جماعيا شاملا لإنهاء الصراع مع إسرائيل والدخول في اتفاق سلام يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة .
وفيما يلي نص كلمة المملكة :
السيد الرئيس /
يطيب لي أن أهنئكم على انتخابكم لرئاسة الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة وأنا على ثقة بان ماتتمتعون به من مزايا شخصية وما يحظى به بلدكم الشقيق ليبيا من مكانة دولية سيكون له خير الأثر فى نجاح دورتنا هذه.
ولايفوتنى في هذه المناسبة أن أعبر عن تقديري وشكري لسلفكم معالي السيد/ميغيل دسكوتو وبلده الصديق نيكاراغوا لإدارته الحكيمة لدورتنا السابقة..كما اغتنم هذه الفرصة لتأكيد دعمنا وتقديرنا لما يبذله معالى الأمين العام للأمم المتحدة من جهود تهدف الى تفعيل دور المنظمة الدولية في عالم اليوم الذي هو أحوج مايكون لإعلاء مبادئ الشرعية الدولية وترسيخ قيم التعاون الدولي والالتزام الكامل بمقاصد وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
السيد الرئيس /
إذا كان من المعتاد أن نجتمع هنا في رحاب الجمعية العامة للأمم المتحدة سنويا ليلقى كل واحد منا بيانا مفصلا عن القضايا التي تهم بلاده وما قامت به حكومته من جهود وما ترغب بإعلانه من مواقف فاسمحوا لي أن أحيد قليلا عن هذا التقليد الذي بات راسخا ذلك أن تعدد القضايا وتنوع المخاطر وتتابع الأزمات التي تواجه كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة ينبغي ألا يحجب عن ناظرنا أننا جميعا نبحر في نفس القارب وأن درجة الترابط والتشابك والتأثير المتبادل فيما بيننا باتت أعلى من أي وقت مضى لذلك فقد آن الأوان لأن نقف جميعا وقفة تأمل وتدبر وأن نستعيد المقاصد الأساسية التي كانت وراء نشوء منظمة الأمم المتحدة ونجدد الالتزام بميثاقها ولعلكم تذكرون أن الغرض الأساسي لذلك الميثاق كان تجنيب الإنسانية كوارث وويلات الحروب وتأمين سبل الحياة الكريمة عبر التعاون ضمن إطار الشرعية وسيادة القانون الدولي.
إن الأزمات والمخاطر والصراعات والقضايا التي تواجه إنسان اليوم أينما كان لن تجد لها حلا حقيقيا إلا من خلال الشرعية الدولية والقانون الدولي والتعاون متعدد الأطراف في سبيل تنفيذ مقتضيات العدالة الدولية.
أما مادون ذلك من تسويات مؤقتة وحلول جزئية يسميها البعض حلولا وسطا أو تسويات مبتكرة فلن تؤدى إلا إلى المزيد من المخاطر والأزمات وتفاقم الصراعات والعجز عن حل القضايا ومواجهة التحديات بشكل جماعي فعال.
ففي أي قضية تواجهنا وفى أي صراع يتهددنا وفى أي أزمة نتخوف من آثارها وتداعياتها على أمن العالم وسلمه أو على رفاهه وديمومة نمائه ومهما بلغت درجة التعقيد في التفاصيل أو التشابك في المصالح أو التباين في المواقف فإن الحلول والمبادرات المقترحة لها معيار واحد موحد للحكم عليها إيجابا أو سلبا وهو معيار الالتزام بالشرعية الدولية والقانون الدولي والعدالة الدولية بشكل شامل لايقبل الاستثناءات والازدواجية والانتقائية فأي انحراف عن هذا المعيار الجامع المانع مهما سيقت له من المبررات ومهما أحيط بهالة إعلامية زائفة سيكون من شأنه تفاقم المشكلة بدلا من حلها ، وسيؤثر سلبا وبدرجة خطيرة على قدرتنا الجماعية على التصدي بفعالية لبقية المشاكل والأزمات التي تواجهنا جميعا.
