أستمتع أحياناً بدور المرشد الشخصي، خاصة في قطاعي الأعمال والصحة، وأحب مدّ يد العون عندما يطلب الآخرون النصيحة، رغم أنني لا أدّعي الخبرة، بل أعتمد على تجاربي الشخصية. صديقي يعمل مديراً في إحدى الشركات، وكان يعاني من مشاعر الذنب ومواجهة قرار صعب لاضطراره لتسريح بعض الموظفين. ويعمل في قطاع يشهد تباطؤاً كبيراً، ومعضلته أنه لا يريد تحمل مسؤولية ما يصفه ب "إنهاء حياة الناس". إنه يحاول إنقاذ الشركة من الغرق في الديون ومواجهة الإغلاق التام دون تسريح أي شخص. ومن واقع خبرتي في عالم الأعمال، المدير في موقع يتطلب اتخاذ قرارات صعبة، حتى على حساب المقربين منه، ففي أحد الأفلام، يُضطر قائد الغواصة لإغلاق جزء منها إذا تسرب إليها الماء، حتى لو كان هناك أفراد من الطاقم عالقين بالداخل. اتُخذ القرار لإنقاذ الغواصة بأكملها وحياة باقي الرجال. لو انتظر لإخراجهم أولاً، لكان الوضع قد تفاقم. قد يضطر الطبيب لبتر أحد أطراف المريض لإنقاذ الجسد كله. لو انتظر، لكانت حياة ذلك الشخص في خطر، وربما مات. عالم الشركات بيئة قاسية تتطلب غالباً قرارات صارمة لضمان البقاء. بالنسبة للمديرين، هذا يترجم عادة إلى إجراءات خفض التكاليف، مثل المهمة غير السارة المتمثلة في تسريح الموظفين. في حين أن هذه الخطوات غالباً ما تكون ضرورية لإنقاذ الشركة وحماية حياة موظفيها الباقين، إلا أنها قد تترك المديرين التنفيذيين يشعرون بالذنب. هل هذا الشعور بالذنب مبرر، أم أنه يقوض القيادة الفعالة؟ الحقيقة هي أن المديرين هم أمناء على الشركة، مسؤولون عن صحتها وبقائها. خلال فترات الركود الاقتصادي أو المنافسة الشديدة، قد تكون الإجراءات القاسية الخيار الوحيد الممكن لتجنُّب الانهيار الكارثي. وفي حين أن عمليات التسريح مؤلمة بلا شك، إلا أنها قد تكون خياراً أفضل من البطالة الهائلة الناجمة عن فشل الشركة. كان الشعور بالذنب ،سيكون أكبر لو انهارت الشركة بأكملها. فبدلاً من الشعور بالذنب لتسريح القليلين، عليه أن يشعر بالذنب تجاه مسؤولية تسريح جميع الموظفين وخيانة ثقة المالكين والمساهمين في الشركة. قال الله تعالى في محكم كتابه، "وفي السماء رزقكم وما توعدون"، وقال تعالى، "إن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، إنه كان بعباده خبيرا بصيرا". الله عزّ وجلّ تكفَّل برزق البشر، ولا دخل للبشر في تقدير هذه الأمور. فلا يجب لصديقي هذا أن يشعر بالذنب أوفى حقوق العاملين كاملة، عندها لا يكون عليه شيء. وما أُغلق باب ، إلا وفتح الله أبواباً كثيرة للرزق.