أعلن معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف البنيان بعد حضوره جلسة مجلس الشورى أن الفصول الدراسية الثلاثة تحت الدراسة وأن الوزارة ستبتّ في الأمر قريباً. يجدر بالذكر أن هذه التجربة في عامها الثالث وصاحب إقرارها غربلة كبيرة للخطط الدراسية في التعليم العالي والتعليم العام رغم أن معظم مؤسسات التعليم العالي قد عادت أدراجها إلى نظام الفصلين الدراسيين، وربما هذا مؤشر لقراءة الموقف الذي ستتخذه الوزارة في العام الدراسي القادم. قد تكون زيادة عدد أيام الدراسة هو الهدف من تطبيق تجربة الفصول الثلاثة لأن نتائج الطلاب في الاختبارات الدولية، بحسب تصريح الوزارة قبل ثلاث سنوات، لا ترقى إلى المستوى المأمول بالمقارنة مع الدول الأخرى. هناك سؤالان مهمّان في هذه القضية يحتاجان إجابة أولاهما: هل إطالة أمد الدراسة تساهم في تحسين مستوى الطلاب؛ وثانيهما: هل أداء الطلاب في الاختبارات الدولية يدل على ضعف النظام التعليمي؟ بالنسبة للسؤال الأول، قرار إطالة أمد الدراسة يعتمد على ادعاءات شعبية شائعة قديمة اصطلح على تسميتها "فقدان التعلم خلال الإجازة الصيفية" لكن البحث التربوي يقول إنه لا توجد دراسة واحدة تثبت أن هناك أي تأخر في التعلّم خلال الصيف، وإنما جاءت هذه الادعاءات، التي تبدو في الظاهر منطقية لأن الطالب لا يبقى داخل أسوار المدرسة يتلقّى محتوى تعليميا مكثفاً، بسبب الدراسات التي تعزو الانخفاض في مستوى التعليم إلى الضعف في درجات الاختبارات المعيارية التي تقيس أشياء لا علاقة لها بالتعليم والتعلّم. الدراسات التربوية التي تبحث فقدان التعلم خلال الإجازة الصيفية قديمة ولعل أشهرها الدراسة التي قدمها هاريس بوكر وزملاؤه في جامعة ديوك، لكن هذه الدراسة تتعلق بأثر الإجازة في الصيف على درجات الطلاب في الاختبارات التحصيلية، وليس التعلّم. هناك، في الطرف الآخر، من يعتقد أن التفكير لا يتراجع خلال قضاء الطالب إجازته في الصيف، بل إنه يتحسّن ويزداد وينمو إلى الدرجة التي طالب فيها بيتر جري، من كلية بوسطن، استنادا إلى نتائج البحث التربوي بزيادة مدة الإجازة الصيفية إذا أردنا تنمية مهارات التفكير. الإجازة الصيفية فرصة للطالب أن يعيش الحياة الحقيقية ويطبق ما تعلّمه في سياق حقيقي بعيداً عن سور المدرسة فلماذا نحرم الطلاب هذه الفرصة الحقيقية في الحياة والتعلّم والنمو؟ بالنسبة للسؤال الثاني، يؤكد البحث التربوي على حقيقة أن أداء الطلاب في الاختبارات المعيارية لا يعكس جودة التعلّم؛ بل إن الاستمرار في عقد هذه الاختبارات بكثافة والإعداد لها طوال العام الدراسي، وخاصة تلك الاختبارات التي تعقدها مؤسسات لا علاقة لها بالمدرسة أو التي لا يقوم المعلم بإعدادها داخل صفّه ومدرسته، من الأخطاء التي يحذّر منها الأدب التربوي. بغض النظر عن الترتيب في سلّم الاختبارات المعيارية، يدرك التربويون أنه ليس كل ما يتم تدريسه يتعلّمه الطالب، وليس كل ما يتعلّمه يتذكّره جيداً، وليس كل ما يتذكّره يمكن استخدامه. الأشياء التي يتعلّمها الطالب جيداً ويتذكّرها ويستخدمها هي تلك التي يواجهها ويتفاعل معها في الحياة الحقيقية. لنترك له مساحة يتنفّس فيها ويفكّر وينمو ويُخضع ما تعلّمه في المدرسة للاختبار الحقيقي خارجها.