السيد الرئيس /
إن الالتزام بهذا المعيار يمثل أسهل الطرق ، وأفضلها ، وأكثرها فعالية ، لحل الصراع العربي- الإسرائيلي الذي يعد بحق أخطر تهديد للأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط التي تعد بدورها منطقة إستراتيجية يتأثر بصراعاتها وقضاياها العالم بأسره وبالمقابل ما كان لهذا الصراع أن يمتد لما يزيد عن سبعة عقود، وأن يستمر في نتائجه الكارثية على كامل المنطقة إلا بسبب الانحراف الصارخ عن مبادئ الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة الدولية.
لقد بذل العالم العربي، بما فيه دولة فلسطين. كل ما في وسعهم للوصول إلى سلام حقيقي ودائم،فمبادرة السلام العربية لاتزال قائمة ، وتوفر بدورها عرضا جماعيا شاملا لإنهاء الصراع مع إسرائيل والدخول فى اتفاق سلام يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة..وهى تتوافق كليا مع المعيار الذي سبق ذكره بل تنطلق منه وتتمحور حوله مجسدة التزام الجانب العربي بالسلام كخيار إستراتيجي وبما يتماشى وميثاق الأمم المتحدة.
وإذا كان الجميع يدرك معالم الحل المنشود فإن الجميع بات يدرك أيضا أسباب عدم تحقق السلام حتى الآن إن السلام لم ولن يتحقق عبر استمرار إسرائيل في ارتكاب المجازر والمذابح والقصف العشوائي بحق أبناء الشعب الفلسطيني أو عبر التظاهر بإجراء مفاوضات ثنائية أو متعددة مطولة وغير مجدية تتطرق لكل شئ ماعدا القضايا الأساسية التي تشكل صلب النزاع والسلام المنشود لم ولن يتحقق بفرض العقوبات والاشتراطات على الشعب الرازح تحت الاحتلال في حين يتم إعفاء إسرائيل من أية تبعات رغم مخالفتها لأبسط قواعد وقرارات الشرعية الدولية كما أنه لم ولن يتحقق بمحاولة فرض التطبيع على العرب قبل تحقق الانسحاب وقبل إنجاز السلام وكأن علينا مكافأة المعتدى على عدوانه في منطق معكوس لايمت للجدية والمصداقية بأي صلة.
إن جميع المبادرات والحلول والجهود الدولية في هذا المجال كانت ومازالت تصطدم بجدار من الرفض والتعطيل والتلاعب والتسويف من جانب إسرائيل المستمرة في اتخاذها للتدابير أحادية الجانب بما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن . وبدلا من السعي الصادق من أجل السلام، نجد إسرائيل ماضية في الإذلال اليومي للشعب الفلسطيني ، وبناء المستوطنات والجدران والطرق الالتفافية المنافية جميعها للشرعية الدولية ،وذلك لخلق حقائق جديدة على الأرض وتؤدى هذه المستوطنات إلى تغيير جغرافي وديموغرافي في الأراضى الفلسطينية، ولاسيما فى مدينة القدس وماحولها ، وذلك في انتهاك فاضح للقانون الدولي وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ، والتزامات خارطة الطريق وتعهدات أنابوليس وتطوق هذه المستوطنات معظم المدن الفلسطينية الرئيسية فى الضفة الغربية كما أنها تستحوذ على أكثر من نصف مواردها المائية.
كنت أتطلع لأن يكون حضورنا فى مستهل هذه الدورة للجمعية العامة ونحن جميعا نعبر عن السعادة والأمل والتفاؤل بتحقيق نتائج ملموسة إلا أنه على الرغم من الجهود المحمودة التى تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية ومانعرفة من اهتمام شخصي من الرئيس باراك أوبانا وفريقه للدفع بعملية السلام إلى الأمام علاوة على الجهود المستمرة للجنة الرباعية الدولية ، لم تتحقق مع الأسف أية نتائج فعلية أو أي انفراج يذكر فإذا كان كل هذا الاهتمام الدولي وكل هذا الإجماع الدولي وكل هذه الجهود الدولية ماتزال عاجزة عن دفع إسرائيل للوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في خارطة الطريق فمن أين لنا التفاؤل ؟.
السيد الرئيس /
إن الانحراف عن مبادئ الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة الدولية كان وما يزال السبب الرئيس في ماتشهده منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج من مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل.
