حذّر العاملون في المجال الإنساني بالأممالمتحدة من أن ما يزيد عن نصف مليون شخص من سكان قطاع غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة. جاء ذلك خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، خصصها لبحث أزمة انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، بناءً على طلب تقدم به مندوبا سويسرا وغويانا، في إطار بند جدول أعمال المجلس بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة. وقال نائب رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، راميش راجا سينغهام، للسفراء: إن الوضع في غزة خطير حيث تُرك جميع السكان عملياً يعتمدون على المساعدات الغذائية الإنسانية غير الكافية للبقاء على قيد الحياة"، محذّراً من أن الوضع سيزداد سوءاً. وأضاف أن العمليات العسكرية وانعدام الأمن والقيود الواسعة النطاق على دخول وتسليم السلع الأساسية أدت إلى تدمير إنتاج الغذاء والزراعة. وقال سينغام: يحذر خبراء الأمن الغذائي من انهيار زراعي كامل في شمال غزة بحلول شهر مايو إذا استمرت الظروف، مع تضرر الحقول والأصول الإنتاجية أو تدميرها أو تعذر الوصول إليها. وأضاف: لم يكن أمام الكثيرين خيار سوى التخلي عن الأراضي الزراعية المنتجة بسبب أوامر الإخلاء والنزوح المتكرر. وتابع أن العدوان الإسرائيلي تسبب في نقص واسع النطاق وأضرار جسيمة في البنية التحتية للمياه وندرة المنتجات وحتى فرص صيد الأسماك إلى جانب تزايد الجوع وخطر المجاعة الذي يلوح في الأفق، داعياً إلى إيجاد حلول لزيادة وصول المساعدات الإنسانية. وتابع أن خطر المجاعة إزداد بسبب عدم توفر الماء والغذاء والصرف الصحي، بالإضافة إلى غياب المأوى والذي أدى إلى انتشار الأمراض في ظل البرد القارص. وأكد أن تعليق تمويل وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" يشكّل تحديات إضافية على توفير ما يكفي من المساعدات، مشيراً إلى أن 1.7 يعيشون في مراكز إيواء عامة ومراكز تديرها الأونروا. وفي إحاطته، رسم نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ماوريتسيو مارتينا، مشهداً قاتماً في غزة في وقت يعاني فيه ما لا يقل عن 378,000 من سكان القطاع من أشد مراحل انعدام الأمن الغذائي الحاد. وحذر من أن النتائج الرئيسية مثيرة للقلق، مقدماً عينة من التأثير الشديد للعدوان، من قطاع صيد الأسماك المدمر، الذي كان يوفر سبل العيش لأكثر من 100 ألف من سكان غزة، إلى نفوق الماشية على نطاق واسع بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية أو نقص المياه وإمدادات الأعلاف. وأضاف أنه ابتداءً من 15 فبراير، تم تقييم أن 46.2 % من جميع الأراضي الزراعية قد تضررت، مشدداً على أن البنية التحتية الزراعية قد دمرت، مع أعلى مستويات الدمار بما في ذلك مزارع الأغنام والألبان. وقد تم تدمير أكثر من ربع الآبار، وكان الدمار الأكبر في شمال غزة ومدينة غزة، كما تم تدمير 339 هكتاراً من الدفيئات الزراعية، وكان أشدها في مدينة غزة وشمال غزة وخان يونس. وقد تأثر حصاد الزيتون والحمضيات، الذي يوفر مصدراً مهما للدخل، بشدة بسبب العدوان. وأضاف أنه في الوقت نفسه، فإن القيود الإسرائيلية الصارمة المفروضة على توصيل المساعدات جعلت من المستحيل تنفيذ عمليات إنسانية ذات معنى. وقال مارتينا إن وقف إطلاق النار واستعادة المجال الإنساني لتقديم المساعدة متعددة القطاعات واستعادة الخدمات هي خطوات أولى أساسية في القضاء على خطر المجاعة. بدوره، حذّر نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو من أن المجاعة "وشيكة" في شمال قطاع غزة، حيث لم تتمكن أي منظمة إنسانية من تقديم المساعدات منذ 23 يناير. وقال في إحاطته أمام مجلس الأمن: إذا لم يتغير شيء، فإن المجاعة ستكون وشيكة في شمال غزة. وأوضح سكاو: قبل السابع من أكتوبر الماضي كان ثلثا سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الغذائية والآن هذه المساعدات مطلوبة لكل سكان القطاع. وأضاف أن غزة تشهد الآن أسوأ مستويات الأمن الغذائي، وخطر المجاعة يزداد بسبب عدم القدرة على توفير المساعدات بصورة كافية. وتابع أن ظروف العمل في مجال تقديم المساعدات ميدانيًا صعبة وخطيرة للغاية، كما أن شاحنات المساعدات واجهت عوائق في العبور وتعرضت لإطلاق النار كذلك، لذلك اضطررنا لتعليق عملنا بسبب الظروف الصعبة والخطر على الموظفين. وقالت مندوب غويانا، التي ترأس بلادها مجلس الأمن لهذا الشهر: إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أسهم بارتفاع نسب الجوع والمرض، التي بدورها ستؤدي إلى تحديات بدنية وذهنية تعود بشكل سلبي على جيل كامل. وتطرقت إلى تأثير العدوان على الأراضي الزراعية في القطاع، وتدمير الإنتاج والزراعة والبنية التحتية الزراعية، مشيرةً إلى أن الوضع سيزداد سوءاً إذا استمر العدوان لفترة أطول.