ذلك أن غض النظر طوال عقود عن البرنامج النووي الإسرائيلي، والذي لايتذرع حتى بإنتاج الكهرباء بل لا ينتج سوى أسلحة الدمار الشامل يشكل خطيئة أصلية من شأنها تحفيز بعض الدول على المضي قدما في تطوير قدراتها النووية والتذرع بإزدواجية المعايير لتبرير عدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية في هذا المجال . ومجددا نجد أن أسهل الحلول وأسرعها وأكثرها فعالية يتمثل في إعلان كامل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج، منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي دون أية استثناءات.
السيد الرئيس /
إن حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون ونشر ثقافة السلام ومبادرات الحوار فيما بين الثقافات والشعوب تعد عناصر أساسية فى أي إستراتيجية فعالة لمكافحة الإرهاب والتطرف وغني عن القول أن احترام قرارات الشرعية الدولية ومبادئها هو السبيل الوحيد لحل النزاعات الدولية المزمنة والقضاء على بؤر التوتر مما يحرم الإرهابيين من استغلال مشاعر اليأس والإحباط الموجودة بسبب التعرض للظلم والعدوان والاحتلال.
وفى سبيل المساهمة بدفع التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب إلى الأمام فقد عقدت المملكة مؤتمرا دوليا لمكافحة الإرهاب في فبراير2005م حضره خبراء ومختصون من أكثر من 60 دولة ومنظمة دولية وإقليمية.
وقد أكد "إعلان الرياض" الصادرة عن المؤتمر على وحدة الإرادة الدولية فى مواجهة الإرهاب والتطرف ، وعلى توصيات عملية تغطى مجالات مكافحة الإرهاب ومنع مصادر تمويله وتحقيق المزيد من التعاون متعدد الأطراف في سبيل ذلك وقد توجت نتائج المؤتمر بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة وهى الدعوة التي نأمل أن تجد طريقها للتطبيق في القريب العاجل.
لقد ساعد التطور الهائل الذي شهدته قطاعات النقل والاتصالات والحاسبات والإعلام على تيسير وتكثيف التواصل والتفاعل بين كل أبناء هذه المعمورة بمختلف أديانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم ولغاتهم ، فلم يعد هناك جزء من الأسرة البشرية بكل تنوعها الثري وتعددها الخصب يعيش بمعزل عن التأثر والتأثير ورغم أن هذه التطورات حسنت عموما حياة الإنسان إلا أن بعض الأقليات المتطرفة داخل كل جماعة دينية وثقافية تحاول استغلال هذا التطور التقني الهائل لبث أفكار الكراهية والإقصاء والعنصرية والبغضاء لذلك فنحن مطالبون بالتعاون الجاد تحت مظلة الأمم المتحدة في سبيل إيجاد مناخات صحية لنشر قيم الحوار والتسامح والاعتدال وبناء علاقات تعاون وسلام بين الثقافات والشعوب والدول.
ولهذه الأهداف النبيلة بادر خادم الحرمين الشريفين بإطلاق دعوته الصادقة والشاملة لتبنى نهج الحوار بين جميع أتباع الأديان والثقافات التى تتكون منها الأسرة البشرية وقد سارت هذه المبادرة في مسارين متوازيين أحدهما سياسي والثاني ثقافي ومجتمعي ففي المسار السياسي انعقدت القمة الإسلامية الاستثنائية في مكة المكرمة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين لتؤكد مجددا على إجماع جميع الدول الإسلامية على نبذ العنف والتطرف والإرهاب ونشر قيم الحوار والتسامح والاحترام المتبادل ثم انعقد الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الدورة السابقة لتوفير أوسع وأعلى دعم سياسي ممكن لجميع مبادرات الحوار والتفاهم ونشر ثقافة السلام.
أما على المسار الثقافي المجتمعي فقد اجتمع علماء الدين المسلمون بكافة مذاهبهم وطوائفهم في مكة المكرمة أيضا لترسيخ حقيقة الدين الاسلامى ورسالته القائمة على الحوار والسلام ثم انعقد بين 16و18 يوليو عام 2007م المؤتمر العالمي للحوار في مدريد والذي ضم ممثلين عن جميع الأديان الرئيسية وتجرى الآن جهود حثيثة لتأسيس مركز عالمي للحوار يضم ممثلين عن جميع الأديان الأساسية ويعمل بكل استقلالية بمعزل عن أية تدخلات سياسية.
السيد الرئيس /
من الواضح أن القضايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية والمالية التي تواجه عالم اليوم تمسنا جميعنا بحيث لم تعد هناك دولة من الدول يمكنها أن تواجهها بمفردها أو أن تتجنب لوحدها مخاطرها وتحدياتها ليس هناك منطقة على امتداد العالم لم تمتد إليها تداعيات أزمة الائتمان الأمريكى والتي انعكست بدورها على النظام المالي الدولي وأدت إلى تباطؤ معدلات النمو الحقيقية في مختلف أرجاء المعمورة .
وقد شهدنا أن تضافر الجهود الدولية وتبنى الجدية والمصداقية فى العمل متعدد الأطراف قد بدأت تؤتى ثمارها لنستشف بوادر التحسن والعودة إلى الاستقرار والنمو في الاقتصاد العالمي وقد أقرت بلادي أكبر ميزانية حكومية في تاريخها وخصصت 400 بليون دولار للاستثمار في مشاريع تنموية خلال خمس سنوات بهدف تبنى سياسة مالية توسعية تسعى إلى سد الفجوة الانكماشية وتحفيز الطلب لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وأفضل مايمكننا استخلاصه من هذه التجربة تأكيد الأهمية البالغة لبذل كل جهد ممكن فى سبيل مواجهة مشكلة الخلل القائم في النظام المالي الدولي والسعي إلى إعادة توازنه وأن يتم التوصل إلى اتفاقية دولية تضمن نظاما ماليا يوفر ظروفا متساوية لكافة الأطراف ولا يغفل توفير السيولة الملائمة للدول النامية وضمان حماية احتياطياتها النقدية من انهيار أي من العملات الرئيسة الدولية .
ولعلى لا أبالغ إذا قلت إن بلادي وهى تجمع بين كونها دولة نامية وبين كونها عضوا فى مجموعة العشرين التي شهدنا للتو اجتماعا مهما لقادتها لاتتحدث في هذا المجال من فراغ بل تقدم سجلها العلمي دليلا واضحا لما تنادى به وتدعو إليه في كافة المحافل الدولية.
ورغم أن المملكة العربية السعودية تعد من الدول النامية وتشهد نموا سكانيا كبيرا يتطلب احتياجات مالية متزايدة لتغطية تكاليف التنمية البشرية والتجهيزات الأساسية وبناء القدرات الذاتية فقد اهتمت بالغ الاهتمام بمساعدة الدول الأخرى الأكثر احتياجا وبما يتجاوز بمراحل النسب الدولية المنشودة وقد أكد التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن المملكة العربية السعودية تصدرت دول العالم فى مجال التبرعات لتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية عام 2008م.
لقد ساهمت المملكة بمبلغ مليار دولار فى صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامى إضافة إلى مساهمتها في رؤؤس أموال 18 مؤسسة وهيئة مالية دولية وتجاوز ماقدمته المملكة العربية السعودية من مساعدات غير مستردة وقروض ميسرة خلال العقود الثلاثة المنصرمة 100 مليار دولار استفاد منها 95 دولة نامية ويمثل هذا المبلغ 4 فى المائة من إجمالى الناتج الوطني للمملكة وهى نسبة أعلى بكثير من النسبة المستهدفة من الأمم المتحدة وانطلاقا من اهتمام خادم الحرمين الشريفين بنشر التعليم على اوسع نطاق فى الدول النامية فقد أعلنت المملكة العربية السعودية عن تخصيص /500/ مليون دولار لمشاريع التعليم في الدول النامية.
أما في مجال الإعفاء من الديون فقد سبق للمملكة أن تنازلت عما يزيد عن 6 بلايين دولار أمريكى من ديونها المستحقة على الدول الفقيرة كما ساهمت بكامل حصتها في صندوق مبادرة تخفيف الديون لدى صندوق النقد الدولي وتدعو المملكة مجددا الدول الصناعية المتقدمة للوفاء بما هو مطلوب منها سوءا في مجال نسب المساعدات المباشرة أو فى مجال فتح أسواقها أمام صادرات الدول النامية دون قيود غير مبررة.
السيد الرئيس /
إن القضايا الملحة التي يواجهها العالم في مواضيع التغير المناخي والأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية تتطلب تعاون المجتمع الدولي بكل مكوناته في سبيل إيجاد حلول عادلة تأخذ مصالح الجميع بعين الاعتبار وتستند إلى مبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية والمنصوص عليها في الاتفاقية الدولية للتغير المناخي فليس من العدالة أن نحمل البعض أعباء تفوق قدراته في حين نتساهل مع آخرين أكثر إسهاما في تنامي المشكلة وأكثر قدرة على تحمل أعباء الحلول.
وانطلاقا من حرص المملكة العربية السعودية على تحمل مسؤولياتها الدولية فقد أعلنت خلال قمة دول أوبك الأخيرة في الرياض عن تبرعها بمبلغ 300 مليون دولار لإنشاء صندوق خاص لأبحاث الطاقة والبيئة والتغير المناخي كما قدمت بلادي 500 مليون دولار لبرنامج الغذاء العالمي لمواجهه ارتفاع أسعار الغذاء مما ساهم فى مساعدة 62 دولة نامية فى مختلف أنحاء المعمورة وستقوم المملكة بتغطية نفقات انعقاد مؤتمر قمة الغذاء العالمي لمنظمة الأغذية والزراعة المقرر عقده في 16 نوفمبر القادم.
ولأهمية التعاون الدولي فى مجال الطاقة حرصت المملكة على مد جسور الحوار بين المنتجين والمستهلكين إذ تستضيف الرياض السكرتارية العامة لمنتدى الطاقة العالمي كما رعى خادم الحرمين الشريفين مؤتمر جدة للدول المنتجة والمستهلكة للنفط وأطلق مبادرته باسم الطاقة من أجل الفقراء والتي تهدف إلى مساعدة الدول النامية على مواجهة تكاليف الحصول على الطاقة وفى هذا الإطار أعلنت المملكة العربية السعودية عن تخصيص 500 مليون دولار تقدم على شكل قروض ميسرة من الصندوق السعودي للتنمية لتمويل مشاريع الطاقة في الدول النامية.
السيد الرئيس /
إن التحولات الدولية الكبيرة وحجم التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي تستوجب اليوم إعادة النظر في أساليب عمل الأمم المتحدة وفى تشكيل وعمل هياكلها القائمة بغية تعزيز قدراتها لمنع وحل الصراعات والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين إن المملكة إذ تؤيد الدعوة إلى إجراء إصلاحات تكفل توسيع عضوية مجلس الأمن بما يتناسب مع تحسين التمثيل الجغرافي واعتماد الشفافية في أعماله لتؤكد ضرورة اقتران ذلك بتوافر الجدية والمصداقية عبر احترام مبادئ الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة الدولية بعيدا عن ازدواجية المعايير وانتقائية التطبيق.
ومن الإصلاحات المهمة في هذا المجال أن يتم تقييد استعمال حق النقض بحيث تتعهد الدول دائمة العضوية بعدم استخدام حق النقض فيما يتعلق بالإجراءات التي يقصد بها تنفيذ القرارات التي سبق لمجلس الأمن إقرارها ومن المهم كذلك العمل على تحقيق التوازن الأمثل بين الجمعية العامة ومجلس الأمن وتعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي ودعم التنسيق بين صناديق الأمم المتحدة وبرامجها وأنشطتها.
إننا نؤكد تمسكنا بالأمم المتحدة وبالنظام الدولي المتعدد الأطرف فمجتمعنا الدولي أحوج ما يكون إلى التكاتف والتآزر من اجل وضع حلول عادلة للمشاكل العالمية المتفاقمة عبر احترام جاد لما استقر في وجدان البشرية من قيم وأعراف ومبادئ تعزز التعاون البناء وتحقق الأمن والسلام والازدهار لجميع الأمم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.